أخبار ومعجزات مديوغوريه

عذراء مديوغوريه توحي لشابة بتأسيس فرق سجود متواصل للقربان الأقدس

لمديوغوريه جاليتها المنتشرة في العالم، ومن محبيها في دول الإنتشار إيرلندية تدعى آن ماري كوليتر وتبلغ 33 سنة من العمر. وقد ولدت سعادتها في مديوغوريه.

في مراهقتها كانت تذهب الى القداس بداعي العادة، وتزور العرافات، وكما تقول العذراء عن كثير من الشبّان “يبحثون عن السعادة حيث لا سعادة”.

كانت آن ماري تدرّس في مدرسة مونتيسوري، وتملك عائلتها محل بقّالة غير ناجح. فعقدوا اتّفاقاً صغيراً مع العذراء: إذا ساعدتهم على بيع متجرهم، سيذهبون الى مديوغوريه. وتبيّن أنّ العذراء سيدة أعمال رائعة، لأنه بعد ثلاثة أسابيع من عرض المتجر للبيع، قدّمت لهم شارٍ! في 25 آب وفت عائلة كوليتر بأكملها بوعدها وأتت الى مديوغوريه! حينذاك بدأ كل شيء بالنسبة الى آن ماري.

في اليوم الأول، في القداس باللغة الإنكليزية، كانت العظة بكاملها تدور حول المنجّمين والعرّافين. تعلّقت آن ماري بمقعدها، مضطربة: فقد ساورها الانطباع بأن الكاهن يكلّمها وبأنّ تلك العظة موجّهة إليها بشكل خاص. فقرّرت أن تذهب للإعتراف لدى ذلك الكاهن. فاعترفت بزياراتها المتكرّرة للعرّافات. وخرجت من كرسي الإعتراف يتملّكها شعور غامر بالحريّة.

في ذلك الأسبوع، شعرت بقرب العذراء منها بشكل مدهش، وكأنهما كانتا تسيران يداً بيد، على تلّة الظهورات، وعلى جبل الصليب! وعشيّة عودتها الى إيرلندا، عاشت آن ماري اختباراً مميّزاً معها. فقد كانت جالسة خارج الكنيسة مع أمّها، تصلّي وهي تنظر الى حبّات مسبحتها. فجأة، شعرت برأسها يعتدل. فنظرت في الجو ورأت العذراء واقفة هناك تنظر إليها وهي تبتسم. لن تنسى أبداً تلك الإبتسامة عل وجهها! لم تلفظ أي كلمة. فقد قالت ابتسامتها كل شيء. يا للحب النابع من تلك الإبتسامة! كانت تبتسم وكأنها تريد أن تضمّها بين ذراعيها في تلك اللحظة. كم هي جميلة!

منذ تلك اللحظة، انقلبت حياة آن ماري رأساً على عقب وعبرت نقطة اللاعودة.

في البداية أعطتها العذراء الرغبة في حضور القدّاس، فراحت تذهب إليه كل يوم. وانضمّت أيضاً الى جماعة صلاة، ثم بدأت تشعر شيئاً فشيئاً بالرغبة في سجود متواصل للقربان الأقدس.

في عام 2004 عندما أعلن البابا يوحنا بولس الثاني سنة الإفخارستيا، قرّرت مع عدد  كبير من الأصدقاء أن تقوم بشيء ما في هذا السياق. فبما أن العذراء منحتهم نعمة السجود خلال حجّهم في مديوغوريه، وجعلتهم يدركون أن ابنها حاضر في القربان المقدّس، قرّروا التصرّف. ولكن ما السبيل لجمع أناس يسجدون ليسوع؟ سجود متواصل للقربان الأقدس!

حينذاك بزغت في أذهانهم فكرة ستساعد يسوع – الإفخارستيا على إطلاق نداءاته في جميع الإتّجاهات وعلى استكشاف أكثر المنعزلين من ساجديه الضمنيين. الأمر بغاية البساطة: سيؤسّسون موقعاً على الإنترنت يعرّف فيه كل واحد، مهما كانت منطقته، أين ومتى يدعوه يسوع! أين يمكن السجود في إيرلندا؟ في أي كنيسة، وفي أي ساعة؟ ستمرّ المعلومات وتنتشر بسرعة!

بدأت آن ماري وفريقها العمل بحكيّة من اكتشف كنزاً في حقل ويريد شراءه. فمشّطوا جميع الرعايا والكنائس والأماكن المقدّسة الأخرى في إيرلندا، وبحثوا عن أرقام هاتفها واتّصلوا بالكهنة… فالبحث في دليل الهاتف أمر سهل، أما الإتّصال والإتّصال مجدّداً ومحاولة التغلّب على آلات تسجيل المكالمات، فهو أمر آخر!

لحسن الحظ، لم يكن ينقص الساجدين أي صبر أو مثابرة، خصوصاً أنهم لاقوا الترحيب لدى معظم الكهنة. حتى أن بعض الكهنة الذين فرحوا بالعثور لدى أصدقائنا على الدعم السماوي لكهنوتهم، أصبحوا قادرين على تحقيق حلم كان يبدو لهم مستحيلاً حتى ذاك: وهو إطلاق السجود المستمّ 24 ساعة في اليوم في كنائسهم أو كابيلاتهم. عند كل انتصار كان قلب آن ماري يمتلئ فرحاً: سيحظى يسوع بالمزيد من الحبّ والسجود، سيتمكّن من نشر عمله الإلهي في عدد متزايد من القلوب، سيشتعل ناره عن قرب أكثر، في صمت تلك الساعات المقدّسة. سيتمكّن من الوصول الى مدن وقرى وسيعيد خلق كنيسته المنازعة من نقص الحبّ.

عثرت آن ماري على عمل في محل مجوهرات، بدوام نصفي، وهذا منحها التصرّف بحريّة في وقت الفراغ. لذا فهي تقسّم وقتها ما بين مديوغوريه ودبلن. فهي تحتاج الى تلك الخلوات الطويلة من الصلاة الصامتة في مديوغوريه، تحت ثوب العذراء كي تستعيد نشاطها قبل العودة الى معترك الحياة. في الواقع عليها أن تخوض معركة قاسية يومياً، كي تنجز جيداً هذا العمل الذي لا يطيقه الشيطان. هذا عادي: فكل انتصار تحرزه آن ماري ينتزع منه عدداً من أتباعه.

في أحد الأيام، إثر خلوة طويلة في مديوغوريه، شعرت آن ماري بالتعب. ولدى عودتها الى دبلن دخلت المستشفى. التشخيص: داء أديسون. هذا المرض الخطير يضرب الغدد الكظرية الواقعة فوق الكليتين ويتطلّب علاجاً طبّياً مؤلماً. فقد أثقلت جرعات الكورتيزون اليومية آن ماري، مما جعها منهكة لأي سبب تافه. وإذا لم تحدث أعجوبة، كانت آن ماري تعرف أنه سيكون عليها حمل هذه الإعاقة طوال حياتها.

إذاً تحوّل الفرح اللذيذ الناتج عن لقائها الأول بالعذراء الى نوع آخر من الفرح. فقد دعا يسوع تلميذته الصغيرة الى الذهاب أبعد معه على طريق لا يعرفه أحد إلا هو، إنه طريق غامض ومزروع بالأشواك والحشرات غير المرغوب فيها… فتعلّمت آن ماري الإتّحاد الحقيقي بالله. وعلى درب الصليب هذا، حيث تجلب كل ساعة جرعتها من العذاب، علّمتها العذراء أن تحبّ الله كما يحب هو أن نحبّه: له وحده، بكل بساطة، ومن كل قلبها. فاكتملت المعجزة شيئاً فشيئاً في حياة آن ماري، وهي معجزة أكبر من الشفاء الجسدي: فقد أصبح درب الصليب الذي مشته درب فرح، درباً تحدّه الثمار على الجانبين.

كانت آن ماري تشعّ كما لم تشعّ قط من قبل. هي تأتي بالساجدين الى حبيبها يسوع.

يسألها البعض: ماذا تفعلين لتكوني بهذا الفرح مع مرض مؤلم بهذا الشكل؟ فتندهش من السؤال وتعطي طوعاً عنوان نبع فرحها قائلة:

“عندما أكون في حضرة القربان المقدّس، يمنحني يسوع نعمة حمل هذا الصليب ومتابعة حياتي اليومية. لم أكن لأستطيع تحمّل مرضي لو لم يكن يسوع معي. فمن دون حضور يسوع، لست شيئاً. أنا أستمدّ قوّتي كلّها من السجود”.

في أبرشية إنديانابوليس في الولايات المتحدة، طلب المونسنيور باكلاين من جميع الرعايا تعيين ساعة سجود للقربان الأقدس في الشهر، للحصول من الرب على دعوات كهنوتية ورهبانية. من بين 152 رعايا في الأبرشية، لم يستجب لهذا النداء سوى 17. ونظّموا ساعة سجود مقدّسة شهرية. بعد ذلك بسنة، تقدّم 17 مرشح للكهنوت الى المدرسة الإكليريكية! الأب ريك إلدرد وهو الحاج المخلص لمديوغوريه، هو كاهن رعية القديس منصور في تلك الأبرشية. وهو منذ ذلك الحين يشهد بأن الأمور تتطوّر الى الأحسن. نحن نؤمن أن الدعوات والسجود والساعة المقدّسة مترابطون بشكل غير قابل للتفريق.

كتبت القديسة فوستينا عن ساعة السجود:

في ساعة السجود هذه سمح لي يسوع أدخل الى قدس الأقداس، كنت شاهدة لما حصل هناك. غير أنني تأثرت في العمق لما رأيت يسوع، قبل كلام التقديس، يرفع عينيه الى السماء ويتحدّث سرّياً الى أبيه. نستطيع فهم هذا الوقت فقط في الأبدية. كانت عيناه كلهبي نار. كان وجهه مشعّاً، أبيض كالثلج. ملأت العظمة شخصه كليّاً كما ملأ الشوق نفسه. في وقت التقديس، ارتوى الحبّ واستراح واكتملت الذبيحة. ستقام ليس فقط رتبة الدفن الخارجية – كسر الخبز – بل أن جوهر الذبيحة كان أيضاً في قدس الأقداس. لم أفهم قط طوال حياتي عمق هذا السرّ، كما فهمته في ساعة السجود هذه. آه! كم أتوق أن يصل العالم كلّه الى معرفة هذا السرّ غير المدرك.

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق