الأب ليون شاهد مريم العذراء مرة واحدة في مديوغوريه قبل أن يصبح كاهناً وأعطته رسالة لينقلها الى جميع البشر
الأب ليون بيرييرا كاهن من سنغافورة يعيش اليوم في مديوغوريه وينقل الرسالة التي أعطته إياها السيدة العذراء حينما رآها على جبل الصليب. يلبّي رغبة الحجّاج الذين يطلبون منه سرد الوقائع التي عاشها في زيارته الأولى الى مديوغوريه بينما كان عمره 20 سنة:
الأب ليون: “سمعت لأول مرة عن مديوغوريه عام 1983، قرأت عنها في كتاب خاص بالأمور الفائقة الطبيعة. بين فصل عن الأجسام الغريبة الطائرة وآخر عن أحداث لا تُفسّر، كان هناك فصل عن مديوغوريه. في سينغافور وطني، لدينا تقليد أن يكتب المتقدّم من سرّ التثبيت، مقالاً روحياً. اخترت أن أكتب عن مديوغوريه. أعترف أن مديوغوريه هي من جذبتني الى الإيمان. عندما بلغت السابعة عشرة أُرسِلت الى الخدمة الوطنية. كنت من جيش المشاة. أثناء التدريب العسكري أصبت في ظهري وكُسر عمودي الفقري في مكانين. واستغرق شفائي 14 شهراً.
وصلت الى مديوغوريه للمرة الأولى عام 1993، جئتها برفقة والدتي ومجموعة من الحجّاج. في البداية كان الفريق دائم النظر الى السماء، بحثاً عن معجزة الشمس، لكني رفضت أن أنظر مثلهم، إذ اعتبرت ذلك تجربة للرب، فيسوع قال: لا تجرّب الرب إلهك”.
فعلت كل الأمور التي يجب على الحاج في مديوغوريه أن يفعلها: صعدت تلّة الظهورات، تسلّقت جبل الصليب، شاركت يومياً بالذبيحة الإلهية، اعترفت وتناولت القربان الأقدس وشاركت أيضاً في ساعات السجود المميزة الخاصة فقط بمديوغوريه. لم أبحث عن معجزة الشمس. وأعترف اني منذ ذلك الحين شاهدتها مراراً كثيرة بحيث لم أعد أرفع رأسي عندما تحدث.
يومين قبل انتهاء الزيارة، أراد كيفين صديقي الذي يصغرني بعام، الصعود فجراً الى جبل الصليب، لتصوير شروق الشمس من أعلى الجبل. بدأنا الصعود الساعة 4:00 فجراً. من بعيد شاهدنا نوراً برتقالياً كرويّاً يشعّ أعلى الجبل. تلونا الوردية أثناء صعودنا، وكان هذا النور يظهر ويختفي. عاد النور مجدّداً وكان أكبر من قبل وأكثر إشراقاً، وكنا قريبين منه لدرجة أننا استطعنا أن نرى ما هو هذا النور. فتوقّفت مصدوماً ولم نقل شيء.
لمدة سنوات، لم نتحدّث عن الموضوع سوى مع بعضنا البعض. حصل ذلك بعدما عدنا الى سينغافور، اتّصلت يوماً بكيفين وقلت له: “هل تتذكر ذلك الصباح؟” أجابني: “كيف يمكن أن أنسى”. فقلت له: “أكتب على ورقة ما تعتقد أنك شاهدت وأنا سأفعل الشيء ذاته.” بهذه الطريقة لن نؤثّر على بعضنا البعض.
كلانا وصف نفس الشيء: كان النور بهيئة صبية جميلة، على رأسها طرحة تنزل حتى قدميها، وكانت ترتدي ثوباً بسيطاً وكل المشهد كان مغموراً بنور ذهبي مشرق ولامع.
بالنظر إليها أدركتُ مبلغ الحبّ الهائل التي تكنّه لي. محبّة شخصية ومباشرة. نظرت إليّ كأني الشخص الوحيد في الكون بأسره، وهي تحبّني حبّاً عظيماً وشديداً. كان ذلك رائعاً. في تلك اللحظات لم أعرف من أنا وأين أنا ومن أين أتيت. عرفت فقط أنني أنظر الى أجمل فتاة رأيتها في حياتي. كانت تبدو في السادسة عشرة من عمرها، ولا تشبه بتاتاً أي من صور العذراء أو تماثيلها. لن أصفها أبداً كامرأة. ثم أختفت.
أكملنا صعود الجبل، وعند لوحة المرحلة الثانية عشر من درب الصليب استدرنا نحو تلّة الظهورات، وهناك شاهدناها ثانية. يداها ممدوتان كما في أيقونة الحبل بلا دنس. عند وصولنا الى الصليب، كان هناك زوجان في ال60 من عمرهما. لم نقل لهما شيئاً عمّا شاهدناه، فقط عن النور، لكنهما لم يريا شيئاً.
بعد أن نزلنا من الجبل توجّهنا الى الكنيسة. أخذ كيفين يلتقط الصور، وأنا توجهّت الى تمثال العذراء الذي على يمين المذبح. هناك حدث أمر آخر. سمعت صوتاً في داخلي. صوت نسائي في غاية اللطف والرقّة: “هل أنت سعيد لأنك رأيتني؟”
“نعم، سعيد جداً… من أنت؟”
“أنا أمّك! وأريدك أن تخبر كل من تلتقي بهم أنني أمّهم وأحبّهم”.
هذا الحديث كان قلبياً. لكنها جعلتني أشعر بالأحاسيس المرافقة لكلامها. من الصعب جداً أن أصف الحديث. فعندما قالت “أنا أمّهم” جعلتني أدرك كما لو أنها ولدت جسدياً كل واحد منا. كأنها تقول: “هذا لي، وهذا لي، وهذا لي…” انه ادعاء قوي. وعندما قالت “أحبّهم جميعاً” غمرتني بهذا الحبّ لتريني كيف تُحبّ. شعرت بانخطاف . إنه حبّ غامر، قوي للغاية. هي تحبّ كل واحد منا كأنه طفلها الوحيد ولا يوجد غيره، هكذا تنظر الى كل واحد منا. لا أعلم كيف تفعل ذلك. كنت مغموراً بالحبّ لدرجة البكاء، لقد رأيتها وسمعتها. ووددت لو أني أموت في تلك اللحظة لكي أذهب معها.
بعد ذلك، بقيت صامتاً لعدة سنين. واليوم أصبحت كاهناً. لم تطلب مني العذراء القديسة أن أصبح كاهناً ولم تحدّثني عن دعوتي، فقد عرفتها لاحقاً. اليوم، أريد أن أطيع أمي العذراء وأقول للجميع ما طلبته مني: “أنا أمّك! وأريدك أن تخبر كل من تلتقي بهم أنني أمّهم وأحبّهم”.
في الحقيقة لا يهمني إن كنتم لا تصدّقوني حينما قلت لقد شاهدت السيدة العذراء. قد يعتقد البعض أن هذا جنون. لا يهمني! لكن ما أريد أن تصدّقوه هو أن السيدة العذراء تحبّكم! وتنظر الى كل واحد منكم كانه طفلها الوحيد في الكون بأسره. تحبكم بقوة وعنف وعمق لا يمكن إدراكه. كل شيء آخر لا يهم.
رؤيتها مرّة واحدة له أثرَين في حياتي. الأول: كل شيء في الحياة مملّ وتافه. الأشياء الأكثر إثارة في العالم أصبحت تافهة ولا أهمية لها. والثاني: لا أخاف الموت أبداً! بل أنتظره بحب وصبر. عندما يقول لي أحد الناس أنه مريض بالسرطان وبقي له أشهر عديدة، أقوم بعملي ككاهن وأحاول منحه التعزية وتقويته ومساعدته في الإستعداد للموت. لكن في نفسي أقول “كم أنت محظوظ! سوف تراها!” لو أُعطيتُ أن أختار، فسأختار أن أذهب مكانه. فبعد رؤية أمّ الله لا أدري كيف يمكن أن يُغرم إنسان بشيء آخر!