أخبار ومعجزات مديوغوريه

“هل ترغب بأن تصعد الجبل معي ؟”

“هل ترغب بأن تصعد الجبل معي؟” سألتني ماري . ” والدي متعب اليوم، وأختي لا تريد أن ترافقني”.
“كانت تلك زيارة ماري الأولى إلى ميديوغوريه وكان الطقس حارًّا أكثر من المعتاد في شهر آب.جبل الصليب

ولأنّني أعرف مشقّة تسلّق جبل الصليب – كريزيفاك وصعوبته ، فقد كان ذلك آخر ما أرغب. فالجلوس في مطعم “كولومبو” مع  مشروب بارد أفضل بكثير . إلى جانب ذلك، لم أكن في حالة جيّدة وكنت أتساءل إذا كان بإمكاني الصعود إلى الأعلى؟
كنت ممسكًا بحبّات المسبحة الخشبية الزرقاء التي وجدت طريقها إلى ظهور السيّدة العذراء لإيفان في الليلة السابقة – ونالت البركة منها – وافقت على مضض أن أرافق ماري، بشرط أن نستريح كلّما كان ذلك ممكنًا وأن نأخذ معنا الكثير من الماء.

في الصباح توجّهنا الى سفح الجبل .كنت سوف أتراجع عن موافقتي لكني رأيت امامي صبي وأخته برفقة والديهما يسيران أمامي بحماس أخجلني ، فسكتّ وبدأت الصعود …جبل الصليب
كانت كلّ محطّة توقُّف موضع ترحيب، لا لتلاوة الصلوات أو التأمّل في درب الصليب، ولكن لمجرد أن نشرب الماء ونرتاح قليلاً في الظلّ. وهكذا استمرّ التقدّم البطيء حتى صعدنا تقريبًا ثلاثة أرباع الطريق إلى أعلى الجبل، هناك استرعت انتباهنا ضجة بين مجموعة من الحجّاج البولنديين على يميننا . رأينا شابًّا ملقى على الصخور مُغمًى عليه . فتوقّفنا لنرى ما سوف يحصل، والفكرة الأولى التى خطرت ببالي كانت: “كيف سيتمكّنون من إنزاله الى أسفل الجبل؟!
كان تخمين ماري صائبًا بأن الشاب يعاني من نوبة صرع . وقفنا هناك حائرين بينما كان الكاهن المرافق للمجموعة يصلّي عليه وهو يحضن رأسه، بينما تضغط بعض النسوة وتُقيّد يديه ورجليه بشدّة لمنعه من الإرتجاف القويّ الذي قد يؤذيه ويكسر عظامه على الصخور الحادة .
بعد أن استيقظت من حالة الذّهول اقتربت من المجموعة وعرضت مساعدتي بأن أمسك بالشاب بينما يستمرّ الكاهن في الصلاة. وضعت يدي تحت عنقه ، وبركبتي أسندتُ ظهره وأرحت رأسه على بطني . في تلك اللحظة صوت في داخلي قال : “أعطه المسبحة !”
“لا أستطيع أن أفعل ذلك”. أجبت . ” إنّها مسبحة مميّزة فالسيدة العذراء قد باركتها. لكن الكلمات عادت تُلِحّ في رأسي “أعطه المسبحة !”
رضخت وأعطيت الكاهن البولنديّ مسبحتي المباركة من العذراء شارحًا له عنها بصعوبة . فهم الكاهن مع انه لم يكن يُجيد اللغة الإنكليزية فأخذها منّي ووضعها حول عنق الشاب وتابع في الصلاة …جبل الصليب

لم يمضِ وقت طويل واذا بالشاب يستعيد وعيه وحينها قال لي الكاهن :”استمرّ في صعودك فهو الآن على ما يرام”.
في وقت لاحق بينما كنّا ماري وأنا نستعدّ للنّزول عن الجبل تفاجأت برؤية الشاب المريض برفقة بعض النسوة يجلس عند الصليب . فقد تعافى بما يكفي ليستكمل صعود جبل كريزيفاك.
في صباح اليوم التالي اشتركت في قداس السّاعة العاشرة صباحًا في كنيسة الرّعيّة وكان بالإنكليزيّة. حول المذبح كان الكثير من الكهنة . . في وسطهم رأيت الكاهن البولندي . استغربت من وجوده في هذا القداس وهو يجهل اللغة .
حين انتهى القداس توجّهت الى باب الكنيسة كي أغادر، لكنّ الكاهن البولندي واسمه الأب جوزيف استوقفني وناولني رزمة وقال :”شكراً لك لأنك كنت مساعداً لمريم “.
وابتعد … هكذا بكل بساطة .
حين فتحت الرزمة وجدت صورة رائعة لملكة السلام في إطار جميل . لقد تأثرت جداً ولمست قلبي هدية الكاهن وجهده في البحث عني ليشكرني .

لاحقاً وقبل عودتي من مديوغورييه أعطاني أحد الحجّاج بعض المسابح الزرقاء المباركة من السيّدة العذراء . فعلاً ، لا يمكن لبشر أن يتفوّق بالكرم على مريم !

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق