أخبار ومعجزات مديوغوريه

كل ما أردتم معرفته عن مديوغوريه، والحقيقة الكاملة عن موقف الكنيسة من الظهورات بالأدلّة والمصادر!

ما هو وضع مديوغوريه وكيف نعرف موقف الكنيسة من الظهورات ؟ كيف تبحث الكنيسة في صحّتها؟ ماذا كان دور البابا بنديكتوس  في بداية الظهورات؟ هل يوجد بين المؤيدين لاهوتيين وخبراء في الظهورات المريمية؟  ما هو تأثير “التصريح المزلزل” للأسقف بيريك على مستقبل مديوغوريه؟ وكيف علينا أن نتصرّف نحن المؤمنون؟

(الجزء الأول)

الكثير من المسيحيين سألوا ما هي مكانة مديوغوريه داخل الكنيسة – اذا ما تمّت الموافقة على ظهورات العذراء فيها أم إدانتها. مثل كل الظهورات، الكنيسة لن تعطي موافقة كاملة حتى تتوقّف الظهورات. في غضون ذلك، غالباً ما يريد الناس أن يعرفوا ما هي الصيغة التي تستخدمها الكنيسة في تحقيقاتها لتحديد ما اذا كان الظهور حقيقي.

 

الكنيسة تحقّق وتبحث في ثلاث فروع معلوماتية عند تقييمها لأي ظهورات:

1) هل الرسائل تتعارض مع الكتاب المقدس او التقليد الكنسي؟

2) هل هناك أمور تفوق الطبيعة تحدث في موقع الظهورات أو نتيجة عنها؟

3) هل هناك ثماراً أو ارتدادات وتوبة ناتجة عن الظهورات؟

 

كتابات عِظام اللاهوتيين و موقف الكنيسة من الظهورات

فيما يتعلّق بالسؤال الأول، الكثير من اللاهوتيين الملحوظين ومسؤولين في الكنيسة وصلوا الى مديوغوريه ليحكموا على صحّة الرسائل. أحد أكثر اللاهوتيين الموقّرين كان الأب رينيه لورنتين. لورنتين معترف به عالمياً على أنه أحد أعظم لاهوتيي القرن العشرين، ومؤلّف أكثر من 150 كتاباً و1000 مقال علمي في اللاهوت، تفسير الكتاب المقدّس والظهورات المريمية. كتابه “هل تظهر العذراء مريم في مديوغوريه؟” أصبح الأساس والمرجع  لكل أولئك الذين يبحثون عن فهم أحداث مديوغوريه بوضوح. يقول في كتابه بعد تحقيق لاهوتي شامل في أحداث ورسائل مديوغوريه “لا توجد مشاكل عقائدية في مديوغوريه”.[1]

 

لاهوتي آخر، الأب مايكل أوكارول، درس الأحداث وتوصّل الى الخلاصة أن الرسائل هي قويمة تماماً. كتابه “مديوغوريه: حقائق، وثائق ولاهوت” يحتوي على البيان: “بعد دراسة حقائق مديوغوريه في الكتب وفي مديوغوريه، أنا مقتنع تماماً في صحّة هذه الظهورات”. [2] هو يستشهد أيضاً بأعمال الأب لورنتين ويتبنّى قول اللاهوتي الشهير “لا توجد مشاكل عقائدية في مديوغوريه” [3] … أخيراً، في مقابلة أجراها الأب ريتشارد فولي مع الكاردينال هانس أورس فون بالثازار، الحاصل الأول على جائزة بولس الساس في اللاهوت، وأحد عمالقة القرن العشرين في اللاهوت المريمي، قال الكاردينال: “لاهوت مديوغوريه صحيحاً، أنا مقتنع بحقيقته”.[4]

 

على الرغم من كل تصريحات هؤلاء اللاهوتيين المشهورين، الأسقف المحلّي العادي (ليس لاهوتياً) زانيك، الذي كان في البداية مؤمناً بصحة الظهورات، وتحوّل لاحقاً الى معارض لها. أصبح عدائياً لدرجة أن أن رئيس أساقفة أبرشية مجاورة، بالإضافة الى كبار الشخصيات الأخرى، حثّه الى ضبط النفس  مستعملاً أقوى العبارات الممكنة بين ألأساقفة. كما كتب الكاردينال فون بالثازار رسالة شديدة اللهجة الى الأسقف زانيك جاء فيها: “يا إلهي، كم هي محزنة الوثيقة التي أرسلتها الى جميع أنحاء العالم! لقد آلَمني يشدّة رؤية تدهور مكتب أسقفي على هذا النحو” وأضاف: “إنّك توجّه اتّهامات  تمّ دحضها مئات المرّات”. [5] وتدخّل الفاتيكان أيضاً: أُرسِل بلاغ الى  الأسقف زانيك من مكتب وزير خارجيّة الفاتيكان في نيسان 1985، يقول له بعبارات لا لبس فيها أن ” يوقف نشر التصريحات الشخصية”.[6] لم يكن ذلك من باب الصدفة أن يُسمّي الفاتيكان تصريحات الأسقف مجرّد  “تصريحات شخصيّة” في طبيعتها.

بدا أن الأسقف زانيك، بالرغم من واجب الإلتزام بالطاعة، لم يرضخ لتعليمات الفاتيكان. رأى البعض أنّ عدائيّته التي كانت غير متسامحة أصبحت مزعجة ومثيرة للقلق. في إحدى المقابلات  اقترح الأسقف زانيك أن ظاهرة مديوغوريه بأكملها ليست سوى مطامع كهنة يحاولون جمع الأموال. وذهب الى حدّ القول أن السبب الذي جعله يعارض الظهورات هو أنّ جميع الآخرين الذين يدعمون الظهورات قد تلقّوا الرشاوي من كهنة مديوغوريه الفرنسيسكان. “الأمر كله يتعلق بالمال”، كما أعلن لSacerdos، صحيفة أبرشية ليون، المكسيك. “إنهم (الفرنسيسكان) يجمعون مبالغ طائلة من المال يشترون الصحفيين، يشترون اللاهوتيين، يشترون الدعاية، يشترون كل شيء”.[7]

 

لم يكن الفاتيكان بمعزل عن هذه الأحداث، او عن تصريحات الأسقف العامّة . في حين أن الفاتيكان يتعامل دائماً بحكمة وحذر فيما يتعلّق باتّخاذ الإجراءات ضد الأساقفة، إلّا أنه تصرّف بحزم وقوّة في مسألة الأسقف زانيك.

في عام 1986 قدّم الأسقف تقريراً سلبيّاً ينفي صحّة الظهورات الى الكاردينال جوزيف راتزينغر رئيس مجمع العقيدة والإيمان في الفاتيكان ولاحقاً البابا بنديكتوس السادس عشر. رفض الكاردينال راتزينغر الاستنتاجات وقام بإقالة أسقف زانيك من منصبه كمشرف على التحقيق، وحلّ لجنة الأسقف. ثم عيّن بأمر من البابا القديس يوحنا بولس الثاني لجنة أسقفية يوغسلافية مسؤولية ومشرفة على التحقيق.

 

إجراءات الكاردينال راتزينغر كانت غير اعتيادية بتاتاً . لم يحدث أبداً في تاريخ الظهورات المريمية أن التسلسل الهرمي للكنيسة  يُعترَض في مثل هذه الطريقة المهيمنة من نقض بيان الأسقف المحلي وعزله من مسؤولية الإشراف على هذه القضية.

في تلك الأثناء، في 28 تشرين الثاني 1990، أرسلت اللجنة الأسقفية اليوغوسلافية بريداً ألكترونياً خاصّاً الى روما ينصّ على أنه يجب الإستمرار في الدراسة والتحقيق بخصوص مديوغوريه دون الموافقة عليها او إدانتها. البعض من المؤمنين اعتقدوا أنّ رسالة اللجنة تعني أن لا شيء خارق يحدث في مديوغوريه. لكن في الواقع، معنى التقرير هو أن القضيّة يجب أن تبقى مفتوحة بغاية إجراء المزيد من الدراسة. على حدّ تعبير الكاردينال كوهاريتش، رئيس اللجنة الأسقفية اليوغوسلافية:“نحن بالتالي نترك هذا الجانب لمزيد من التحقيق. الكنيسة ليست في عجلة من الأمر”. [8] مع ذلك، أُعطيَ المؤمنون الموافقة على اعتبار مديوغوريه “مكان صلاة و مزار”. أي أن زيارة المؤمنين لها لا يتعارض مع تعليمات الكنيسة.

قال فرانك بيركو، رئيس أساقفة بلغراد في سنة 1991 عن معنى تصريح اللجنة الأسقفية: “ليس صحيحاً  أنّ لا شيء خارق يحدث في مديوغوريه. اللجنة مفتوحة لمزيد من التطورات“. [9]

في نهاية الأمر، تمّ استبدال الأسقف زانيك بالأسقف بيريك، المونسنيور الذي أوصى به زانيك بسبب موقفه المعارض لمديوغوريه. كتب الأسقف بيريك رسالة شخصية يعلن فيها موقفه بأنّ لا شيء خارق يحدث في مديوغوريه. لكن لكي لا يقود المؤمنين الى الإعتقاد بأن تصريحه هو موقف الكنيسة الرسمي، أرسل رئيس الأساقفة ترسيسيو بيرتوني سكرتير مجمع العقيدة والإيمان الذي ترأسّه الكاردينال راتزينغر، رسالة منه الى أسقف سانت دينيس ديلا رونيون، جاء فيها أنّ: “ما قاله الأسقف بيريك في رسالته… يبقى في حدود معتقده الشخصي”

الخلاصة هي أن لا يعتبر أحد بيان الأسقف بيريك على أنه نوعاً من إعلان أو قرار رسمي او موقف الكنيسة من الظهورات. يجب النظر إليه على أنه رأي شخصي فقط.

 

تجدر الإشارة أن الكثير من الناس يعتقدون أن  موقف الكنيسة من الظهورات و الموافقة  عليها، هو قرار مُطلق لأسقف الأبرشية التي تحدث فيها الظهورات، هذا في الواقع اعتقاد خاطئ. وفقاً للكاردينال راتزينغر (قبل انتخابه بابا)، روما لا تتدخّل في تحقيقات الأسقف المحلّي للظهورات، إن كانت الظاهرة صغيرة أو تعتبر محلّية: “إن كان لدينا فقط ظاهرة محليّة، فليس من الضروري أن يتدخّل الفاتيكان” [10]. في حال وجود ظرف عظيم الأهميّة، الفاتيكان يستطيع إمّا الموافقة أو دحض قرار الأسقف المحلي، بقرار خاص منه (الفاتيكان) [11]

 

إذا أراد المرء أن يعرف رأي وموقف البابا بنديكتوس السادس عشر، بخصوص مديوغوريه، فمن الواضح أنه ككاردينال كان له دور فعّال في إنقاذ مديوغوريه من عدائية الأسقف المحلّي. لكن ربما يكون أفضل تصريح له الذي يُلخّص فيه موقفه تجاه مديوغوريه هو ما قاله في النمسا في 28 آب 1991: “هذا المكان، الذي أصبح مكان صلاة وإيمان، يجب أن يبقى ويصبح أكثر من ذلك في أعظم وحدة داخلية مع الكنيسة جمعاء”.

يُتبع…

المصادر:

[1] Is the Virgin Mary Appearing at Medjugorje?, The Word Among Us Press, Rene Laurentin and Ljudevit Rupcic, p. 119.

[2] Medjugorje: Facts, Documents, Theology, Fr. Michael O’Carroll, Veritas Press, p. 78

[3] Ibid p. 52 المرجع نفسه.

[4] The Catholic Herald, Nov. 22, 1985, and cited among other places in Medjugorje: Facts, Documents, Theology, Fr. Michael O’Carroll, Veritas Press, p. 56

[5] Letter dated Dec. 12, 1984.

[6] Cited in Medjugorje: Facts, Documents, Theology, Fr. Michael O’Carroll, Veritas Press.

[7] Sacerdos, Sept. 29, 1986.

[8] Glas Koncila (the Croatian Catholic Newspaper) August, 1993.

[9] 30 Days, February, 1991

[10] interview with Roy Varghese at the Vatican, 1991, published in God-Sent: A History of the Accredited Apparitions of Mary, p. 228.

[11] Ibid المرجع نفسه.

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سلام الرب للمؤمنين بمحبة الاب
    هل تحتاج التربية الاخلاقية الى اعمال خارقة حتى نسلك بها ام ان من الرائع ان يجتمع الناس المهذبون اخلاقياً في أي مكان من العالم ليعبروا عن التزامهم بالعمل الصالح و ميدغورية هي أحد هذة الاماكن التي تجمع أصحاب الأرادة الحسنة .
    أن الاعمال الخارقة عادة هي لقليلي الايمان أمثال توما الشكاك و نحن كمسيحيين لا نيرد أعمال خارقة لأننا لا نريد أن نكون شكاكين .
    الذين صلبوا الرب الم يروا اعماله الخارقة و معجزاته و بالرغم من ذلك قد صلبوه , البعض يعتقد بأنه ذاهب الى سرك ليستمتع بمشاهدة حركات بهلوانية و لكن عمل الله ليس للتسلة و انما لاصلاح ما أفسده الغرق في عالم فوضوي شائك في تعاملاته .
    أخيراً هل يحتاج الانسان العاقل لأن ينتظر قرار من الفاتيكان حتى يؤمن أو لا يؤمن و هل المسيحيين تركوا عولهم في الفاتيكان أم أن لكل أنسان عقل وهبه اياه الله لكي يفكر به و يقرر ?

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق