هل تواجه معركة ضد عمل يعارض وصايا وإرادة الله؟ جرّب “عملية أريحا” إنها تنجح دائماً
“عملية أريحا”
أطل الربيع وها هي مدينة نيس تنشر أجمل أحواض الزهر فيها ، وترتدي جاداتها الفخمة حلاتها الفاتنة التي تأسر الأنظار ، وتفرغ جيوب السياح !
كانت فلورنس تستعجل إيجاز عمل خيري عندما جمدت فجأة في مكانها: ملصق إعلاني ضخم يغطي كامل واجهة أحد الفنادق يحمل عنواناً ظاهراً جلياً بالألوان: “مهرجان التنجيم”. جمد الدم في عروقها وتوقفت عيناها على كل تفصيل من الملصق. كل شيء فيه مصمم كي تصدم الكلمات عابر السبيل، وتثير لديه ردة فعل من الدهشة والرغبة. فالملصق لا يمكن تجاهله والإعلان آسِر ومنفّذ بكفاءة مهنية تامة! في فترة عطلة الأسبوع، يمكن لكل واحد أن يعرف كل شيء عن مستقبله وعن النوايا الخفية لمحيطه وأصدقائه وأعدائه وأصدقائه المزيفين… ولن يعود أحد بالطبع من دون آمال وطيدة حول غدِه المالي والعاطفي والجنسي.
من المشاركون في هذا المهرجان؟ أسماء ساحرة ذات تناغمات آسيوية غامضة. مواهب خارقة في تصرف الجميع!
وعود بصنع الأعاجيب، ورؤى مذهلة لا سابقة لها في فرنسا! اعتادت عينا فلورنس التأمل ملياً في يسوع، نور العالم، خلال ساعات السجود الطويلة التي تعطيها الأولوية بحرص كل أسبوع. أصابتها رؤية الملصقة في الصميم، وللحال تدفقت صلاتها:
لا يا رب، لا! لن تسمح بأن يتسمّم أبناؤك بذلك!
سبق لفلورنس أن لاحظت أن هذا الفندق الذي يعتبر فخماً جداً ولا بأس به في الظاهر وفقاً لكل المقاييس، وكان يتباهى أحياناً بعرض ملصقات غربية، لكنها كانت حتى اليوم تصرف النظر عنها لإدراكها أن نيس أبعد من أن تشتمل على أمثال تلامذة المسيح وحدهم. غير أن هذا المهرجان يشبه حبة الكرز فوق قالب الحلوى وينبغي إيجاد الوسيلة التي تمنع العدو من توجيه ضربته.
انكبت فلورنس مطمئنة تصلي. فهي تعرف أن لكل مخطط من أبناء الظلمات، مخطط انتصار مخبأ في قلب الله ويكفي الركوع لاكتشافه.
وجدت فلورنس في الكتاب المقدس المفتاح الذي سوف يفتح لها أبواب الرحمة إنها “عملية أريحا” وكيف لا؟ ألم يسقط سور أريحا أمام أولئك العبرانيين الصغار القليلي العدد من السلاح؟
ثمة خطة بسيطة خطرت في بال فلورنس التي أمسكت على الفور سماعة الهاتف:
– هل يمكنك الانضمام إلينا؟ سألت مساعدها الأساسي في فريق الصلاة. هل تتذكر كيف سقطت مدينة أريحا؟ وكيف انهارت أسوراها؟ ليس سوى أن نفعل على غرارها! سوف ندور حول مجموعة البيوت المحاذية للفندق، ونحن نصلي ونمجّد الرب. ويمكننا أيضا تلاوة المسبحة. عليك التفرغ لساعة واحدة. سوف نتناوب على ذلك طيلة سبعة أيام متتالية.
أعلن عشرة أعضاء من فريق الصلاة تطوّعهم لهذه المهمة. عشرة! ممتاز. إنه عدد الأبرار الذي اقترحه ابراهيم على الله لدى توسّطه من أجل الصفح عن سدوم. كذلك اليوم، في إسرائيل، لا يمكن هدم كنيس إذا وجد فيه عشرة أبرار من اليهود الأتقياء للصلاة. ها هم أولئك العشر من “الأبرار الصامتين” ينفّذون “عملية أريحا” في ذلك الحي الراقي من نيس، طيلة سبعة أيام حتى كادت نعالهم تهترىء. المسبحة في أيديهم، وكتاب المزامير، وخصوصاً الورع في قلوبهم.
بعد انقضاء بعض الوقت، تلقت فلورنس اتصالاً هاتفياً:
– ألم تلاحظي شيئاً في الفندق؟
– كلا، لماذا؟!
-لقد سحبوا الملصق! .
– والمهرجان ؟
– أُلغي!
– أحقّاً تقولين؟!
– أجل، انتهى!
مرت عشر سنوات على ذلك ولم يستعد ذلك الفندق نشاطاته المضرة، على الإطلاق، وغدا الحي يتنشق هواءاً آخر. هل يمكن القول إن أبرار أريحا الذين استطابوا مناخ نيس قد استقروا فيها؟
ليس هذا كل شيء !
حين تشكو نفس يائسة إلى فلورنس وضعاً تقاسيه حيث يبدو جلياً أن الشيطان يلعب لعبته مع أبناء الله ويدعى الفوز فيها، لا تتأخر في الإجابة قائلة:
– قوموا ب “عملية أريحا” سوف ترون، أنها تنجح!
تروي فلورنس أن بعض العائلات المسيحية في إحدى بلدات منطقة البروفانس قلقت جراء الإعلان أن مجموعة الشباب تثير الريبة، تنظّم حفلة لموسيقى “الهادر روك”؛ ومعلوم أن لمثل هذه الحفلات علاقة أليفة مع المخدرات وجملة مصائب أخرى تتبعها، الأمر الذي كان ينبىء بالأسوأ لتلك العائلات، لا سيما وأن الحفلة تجذب آلاف الشبان.
قالت إحدى العائلات: – لننفّذ “عملية أريحا” نحن على معرفة بالمكان الذي سوف تقيم الأوركسترا منصّتها فيه. سوف نتناوب ونطوّق المنطقة بكاملها بالصلاة طيلة سبعة أيام…
وهكذا كان. في ذلك اليوم المشمس من تموز، وصلت الشاحنات محمّلة بالأجهزة والمعدّات. وأخذت ضربات المطارق تسمع من الجانب الجنوبي للبلدة وارتفعت في فترة قياسية منصّة ضخمة، وخرجت بعض الآلات الموسيقية من صناديقها وأطلقت الأجهزة أصواتاً متنافرة في أرجاء البلدة كلها. وكانت بعض تجمعات صغيرة من الفتية أخذت تتحلق حول العاملين التقنيين، تطرح عليهم ألف سؤال وسؤال. كل شيء يبنئ بسهرة عامرة وليلة ماجنة تتفجّر فيها الأهواء على سجيّتها! كانت هناك أيضا مجموعة المصلّين تواصل سهرتها بصمت.
– آيها الرب، شكرا سلفاً على ما ستفعله لحماية أولادك! إننا نثق بك.
المذياع والآلات وتمديدات أجهزة الصوت كلها أصبحت الآن في مكانها. والطقس مؤات للغاية: سماء صافية وحرارة عالية سوف تنخفض بضع درجات أثناء السهرة… إنه مثالي لحفلة موسيقية! حول المكان، يتمركز باعة متجوّلون يعرضون بضاعتهم. وباعتقادهم أن هذا المساء سيوفر لهم مبيعاً مردوداً لا بأس بهما.
يترصّد باعة المخدرات المكان فيما الباحثون عن المغامرات يضعون خططهم… فضلاً عن بعض الحافلات والسيارات الخاصة التي تركُن في زاوية من المكان المخصّص لها.
-أيها الرب، يا ذا الرحمة اللامتناهية! انت ترى هؤلاء الشبان جميعاً، أولادك، شكراً لما سوف يبتكره قلبك الأبوي للحفاظ عليهم.
كانت الشمس لا تزال في برجها عندما دفع أحد الشبان المشاركين في “عملية أريحا” جاره بمرفقه:
– هل رأيت الغيمة ؟
– غيمة ؟ أين ترى غيمة!!
– أنظر، هناك!
– انت على حق! غريب … إنها كشعرة في الحساء، فالسماء ذات زرقة لا غش فيها.
– انتظر قليلاً، مع يسوع… سوف ترى ما ستراه!
يمكن للمشهد أن يستعيد في بعض جوانبه حادث غيمة إيليا عندما انحبست سماء إسرائيل وعمّ الجفاف البلاد. وبالفعل، أخذت تلك الغيمة الصغيرة تتضخّم على مرأى من العين وتحوّلت في وقت قياسي إلى كتلة سوداء ضخمة. تغيّرت ألوان وجوه التقنيين والفنّانين واستبد بهم القلق. كانوا على حق في قلقهم لأنه، في أقل من الوقت اللازم لقوله، هطل مطر غزير كالسيل على البلدة. إنه طوفان حقيقي غير متوقع على الإطلاق. مع أن نشرة الطقس أعلنت عن طقس صافٍ! على المنصة، هلع تام. يستحيل إعادة كل شيء إلى الصناديق بسرعة، والآلات والأجهزة الصوتية آخذة بالتبلل. إنها كارثة…
بعد سنوات من ذلك لا يزال بعض أعضاء “عملية أريحا” يستطيبون استعادة فصل الحفلة الموسيقية التي غرقت في الماء، الأمر الذي يشجّعهم على مواصلة المعركة، لأن العدو لن يأله جهدا ولن ينام من أجل إفساد الشباب وتدميرهم. لكن هذا لا يمنع أن الله. في ذلك المساء قد وضع دمغته وحما ألوف الشبان. ولم تعد الفرقة الموسيقية الى المنطقة.
(لمعرفة تفاصيل قصة سقوط أريحا في الكتاب المقدس يمكن قراءتها في سفر يشوع 6)
لقراءة السفر اضغط هنا