الراهبة إيمانويل من مديوغوريه تروي كيف لقّنها الرب درساً عن شرّ النميمة
أشد السموم فتكاً سمّ اللسان.
“تُحدث شجرة واحدة فقط عندما تقع ضجة اكثر من الف شجرة تنمو ” (مثل صيني)
لنفترض ان فريق صلاة او جماعة او جمعية تضم مئة عضو وأن واحد فقط منهم اقترف اعتداء جنسي على الاطفال. فنسمع فورا في الكواليس: “يجب أن نتجنّب هذه الجماعة. فهي زمرة منحرفين جنسياً”.
لا يمكن أن يقاس الشر الذي تخلّفه النميمة وهذه الاحاديث!
لقّنني الرب درساً منذ بضع سنوات عن النميمة سيبقى محفوراً في ذاكرتي الى الابد. توجهت ذات يوم في مديوغوريه الى الكنيسة عند العاشرة صباحاً للمشاركة في الذبيحة الإلهية باللغة الانكليزية. فلاحظت أن الكاهن يحتفل بالقدّاس بحماس وبالكثير من الفرح. ثم رايته بعد الظهر في فناء الكنيسة يتعانق بحنان مع امرأة جميلة جداً. من الواضح انّه مغرم بها. جحظت بعيني… هذا هو بالفعل! سكنتني الحيرة ورحت اصلي له من دون ان اتفوّه ببنت شفة.
وفي اليوم التالي قصدت ايضاً قداس اللغة الانكليزية ووجدته هو نفسه يحتفل بالذبيحة الالهية وبالحماسة نفسها… ورأيته من جديد بعد قليل يجالس تلك الصديقة نفسها على مقعد الكنيسة الخارجي ويحدق الى عينيها. فضاعفت صلواتي من اجله. وقررت ألا اتفوه بكلمة على الرغم من رغبتي في اخبار جماعتي لكي يصلي الجميع من اجل هذا الكاهن الذي يمر بمرحلة سيئة.
في الواقع في الامر تجربة خفية. فبحجّة دعوة القريب الى الصلاة من اجل شخص ما، نذكر له لائحة طويلة من الخطايا التي نفترض انه أرتكبها “او تعلم. يجب ان نصلي كثيراً من أجل فلان.لأنك لو تعرف…” وهنا تبدأ الثرثرة المهلِكة.
أقلقني هذا الكاهن ولم افهم كيف يعيش هذه الازدواجية براحة مطلقة. ولم يكن يتخفّى حتى!
بعد ايام قليلة ولدهشتي الكبيرة. رأيت بالقرب من الكنيسة هذا الكاهن وذلك العاشق في آن واحد…انهما توأمان متشابهان تماماً!
ففكرت في كل ما كنت لأقوله عن ذلك الكاهن وبأي سهولة كنت سأشوه سمعته. أو اقلّه أسبب له ضربة كارثية .
فتملكتني حينئذ مخافة الله امام السرعة الهائلة التي يستطيع بها لساننا أن يدمر خلال ثوانٍ تحفة من تحف الله الخلاّبة.
حياة القديس فيليب نري Philippe Neri مليئة بالزهور الصغيرة fioretti (اي الحوادث القصيرة التي تحمل معنى وتلقّننا درساً) ولطالما استعانت الأم تريزا بإحداها. فهي خير مثال على استخدامنا للساننا.
تعيش في روما امرأة تكره احدى الجماعات ومؤسسها الأب القديس فيليب نيري لأن ابنتها انضمّت اليها رغماً عنها. ففي الوقع، كانت هذه المرأة تحضر مشاريع زواج لابنتها، وكان همها ان تخرج ابنتها من الحياة الرهبانية مختلقة شتى انواع الشائعات عن الجماعة. وذات يوم، اختبرت صحوة ضمير. وراحت تعترف عند الأب فيليب فأقرّت باحتيالها ونميمتها. فقال لها الأب حينئذ:
– قبل أن أحلّك من خطاياكِ، اذهبي الى ساحة القرية واشتري دجاجة وانتفي ريشها جيداً واحضريها لي.
نفّذت المرأة وأحضرت الدجاجة منتوفة الريش الى الكاهن الذي قال لها:
– والآن عودي الى الساحة واجمعي ريش الدجاجة كله!
أجابته المرأة:
– ولكن هذا مستحيل فقد بعثرها الهواء كلها!
فقال القديس فيليب:
– تماماً! تفهمين الآن ما الذي تخلّفه النميمة؟ فهي تنتشر في كل مكان كالريش! ونتائجها لا تحمد عقباها.