شهر مع العذراء مريم – اليوم السادس عشر
شهر مع العذراء مريم – اليوم السادس عشر
«يا مريمُ القدّيسة، يا والدةَ الله، اِحفظي فيَّ قلبَ الطِّفل طاهراً شفَّافًا كماءِ اليَنبوع، اُطلبي لي قلباً بسيطاً، لا يستسيغُ الأحزان، قلباً متسامياً في بذلِ ذاته، حنوناً رؤوفاً. قلباً أميناً سخيّاً، لا ينسى أيَّ خير، ولا يحقُدُ لأيِّ شرّ.
اِمنحيني قلباً وديعاً متواضعاً، يُحبُّ ولا يطلبُ المقابل، يفرحُ لاحتِجابه في قلبٍ آخَر، قلبِ ابنِكِ الإله. قلباً عظيماً جَموحاً لا يُغلِقُه نُكران الجميل، ولا تُخيِّبُه اللامبالاة. قلباً شغوفاً بمجدِ يسوع المسيح، قلباً جَرحَهُ حبُّ يسوع، فلا يلتئمُ جَرْحُه إلاَّ في السَّماء. آمين».
«هي الَّتي أَحبَبتُها والتَمَستُها مُنذ حَداثَتي وسَعَيتُ أَن أتّخِذَها لي عَروساً وصِرتُ لِجمالِها عاشِقًا. نُظهِرُ أَصلَها الكَريمَ باشتِراكِها في حَياةِ الله وقد أَحبَها سَيِّدُ الجَمَيع. فهي مُطَّلِعَةِّ على عِلْمِ اللهِ والمُتَخَيِّرةُ لأعمالِه».
في رسائلها في مديوغوريه
«أولادي الأحبة ، بحب أمومي أتوسّل اليكم، أحبّوا بعضكم البعض. ليكن في قلوبكم، كما اشتهى ابني منذ البداية، الحب للآب السماوي ولقريبكم في المكان الأول – فوق كل شيء آخر في هذه الحياة .اولادي الأعزاء، ألا تتعرّفون على علامات الأزمنة؟ ألا تتعرفون انّ كل هذه الأشياء التي حولكم، والتي تحدث، هي بسبب عدم وجود الحبّ؟ إفهموا ان الخلاص هو في القِيَم الحقيقية.
إقبلوا قوّة الآب السماوي، أحبّوه وكرّموه . امشوا في خطى ابني . انتم، يا اولادي ، يا رسُلي الأعزّاء، انتم دائما تجتمعون حولي من جديد، لأنكم عطاش .عطاش الى السلام، الى الحبّ والسعادة. إشربوا من يديَّ. يداي تقدّم لكم ابني الذي هو نبع الماء الصافي».
القدّيس ألفونس دي ليغوري
«العذراء ملكة، ولكنها ليست ملكة العدالة التي تقتضي منها وظيفتها معاقبة المسيئين، بل هي ملكة الرحمة، ومهمّتها الوحيدة هي أن ترأف بالخطأة، وأن تنال لهم الغفران. فقد شاء الله أن تمرّ بيديها كل النِعم التي يُغدقها على البشر.
ما من خاطئ مهما أمعن في الإجرام، يهلك إن حمته مريم.
لا يظهر في شخصها أي مظهر رهيب أو صارم، ولا تبدي لمن ينشدها سوى الرقّة والعطف، وتقدّم له لبن الرحمة كي توطّد ثقته، وصوف حمايتها الواقعية من صواعق العدالة الإلهية».
عذراء صدنايا تشفي امرأة كسيحة
كانت مريم، كسيحة لا تقوى على القيام أو الجلوس ولا على الحركة، بسبب الإنحلال في ظهرها ما جعلها تتألّم كثبراً من ظهرها وخاصرتها حتّى قدميها. وكان لها من العمر اربعون عاماً.
ذات يوم، في الثاني والعشرين من آيار سنة 1924، عزمت مريم أن تذهب الى دير القدّيسة تقلا في معلولا، وهي معروفة بعجائبها. فانطلقت برفقة زوجها اليه، ولمّا وصلا، نامت ليلة في الدّير، الا انّ اوجاعها زادت، فما عادت تستطيع تحمّل الألم.
فنهضت في الصّباح وأشارت الى زوجها لينظر الى أعلى التّلّة، حيث تمثال سيّدة صيدنايا. وللحال طلبت ان يأخذها الى السيّدة العذراء، ففعل.
وفيما هم في منتصف الطّريق، أنزلها زوجها عن الدّابة ليسقي الحيوان ماءً، فقالت له : “إدفنّي هنا، فحياتي دنت نهايتها”.
إلا انّ زوجها لم يسمع كلامها، فربطها الى ظهر الدابة من جديد، وسار بها. وما أن وصلوا مع اهلها الى بستان دير السّيّدة، شعرت بقوّةٍ رهيبةٍ في جسدها، فزال وجعها. وراحت تطلب منهم ان ينزلوها عن الدّابة ويتركوها تمشي. فلم يستمع احد لكلامها، ظنّاً منهم أنّها تهذي.
أمّا مريم، فحلّت رباطها ووضعت قدميها على الأرض، وما إن خطت الخطوة الأولى حتّى لحقتها بالثانية والثالثة، حتّى انها ركضت، فذهل أهلها وزوجها لما رأوا. ولمّا وصلت باب الدير نشيطة، راحت تخبر المصلّين والراهبات ما حدث معها، فأقاموا الصلاة لأجلها، شاكرين العذراء على نِعمها.
«بما أن مريم هي بين الخلائق كلّها الأوثق توافقًا مع يسوع المسيح، فإنّ كل من الممارسات التقويّة، تلك التي تُكرّس نفسًا للربّ وتجعلها على توافق معه، هي تكريم العذراء مريم، أمّه القدّيسة. وبقدر ما تكون النفس مكرّسة لمريم، تكون أكثر تكريسًا ليسوع المسيح». (لويس دي مونفور)
«أيتها العذراء مريم، إجتذبيني في إثرك، وليَجعلني شذا عطرك أسعى في خطاكِ. إجتذبيني، فإني أشعر أنني مقيّد بوقر خطاياي، وبخُبث أعدائي. ومثلما لا يأتي أحد إلى ابنك، إن لم يجتذبه الآب، أتجرّأ على القول، أيضًا، أن لا أحد يأتي إليه، ما لم تجتذِبه صلواتكِ. فأنتِ تلقّنين الحكمة الحقيقية، وأنتِ من ينال للخطأة النعمة، إذ أنكِ محاميتهم. وأنتِ تعدين بالمجد من يُكرّمونكِ، إذ أنكِ كنز الله، والقيّمة على النِعم.».