ظهورات مريمية

فرانسيسكو “مُعزّي يسوع المخبّأ” ماذا كتبت لوسيا في مذكراتها عن رائي فاطيما الصغير

بفرح كبير، احتفلت الكنيسة في 13 ايار 2017 بتقديس إثنين من رؤاة فاطيما : فرانسيسكو  وجاسينتا اللذان عاشا رسائل السيدة العذراء ببطولة وحماس كبير من أجل خلاص النفوس. فيما يلي فقرات عن الصغير فرنسيسكو من كتاب مذكرات الرائية الثالثة لوسيا. اخترناها لكم لكي نتعرّف أكثر اليه بما أنه غدا قدّيساً في السماء يتشفّع فينا:

 

كان فرانسيسكو قليل الكلام، ومن أجل تلاوة صلاته وتقدمة تضحياته، كان يحبّ الاختباء، حتى مني ومن جاسينتا. كنا أكثر من مرة نفاجئه خلف حائط أو دغل حيث كان ينزوي مختبئاً، على ركبتيه من أجل الصلاة أو التفكير في ربنا، شديد الحزن بسبب الكثير من الخطايا كما كان يقول عندما كنت أسأله:
– فرانسيسكو ، لماذا لا تطلب إليّ وإلى جاسينتا أن نصلّي معك؟ كان يجيب:
– أفضّل الصلاة وحيداً من أجل التفكير بربّنا الذي هو شديد الحزن ومؤاساته!
ذات يوم سألته: “ما الذي تحبّه أكثر، مؤاساة ربّنا أم إهداء الخطأة كي لا يتبقّى نفوس تذهب الى الجحيم؟”
– أفضّل مؤاساة ربّنا. ألم تلاحظي كم أن السيّدة العذراء أصبحت حزينة في الشهر الأخير عندما قالت لنا أنه يجب التوقّف عن إهانة ربّنا، لأنه أهين كثيراً حتى الآن؟ أودّ مؤاساة ربّنا، وبعدها إهداء الخطأة لكي لا يهينوه من جديد.

 

حينما كان يذهب الى المدرسة، كان يقول لي في بعض الأحيان عند مجيئه الى فاطيما: “اذهبي أنت الى المدرسة. أنا سأبقى هنا في الكنيسة قرب يسوع المخبّأ. فلا حاجة لي لتعلّم القراءة إذ خلال وقت قصير سأذهب الى السماء وعندما تعودين ناديني من هنا”. كان القربان المقدّس حينها عند مدخل الكنيسة شمالاً: كان يتّخذ مكاناً بين أجران المعمودية والمذبح حيث كنت أجده عندما أعود. (كان القربان المقدّس موجوداً هناك بسبب الأعمال القائمة في الكنيسة). وفي حال مرضه، كان يقول لي أحياناً ، عندما أمرّ بمنزله وأنا ذاهبة الى المدرسة:
– إذهبي الى الكنيسة وقدّمي الى “يسوع المخبّأ” كل تحيّاتي. إن أكثر ما يؤسفني هو عدم قدرتي على الذهاب والبقاء عدّة دقائق معه.

ذات يوم، لدى وصولي بالقرب من منزله، استأذنت مجموعة أطفال من المدرسة، كانوا آتين برفقتي ودخلت لكي أزوره هو وأخته. بما أنه سمع ضجّة، سألني:
– كنتِ آتية مع كل هؤلاء
– نعم.
– لا تذهبي معهم! يمكن أن تتعلّمي اقتراف الخطايا. فعندما تخرجين من المدرسة، إذهبي لقضاء برهة قرب يسوع المخبّأ ثم ارجعي وحدك بعد ذلك.
سألته ذات يوم:
-فرانسيسكو ، أتشعر بألم شديد؟
– نعم، لكنني أتألم من أجل مؤاساة ربّنا.
ومرة، عند دخولنا أنا وجاسينتا الى غرفته، قال لنا:
– إختصرا الكلام اليوم، فأنا أشعر بألم حاد في رأسي.
– لا تنس أن تقوم بالتقدمة للخطأة.
قالت له ذلك جاسينتا.
– نعم، ولكن أولاً أقدم هذا من أجل مؤاساة ربّنا والسيّدة العذراء، بعد ذلك من أجل الخطأة والأب الأقدس.
ذات يوم، عندما وصلت، وجدته سعيداً جداً.
– هل تحسّنت؟
– لا. أشعر بحال أسوأ بكثير. بقي لي القليل من الوقت لكي أذهب الى السماء. فهناك سأواسي كثيراً ربّنا والسيّدة العذراء. أما جاسنتا فستصلّي كثيراً من أجل الخطأة والأب الأقدس ومن أجلك. وأنت ستبقين هنا لأن السيّدة العذراء تريد ذلك. إفعلي كل ما تطلبه منك.
بينما كانت جاسينتا تبدو مهتمة بفكرة إهداء الخطأة والمحافظة على النفوس لئلا تذهب الى الجحيم، كان هو يفكّر فقط بمؤاساة ربّنا والسيّدة العذراء اللذَين بديا له شديدي الحزن.

في صباح يوم باكر، جاءت أخته تريز لتناديني:
– تعالي بسرعة! فرانسيسكو بحال سيّئة جداً ويقول بأنه يريد أن يطلعك على شيء!
ارتديت ثيابي بسرعة وذهبت إليه. طلب الى أمه وإخوته الخروج من الغرفة لأنه كان يريد أن يطلعني على سرّ. عندما خرجوا قال لي: “أريد أن أعترف كي أتناول وأموت بعد ذلك. أريدك أن تقولي لي إن كنتِ قد رأيتني أقوم بأي خطيئة وبأن تذهبي وتسألي جاسينتا إن كانت قد رأتني أقوم بأي منها. فأجبته:
– لقد عصيت أمك بعض الأحيان، عندما كانت تقول لك أن تبقى في المنزل بينما كنت تهرب لكي تأتي إليّ أو لتذهب وتختبئ.
– هذا صحيح، لقد اقترفت هذه الخطيئة، الآن إذهبي واسألي جاسينتا إذا كانت تذكر شيئاً آخر.
ذهبت إليها وبعد أن فكّرت أجابتني:
– قولي له أنه قبل ظهورات السيّدة العذراء، سرق مالاً من والدي لكي يشتري هرمونيكا من خوسي مارتو من كازافيلا وأنه لما اقذف صبيان ألجوستريل الحجارة على صبيان بوليروس، شاركهم في الرمي.
عندما أدليت له بما قالت أخته، قال لي:
– لقد سبق واعترفت بهذه الخطايا ولكنني سأعترف بها من جديد. قد يكون ربّنا حزيناً جداً بسبب هذه الخطايا التي اقترفتها. ولكنني حتى لو لم أمت، فلن أقترفها من جديد، وانا الآن نادم عليها.

 

في اليوم التالي قضيت اليوم بأكمله تقريباً برفقة ياسنت قرب سريره. وبما أنه لم يعد قادراً على الصلاة، طلب إلينا أن نتلو السبحة الوردية من أجله… عندما تركته كان قد خيّم الليل.
– فرانسيسكو، وداعاً! إذا ذهبت الى السماء هذه الليلة، فلا تنسني فوق، أفهمت؟
– لا، لن أنساكِ! إهدئي.
وأمسك بيدي اليمنى، ثم شدّ عليها بقوة لبعض الوقت وهو يحدّق فيّ والدموع تترقرق في عينيه.
– هل تريد شيئاً بعد؟ سألته ذلك والدموع تسيل أيضاً على وجنتيّ.
– لا. قال ذلك بصوت متقطّع.
بما أن المشهد صار مؤثّراً جداً، أخرجتني عمّتي من الغرفة.
– إذاً وداعاً يا فرانسيسكو! أراك في السماء!
– وداعاً! أراكِ السماء!…
دنا وقت ذهابه الى السماء، فطار في اليوم التالي، بين ذراعي أمنا السماوية.

 

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق