مواضيع روحية

هل يرسل الله الخاطئ إلى جهنّم أم يذهب هو إليها بكامل إرادته؟

السؤال ليس كيف يمكن لإله محبّ أن يرسل أحدًا إلى جهنّم ، لكن السؤال هو كيف يمكن لأحد أن يختار جهنّم وليس الإله المُحبّ؟

سؤال يُطرح غالبًا: كيف يمكن لشخص أن يختار الذهاب إلى جهنّم ؟

عند لحظة الموت، يتجلّى الله بقوّة عظيمة ويمنح النفس الكثير من النًعم التي لم تنلها خلال حياتها. وتنيرنا تعاليم القدّيسين حول هذه النقطة. «إن رحمة الله تلامس أحيانًا الخطاة في ساعاتهم الأخيرة بشكل عجيب وسرّي. يبدو خارجيًا أن كلّ شيء قد ضاع، ولكن ليس الأمر كذلك. ترجع النفس إلى الله في ساعاتها الأخيرة وقد إستنارت بشعاع نعمته الأخيرة الجبّارة، فيغمرها حبّ قويّ وتنال فجأة من الله مغفرة الخطيئة والعقاب مع أنه لا تظهر في الخارج أيّة إشارة إلى التوبة والندامة، لأنه لم يعدْ باستطاعة النفوس [في هذه المرحلة] إبداء أيّة ردة فعل خارجية». (يوميات القديسة فوستينا مقطع 1698).

إنما تبقى النفس حرّة بالكامل لتقوم باختيارها: أن تقبل الرحمة الإلهية أو أن ترفضها. عيش الأبدية مع الله أو من دونه. أن نقتبله أو نهرب منه. لطالما طرحتُ على نفسي هذا السؤال: كيف لإنسان أن يختار العيش بعيدًا عن الله حين يتجلّى لنا في نور محبّته اللامتناهية.

لنتخيّل رجلًا اعتاد على ممارسة أعمال شريرة. وفي ظلمة الليل الحالكة، يفكّر بجرائمه القادمة ويحضّرها. كما لو كانن كيانه كلّه مبلّلًا بالحقد، وبكل أنواع الدنس وبالرغبة في الأذيّة. ولكن يفاجئه الموت وفجأة يظهر عليه نور ساطع وسط الظلمة. إنها ساعة المواجهة، ساعة الحقيقة. إُخِذ الإنسان على حين غفلة، في حالة الجرم المشهود. فما الذي سيقوم به بالفطرة؟ من دون أي تفكير، سيحاول بكل ما أوتي من قوى الفرار من أمام هذا النور الذي سيكشفه على حقيقته ويعرض سوداويّته! سيشعر بخوف كبير ويبدأ بالهروب في الإتّجاه المعاكس. لن يتحمّل ذلك النور وسيقوم بالمستحيل ليختبئ منه. ففي الواقع، هو لا يحتمل ذاته وفظاعته الخاصّة.

الله نور، الله محبّة، الله نور مُحِبّ! ينادي الإنسان ويدعوه ويرجوه ولكن احترامًا لحريّة الإنسان، لا يجبره مطلقًاعلى البقاء معه. ومن يهرب منه يرمي هو بنفسه في الفجوة التي يغيب عنها الله. كما قالت العذراء لفيتسكا وياكوف – إثنان من رؤاة مديوغوريه – حين أخذتهما لمشاهدة السماء والمطهر وجهنّم: الذين يذهبون إلى جهنّم، إنما يذهبون إليها بكامل إرادتهم. الله لا يضع أحدًا في جهنّم. لاا بل على العكس، أرسل ابنه الوحيد لكي يخلّص العالم.”

لِمَ يحتاج الشيطان إلى الظلّ ليعمل؟ يفسّره يسوع بشكل واضح في إنجيل القدّيس يوحنا:
وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً.
 لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. (يوحنا 20:3-19)

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق