على مثال القديسة مونيكا دموع أمّ وصلواتها أوصلت ابنها من حياة الخطيئة الى الكهنوت
قصة السيدة لويس كيبوللي من شأنها أن تجعل القديسة مونيكا أم القديس أوغسطينوس فخورة لأن حياة القديسة ألهمت لويس على أن تقوم هي أيضاً بطلب شبه مستحيل من الله، الذي لا يستطيع أن يرفض دموع أمّ .
لأكثر من 15 عاماً قامت لويس بزيارة كنيسة القديس أنطونيوس البدواني في بوسطن في الولايات المتحدة، كل ثلاثاء لتصلي من اجل ارتداد ابنها الأصغر “أنطوني” الذي ابتعد عن الكنيسة وعن التعليم الكاثوليكي الي تلقّاه صغيراً.
قبل أيام معدودة وقفت لويس التي تبلغ 91 عاماً تتأمّل الإعلان الموضوع عند باب الكنيسة كُتب فيها بخط عريض “قدّاس رسامة كاهن جديد” واسم الرجل الذي سيُرسم كاهناً “أنطوني ت. كيبوللي” ابنها!
“اعتادت أمي أن تذهب كل ثلاثاء برفقة خالتي الى معبد القديس أنطوني (أنطونيوس) في بوسطن للصلاة من أجلي لأني كنت أعيش حياة تهوّر وانفلات” قال الأب أنطوني كيبوللي لصحيفة بريس هيرالد.
قبل أن يصل أنطوني الى الكهنوت، كان قد اتّبع بالفعل مسار غير عادي – ترك الدراسة، الزواج المدني، الأبوّة، إبطال الزواج.. لقد كان بعيداً عن الكنيسة لأكثر من 20 سنة وفي العشر سنوات الأخيرة كان يتحضّر ليصبح كاهناً.
نشأ في أرلنغتون، ماساتشوستس (الولايات المتحدة). والده، ديفيد، غالباً ما كان في سفر من أجل العمل. كان يسمح لأنطوني وأخوته الثلاثة بالبقاء مستيقظين الى وقت متأخر بانتظاره. عندما يعود ديفيد إلى البيت، اعتاد قراءة قصص من الكتاب المقدس لأطفاله قبل النوم.
كانت الأم لويس تأخذ ابنها الى القداس بانتظام، لكن عندما كبر توقّف عن الذهاب معها. بالرغم من أن علاماته المدرسية كانت جيدة، لم يرغب بالدراسة الجامعية لأنه كان يعتقد أنه سيكسب أموالاً أكثر عن طريق عالم الأعمال. وعدما حملت صديقته، تزوّجا في قاعة البلدية زواجاً مدنياً. وأنجب طفلاً سمّاه مارك.
بدأ أنطوني ببيع الآلات، ثم انتقل مع اسرته الى شيكاغو، حيث أسّس شركة سباكة. كان ناجحاً في الأعمال التجارية، لكن في المنزل كان الوضع مختلفاً. بعدما طلّق زوجته عاد الى ماساتشوستس، إذ قرر أن يكون قريباً من ابنه. في وقت لاحق تم إلغاء الزواج لأنه لم يتم بحسب شروط الكنيسة ولم يعقده كاهن. لمدة ثلاث سنوات، عاش أنطوني من المال الذي حصل عليه سابقاً من أعماله التجارية.
“كنت أحيا كنجم روك” أعترف أنطوني. “لقد بذّرت كل شيء”.
في ذلك الوقت لم يكن قد عاد الى الإيمان، لكن أمّه بدأت في حضور القداس يومياً تقريباً وصلّت بلا ملل كي يغيّر ابنها حياته رافقت صلواتها دموع أمّ يتألم قلبها خوفاً على مصير ابنها..
عندما بدأ المال ينفذ، بدأ يعمل مرة أخرى كبائعاً للسيارات وتصادق مع رجل اسمه جون كيلمارتين، اتى إليه لتصليح سيارته. علم لاحقاً أنه كان كاهناً كاثوليكياً. بدأ أنطوني بزيارته بانتظام، وكان يأخذ الكاهن لعمل فحوصاته الطبية وعمل العديد من التصليحات في كنيسته.
“لم يحاول الأب جون مجادلتي أو إقناعي بإيمانه. لكني بدأت أدرك أنني أريد هذا الإيمان الذي رأيته فيه. أردت غفران الله، لكني لا أستطيع تذكّر جميع خطاياي، وكنت متيقّناً أنني لا أستحق المغفرة”.
“عندها بدأت أتلو الصلاة الربيّة التي علّمني إياها والدي في الصغر، وعندما قلت “اغفر لنا خطايانا كما نحن نغفر لمن أخطأ إلينا”، أحسست بشعور عظيم من السلام. تغيّر كل شيء في حياتي عندما سقط عليّ هذا السلام”.
ثم بدأ يتبع دروساً دينية ودراسة التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية في معهد القديس يوحنا التعليمي في برايتون (ماساتشوستس). داوم على قراءة الكتاب المقدس وحضور الدروس المسائية في كلية بوسطن، مع الأب كيلمارتين الذي ساعده في دفع الرسوم. عندما توفي مرشده الأب كيلمارتين، بدأ التفكير بجدية في الكهنوت.
في أقل من ثلاث سنوات حصل على لقبه الأول في الفلسفة ودخل المعهد الإكليركي على اسم البابا القديس يوحنا الثالث والعشرين الذي يُعِدّ المرشّحين للكهنوت لأكثر من ثلاثين عاماً. بما أنه طريقه لم يكن عادياً فقد بقي في المعهد أكثر من رفقائه الأصغر سنّاً.
حضر رسامته أكثر من 800 شخص، من بينهم أمّه لويس وابنه مارك الذي يبلغ الآن 33 عاماً.
بعد الاحتفال، تقدّم الأب أنطوني ليُعطي بركته الأولى للمؤمنين. وعندما بارك أمّه، بدأت بالبكاء، ضمّته الى صدرها وعانقته بشدة.
أما بالنسبة الى مارك، عندما كان انطوني شماس ويستعد للكهنوت، شجع ابنه على النظر في رسامته ليس كفقدان للأب، ولكن ربح أسرة أكبر في الكنيسة الكاثوليكية.
قال مارك يوم الرسامة: “لدي الآن 1.2 مليار إخ وأخت”.