باسكال رولاند أسقف فرنسي يتحدّى “هلع الكورونا” الذي استولى على العالم بتعليمات مميّزة قد تكون ما نحتاج إليه!
كتب أسقف بيلي آرس التي في فرنسا، باسكال رولاند في الموقع التابع لأبرشيته، رأيه الصريح وتعليماته لرعايا أبرشيته بخصوص الاحتياطات الوقائية التي يجب اتّخاذها للحماية من عدوى فيروس الكورونا.
ما قاله لا يجري في نفس المسار الذي اتّخذه ربما معظم أساقفة العالم، وكم نودّ لو يقرأ جميع المسيحيين ما قاله هذا الأسقف لعلّهم، على مثاله، يفتحون قلوبهم قبل أذهانهم على الواجب والتصرّف الصحيح الذي يُمليه علينا انتماءنا المسيحي.
إليكم ما كتبه الأسقف رولاند:
“أكثر من وباء الكورونا، علينا أن نخاف من وباء الرعب والخوف! من جهتي، أرفض أن أستسلم للرعب الجماعي، ولن أخضع لمبدأ الاحتياطات التي تحرّكها المؤسسات المدنية.
لذلك، لا أنوي إصدار أي تعليمات محدّدة لأبرشيتي. هل سيتوقّف المسبحيون عن التجمّع للصلاة؟ هل سيتخلّون عن الذهاب لمساعدة القريب؟ بصرف النظر عن تدابير الحيطة الأولية التي يتّخذها الجميع تلقائيًّا، في عدم نقل العدوى عندما يكون المرء مريضًا، فليس من المستحسن إضافة المزيد.
أصدرت الكثير من الكنائس حول العالم إرشادات وقائية للقدّاس الإلهي، أو ألغت القداديس العامة بالكامل، بسبب تفشّي فيروس الكورونا الذي ظهر في الصين في أواخر العام الماضي.
يتسبّب فيروس الكورونا في الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي COVID-19، ويبلغ معدّل الوفيات فيه %3. هنالك أكثر من 93،000 حالة مؤكّدة من الفيروس في 81 دولة، وما يقترب من 3،200 حالة وفاة. الغالبية العظمى من الحالات والوفيات كانت في الصين.
فرنسا لديها 212 حالة مؤكّدة و4 وفيات.
كان المسيحيون خلال الأوبئة الخطيرة في الماضي، يتّحدون معًا في صلاة مشتركة، ويخدمون المرضى، ويهتمّون بالموتى وبدفنهم. لم يبتعدوا عن الله والقريب.
ألا يكشف الذعر الجماعي، الذي نشهده اليوم، عن علاقتنا المشوّهة بحقيقة الموت؟ ألا يعبّر عن الآثار المُقلِقة لفقدان الله؟
نريد أن نخفي عن أنفسنا حقيقة أننا بشر ولسنا خالدين. وبعد أن أغلقنا البُعد الروحي لحياتنا، فإننا نفقد ثباتنا… ونظرًا لوجود وتوفّر تقنيات أكثر تطوّرًا وفعالية، ندّعي اتقان كل شيء، ونخفي حقيقة أننا لسنا أسياد الحياة.
إنّ فيروس الكورونا هو مناسبة لتذكير أنفسنا بهشاشتنا البشرية. فهذه الأزمة العالمية، على الأقل تتمتّع بميزة تذكيرنا بأننا نعيش في بيت واحد مشترك، متشابكين ومعرّضين للضعف، وإنّ التعاون فيما بيننا أكثر إلحاحًا من إغلاق حدودنا.
يبدو أننا فقدنا عقولنا! نحن نعيش كذبة. لماذا نركّز كل اهتمامنا فجأة على فيروس الكورونا؟ إنّ الإنفلونزا الموسمية العادية في فرنسا فقط تصيب 6-2 مليون شخص، وتتسبّب في وفاة حوالي 8000 شخص في السنة.
لا أنوي إصدار أمر بإغلاق الكنائس، وإلغاء القداديس، وإزالة علامة السلام في الإفخارستيا، أو فرض مثل هذه الطريقة لتلقّي المناولة على أنها أكثر صحّة (المناولة في اليد أو اختيار الطريقة كما يشاء المؤمن). لأنّ الكنيسة ليست مكانًا خطرًا، بل مكانًا صحّيًّا! إنه مكان نرحّب به مع من هو الحياة: المسيح يسوع، الذي مع وفيه وبه نتعلّم أن نكون أحياء. على الكنيسة أن تبقى على ما هي: مكان الأمل والرجاء!
هل يجب أن يُغلق المسيحي على نفسه في البيت؟ هل عليه أن يداهم سوبرماركت الحي لتخزين المواد الغذائية وغيرها من الاحتياطات، استعدادًا لتحضير بيته لحصار؟ لا! لأنّ المسيحي لا يخاف الموت، ولا يجهل أنه فاني. لكنه يعرف في من يضع ثقته.
المسيحي لا ينتمي لذاته، بل يبذل حياته، لأنه يتبع يسوع المسيح الذي يُعلّم: من أراد أن يربح نفسه يخسرها، ولكن من يخسر حياته من أجلي ومن أجل الإنجيل فذاك يربحها.
لذا دعونا لا نستسلم لوباء الخوف! دعونا لا نكون موتى أحياء! وكما قال قداسة البابا فرنسيس “لا تدَعوهم يسرقون رجاءكم!”
أسقف بيلي آرس – باسكال رولاند