مواضيع روحية

تأمّل في انتقال مريم العذراء الى السماء

لا يمكننا في هذه الحياة أن نعرف كيف تمّ اسقبال مريم في السماء يوم انتقالها المجيد. إن الحدث بلا شك أعظم من أن تقدر عقولنا على استيعابه. بالرغم من ذلك يشغل هذا الإنتقال المجيد مخيّلتنا: كيف تمّ اللقاء المتجدّد بين الأم والإبن الإله؟ كيف تحضّرت السما لاستقبال الملكة سلطانة السماوات والأرض؟ وما هي الأعراس السماوية التي أقيمت على شرفها وكيف تألّقت نجمة الصباح؟

 

هنا تأمل في تلك الاحتفالات، في وصف لا يصل بالتأكيد الى جزء صغير من حقيقة ما حصل يوم الإنتقال في السماء:

“حياة مريم على الارض كانت بعيدة عن المجد .. مثل زهرة النرجس كانت مخفية تزهر بالخفاء بعيدا عن عيون البشر .
مجدها تلألأ عند صعودها الى السماء بالنفس والجسد .
ما اعظم لحظة وصولها : ابنها ملك المجد يستقبلها بنفسه وبكل جلاله وربوات أجناد السموات مصطفّة على درجات من ألوف الغيوم البيضاء المصطفّة على جانبي الطريق من باب السماء الى العرش الالهي تترنم وتصدح بترانيم والحان يعجز عنها البشر في جمالها وسحرها .
ثم يسير الملائكة يتقدمهم الرؤساء ميخائيل وجبرائيل وروفائيل ومريم تسير خلفهم متأبطة بذراع ابنها والهها تكاد لا تصدق انها اجتمعت به اخيرا وللابد …
الملائكة الصغار يرقصون حولها فرحين غير مهتمين بتعليمات باقي الملائكة بخصوص التقيد بالنظام . فقد وصلت سلطانة السموات بعد انتظار طال .
يصل الموكب الى عرش الآب فتتقدم الأمّ السماوية وقلبها لا يسعها من السعادة .
فها هي الان تعيش اللحظة التي طالما حلمت بها منذ طفولتها .
ها هي امام الله فسجدت الى الارض وفكرها يتسارع في البحث عن كلمات تليق بان ترفعها الى جلاله فصرخت بكل حبّ “تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي”. فنزل الآب السماوي عن عرشه ومدّ يديه القدوستين واقام أمّ ابنه عن الارض وغمرها بهما في احتضان مقدّس . فهو ايضا كان ينتظر وصولها منذ اللحظة الاولى التي كانت مريم في فكره . وكذلك الروح القدس .
ثم اعلن الآب السماوي بدء الاحتفالات والاستعداد لتنصيب مريم سلطانة على السماوات . فأكتست السماوات بانوار ذهبية وانتشر الملائكة يزيّنون شوارعها بالانوار والشموع والزينة التي لا تشبه زينة البشر .
واحتفالاً بمريم أطلقت كل الارواح المسجونة في المطهر . فلبسوا ثياب العرس وانضموا الى صفوف المؤمنين والقديسين الذين سيتمتعون الى الابد بمشاهدة الله وتسبيحه وباكرام ام الله شفيعتهم . رافق الجميع الملائكة ليساعدوهم في اتمام التحضيرات . فاحضروا الكرسي الملكي وزينوا حول العرش الذي ستجلس عليه سلطانتهم بالورود والشموع التي تلمع لهيبها بنور فضي ساطع .
واحضروا التاج والصولجان فجلست الملكة عن يمين الملك بذهب اوفير (مز 9:45)
فتقدم الجميع في دورهم ليسجدوا للجالس على العرش الثالوث الاقدس ثم يتجهوا نحو مريم ملكة السماء المتوجة يهنئونها مسبّحين الله في كمال صنعه لوالدته العذراء ….
منذئذ والملكة تترك عرشها لتنزل الى الارض تتفقّد احوال اولادها البشر وترعاهم وترشدهم الى طريق ابنها رب المجد فهي لن تكمل سعادتها الا حين ترى كل اولادها الصغار حولها …
حينئذ سترتاح على عرشها وقد اتمّت عملها … فتستمر عندها الاحتفالات ….

 

 

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق