هل أكدّت لوسيا رائية فاطيما ظهورات العذراء في مديوغورييه ؟!
بينما يواصل الفاتيكان التحقيق في صحة ظهورات السيدة العذراء في مديوغورييه ، تحت قيادة الكاردينال كاميللو رويني Cardinal Camillo Ruini رئيس مجمع العقيدة والإيمان، لا بد للكرسي الرسولي ان يدرس ويبحث في حقيقة مهمة ، لكن غير معروفة للكثيرين حول هذه الظهورات المريمية. وذلك أن الراهبة لوسيا أكّدت حقيقة ظهور السيدة العذراء في مديوغورييه. لم تؤكّدها فقط بل كتبت في يومياتها بأنها حصلت على ظهورات عديدة من السيدة العذراء وهي في حصن الدير. ضمن هذه الظهورات تحدّثت اليها السيدة العذراء عن ظهورها في مديوغورييه.
والأب سالينيو Father Salinho- كاهن ساليزياني يعيش في البرتغال – هو ابن أخت الرائية لوسيا، استمرّت السيدة العذراء في الظهور للوسيا وهي راهبة في الدير حتى بعد ان بدأت ظهوراتها في مديوغورييه وكلّمتها عنها عدة مرات. شهادته تلك وثّقتها في كتابها “انتصار القلب”، الأخت إيمانويل، راهبة تعيش في مديوغورييه وخبيرة معتمدة بكل ما يتعلّق بظهورات ملكة السلام في مديوغورييه. إلتقت الأخت إيمانويل بالأب الأقدس يوحنا بولس الثاني وأهدته نسخة من كتابها. وبالتالي هذه المعلومة – عن الرائية لوسيا وظهورات مديوغورييه – ربما ليست غريبة على الفاتيكان. هذا الإعلان في غاية الأهمية، اذ ان أحد الأمور التي تبحث فيها الكنيسة عند تقييم ظهورات جديدة، هو الترابط بينها و بين ظهورات العذراء المثبتة.
في الحقيقة هنالك الكثير من الأمور المشتركة بين مديوغورييه وفاطيما وفيما يلي بعضها:
1) أعجوبة دوران الشمس – التي حدثت مرة واحدة في فاطيما وشاهدها ما يقارب ال 70.000 شخص – وحدثت مرات كثيرة في مديوغورييه وكان شهوداً لها مئات الآلاف وما يزيد.
2) الإشارة االى ضرورة التكرّس لقلب مريم البريء من الدنس
3) التشديد على برنامج روحي للصلاة اليومية – على الأخص تلاوة الوردية، القداس، الصوم، والتكفير من أجل خلاص الخطأة.
4)رؤى وزيارة الفردوس، المطهر وجهنم .
الترابط واضح !
هذه الأمور تضع اصبع الشك على العديد من نظريات النقّاد المعارضين للظهورات، والذين يدعمون نظريّاتهم بأن لا يوجد اي شيء مشترك بين فاطيما ومديوغورييه. إذا كان المعارضون يعترفون بصحة الظهورات في فاطيما وبصحة رؤى الرائية لوسيا، يصبح من الصعب قبول إدعائهم بعدم وجود وجه للتشابه بينهما، بما أن لوسيا ذاتها قد أخبرت عن كشف العذراء لها عن تلك الظهورات.
للأسف، لم يتم تعميم تقرير الأب سالينيو، ولم ينشر على نطاق واسع. لكنه يُظهر أن البابا القديس يوحنا بولس الثاني لم يكن الوحيد في اقتناعه بأن مديوغورييه هي استمرار لفاطيما، وأن الموقعين يشاطران نفس المصدر : أمّ الله !
من المثير للإهتمام، في كتاب المونسنيور سلافومير أودر عن البابا يوحنا بولس الثاني “لماذا هو قديس” نجد تأكيداً على قناعة البابا بأن مديوغورييه هي تحقيق لفاطيما. موضحا في عام 1984 سنتين بعد لقائه بلوسيا قال البابا:”مديوغورييه هي استمرار لفاطيما، إنها اكتمال فاطيما”. والآن نرى ان قناعة البابا هذه لم تكن رأي شخصي فقط، بل مدعومة من الرائية لوسيا
من الجدير بالذكر، ان لوسيا والبابا يوحنا بولس الثاني جمعتهم صداقة طويلة العمر. وبينما كان البابا في فاطيما يوم 13 ايار ليشكر السيدة العذراء على إنقاذه من محاولة الإغتيال، في ذات اليوم قالت العذراء للرؤاة في مديوغورييه “أراد الأعداء قتله. لكنني حَميته”.
في رسالتها من تاريخ 25/8/1991 تكلّمت العذراء بغاية الوضوح عن علاقة هذه الظهورات بفاطيما :
“أولادي الأحبّة
اليوم أدعوكم لتبدأوا الصّلاة فوراً كما لم تفعلوا البتّة من قبل، بينما خططي بدأت تطبّق. فالشّيطان قويّ، ويريد أن يبيد ما رسمته للفرح والسّلام، كما يريد أن يحملكم على الإعتقاد بأن بُنَيّ غير ثابتٍ في عزائمه وقراراته
لذلك أدعو كلّ واحدٍ منكم، أحبّتي، للصّلاة والصّيام بمزيد من الصّلابة. وأدعوكم للزّهد طوال تسعة أيّامٍ بحيث يمكنني أن أتمّم بمؤازرتكم كلّ ما كنت أريد إتمامه من خلال الأسرار التي بدأتها في فاطيما
أدعوكم، أحبّتي، لتدركوا إدراكاً عميقاً أهميّة محبّتي وخطورة الموقف. أريد أن أخلّص جميع النّفوس فأقدّمها للّـه. لذلك صلّوا ليتمّ كلّ ما بدأته
أشكركم على تلبيتكم ندائي.”
لنفهم ما الذي بدأته السيدة العذراء في فاطيما علينا ان نعود الى أحد أكثر الأحداث خطورة في القرن العشرين . الذي لولا تدخلّ العذراء لوقعت البشرية تحت أهوال حرب نووية مدمّرة:
سجّل التاريخ عندما زار الرئيس السوفييتي نيكيتا خروتشوف nikita Khrushchev الأمم المتحدة في اكتوبر 1960، أنه وقف في المقرّ ليلقي كلمة فقال مهدّداً بأنه قريباً جداً سوف “يدفن ويبيد” اعداء الإتحاد السوفييتي. وللتأكيد على تفاخره ، خلع حذاءه وضرب به المنضدة امام الأعضاء المذعورين. لم يكن تهديد فارغ. خرتشوف كان يعلم أنّ العلماء في بلاده أنتهوا من صنع صاروخ نووي وسيُعرض عليه بعد شهر في نوفمبر 1960 في الذكرى ال43 للثورة البلشفية. لكن اليكم ما حدث فعلاً :
كان البابا القديس يوحنا الثالث والعشرون قد فتح وقرأ سرّ فاطيما الثالث . فأذن لأسقف ليري، التي تقع فاطيما ضمن أبرشيته، أن يكتب لجميع أساقفة العالم، يدعوهم للإنضمام لحجّاج فاطيما في الليلة بين 12-13 اكتوبر في الصلاة من اجل ارتداد روسيا وبالتالي السلام العالمي.
في الليلة بين 12-13 اكتوبر اجتمع ما يقارب المليون مؤمن في ساحات كوفا دي إيريا بفاطيما في البرد والمطر. رافعين صلوات الوردية ساجدين للقربان الأقدس مقدّمين التعويض لله من أجل ارتداد روسيا، تلبية لدعوة البابا . في نفس الوقت اكثر من 300 أبرشية من حول العالم، انضموا اليهم في الصلاة. أرسل البابا يوحنا ال23 بركة خاصة لكل من اشترك في هذه الليلة غير المسبوقة من التعويض والصلوات الحارة.
في الليلة عينها، انسحب خرتشوف فجأة وعاد مسرعاً الى موسكو، ملغياً برنامجه وكل التعاقدات المتّفق عليها.لماذا؟
مارشال نيدلين أفضل العقول في روسيا في مجال الطاقة النووية ومعه عدد من المسؤولين الحكوميين، قاموا بالإختبار النهائي على الصاروخ النووي الذي كان مقرّر عرضه على الرئيس خرتشوف بعد عودته. لكن لسبب غير معروف عندما انتهى العدّ التنازلي، لم يترك الصاروخ منصّة الإطلاق. بعد 15-20 دقيقة خرج نيدلين والعلماء وجميع الآخرين من الملجأ عندها انفجر الصاروخ فجأة مما أسفر عن مقتل اكثر من 300 شخص. هذا الحادث أرجع البرنامج النووي الروسي 20 عاماً الى الوراء، ومنع حرب نووية شاملة . كل ذلك حدث عندما كان العالم الكاثوليكي بأسره على ركبتيه ساجداً أمام القربان الأقدس ، مجتمعين عند أقدام سلطانة الوردية في فاطيما، ملكة السلام التي أوقفت حرباً نووية.
لم يكن ذلك تدخّل سيدة فاطيما الوحيد . فقد أسرّ البابا القديس يوحنا بولس الثاني للأسقف نيليكا أن عذراء فاطيما أنقذته من الموت في 13/5/1981 حين كان ضحية محاولة اغتيال. جدير بالذكر ان السيدة العذراء بدأت تظهر في مديوغورييه 40 يوما بعد إصابة البابا.
فما الذي تطلبه السيدة العذراء في مديوغورييه؟ انها تطلب كما في فاطيما ان ترانا على ركابنا أمام القربان الأقدس والمسابح في ايدينا لأننا بهذه الطريقة نفتح أمامها الطريق لتتدخلّ وتنفذّ مخطّطها … مسرّعين بذلك انتصار قلبها البريء من الدنس !
نعم ان الظهورات حقيقية وتعطينا علامات لمجئ المسيح.