قصص وأحداثمختارات عالمية

كاهن يتحدّى الله: يا رب، أُمهلك عامًا واحدًا لتتصرّف وإلّا… فماذا كان جواب الله؟

 يا رب، أُمهلك عامًا واحدًا لتتصرّف وإلّا…

عُيّن الأب لامبرتوس سومار كاهنًا في رعيّة صعبة في جزر فيجي. لم يُخفوا عليه رؤساءه الناحية المتمرّدة لهذه البلدة حيث عانى كثيرًا أسلافه الكهنة من دون التوصّل إلى جذب السكان إلى الكنيسة. لكنه ذهب إلى هذه الرعية شبه الميتة متّكلًا على مواهبه التبشيرية، متأكّدًا بأنه سيجد الوسائل ليغيّر هذه القرية.

بعد وصوله بقليل، اصطدم بالمشاكل المحلية المتغلغلة: يحتسي السكان الكحول بشكل كبير، وبميول أخرى مميتة، موصدين آذانهم أمام كل تعليم إنجيلي.

فكان يحتفل كل يوم بالذبيحة الإلهية بحضور شخص واحد فقط، وأحيانًا شخصين. وقد استخدم شتى وسائل الإقناع. زار العائلات وحاول جمع الشبيبة ولكن ما من تغيير طرأ. بل بقيت كنيسته فارغة.

بعد مرور أشهر عدّة على خدمته التي لم تلقض أي نتيجة على الرغم من جهوده، ثبطَت همّته. وذات يوم، صلّى إلى الله قائلًا له: “يا ربّ، أمنحك عامًا لكي تغيّر رعيّتي لأني لم أعد أحتمل الاحتفال بمفردي. فإن لم يتمّ التغيير في غضون عان، سوف أرحل!”

مضى عام من دون أدنى تغيير. وكان الأب لامبرتوس يحتفل يوميًّا بالذبيحة الإلهية منفردًافيما انكبّ أبناء رعيّته على نشاطاتهم. ولم يلتقِ العالمان قط.

حلّ تاريخ التوقّف، وفي ذلك اليوم، إحتفل الأب لامبرتوس، وهو على أمانته للتحدّي الذي أطلقه أمام الله. بقدّاسه الإلهي الأخير وحده في كنيسة فارغة كليًّا. واهتمّ بتناول آخر قربانة، إذ لا يمكنه أن يترك الحضور الإفخارستي المقدّس وراءه. بما أن الكنيسة ستصبح من دون كاهن.

 

بعد القدّاس ذهب إلى بيته ليُنهي آخر التحضيرات قبل المغادرة. فربط أمتعته كلّها على حاملة الأمتعة، وهمّ ليذهب إلى القرية المجاورة ويغادر جزر فيجي.

ما لبث أن سار بضعة أمتار حتى ركض نحوه رجل يصرخ له: “يا أبتِ، لا تغادر! فقد وقع رجل عن شجرة جوز الهند وهو يحتضر. إنه بحاجة إلى أن يعترف ويتناول القربان المقدّس قبل وفاته”.

فكرة أن يحتفل مرة جديدة بالذبيحة الإلهية لم ترثق له. لكن لم يعد لديه قربان مقدّس، وهو لا يستطيع ترك رجل منازع بدون اعتراف ومناولة. فقال للرجل: حسنًا، سأحتفل بالذبيحة الإلهية من أجله”.

عاد إلى منزله، وضع أمتعته، واتّجه نحو الكنيسة. وبينما كان يرتدي ثيابه الكهنوتية في السكرستيا، سمع ضجّة غير اعتيادية في الكنيسة. أصوات وضجّة لم يعتد على سماعها في هذا المكان المقدّس. ففتح وهو منذهل، الستار الذي يفصل بين السكرستيا والكنيسة ونال مفاجأة حياته! على عكس كل توقّع، كانت الكنيسة ممتلئة!

بقي الكاهن مندهشًا ومسمّرًا في مكانه لبضع لحظات. لم يصدّق عينيه: أتى السكّان بالمحتضر على فراش ووضعوه في وسط الممشى الرئيسي. وفي ذلك اليوم، تابع أبناء الرعيّة كلّهم الذبيحة الإلهية بتديّن. من كان يمكنه أن يحزر أنه قبل عام تمامًا في مثل هذه الساعة استفزّ الأب لامبرتوس الله قائلًا له: “أُمهلك عامًا واحدًا لتتصرّف !”

كان الأب يرتجف وهو يحتفل بالذبيحة الإلهية مضطربًا من جواب الله العظيم. لكن في الواقع كان لله مشروعه. فقد أفاد من شجرة جوز الهند العالية ومن وقوع هذا المزارع ليفتعل حادثة أساسية تدفع بأولاده إلى العودة إلى قلبه. أما المحتضر فنال الشفاء ولم يمت.

تابع أبناء الرعية في الأيام التالية التردّد إلى الكنيسة، وقد وجد الأب لامبرتوس صعوبة في اتّباع نمطهم السريع بإدارة جميع الأسرار التي يطلبونها منه. ومنذ ذلك الحين لم تفرغ الكنيسة. خلال السنوات الثلاث التي تلت ذلك الحدث، احتفل الأب لامبرتوس ب 500 معمودية. يقول الكتاب المقدّس: ” في الوقت المناسب، سأتحرّك سريعًا”.

رأى الكاهن الشاب في تلك الأحداث حسّ فكاهة الله وحبّه في آنِ واحد. وأدرك أن الله وحده كفيل بتغيير القلوب، ونحن كلنا خدم مساكين لا نفع لنا. في ذلك اليوم، أدرك أنّ الراعي الحقيقي لرعيّته إنما هو الرب يسوع وليس هو. وتعلّم أن الأنفس تعود إلى الله بنعمة من الروح القدس وبكثير من الصلوات والتواضع العميق.

فيما بعد نال الأب نعمة التبشير وممارسة خدمته الكهنوتية ولن ينسى أبدًا زبونه الأول: الرجل الذي وقع عن شجرة الجوز!

العبرة: إن أردتم أن يحمل الله أعمالكم على عاتقه، لا تجعلوه ينتظر عامًا، إنما اطلبوا ذلك منه اليوم! سيكون سعيدًا للغاية بأن يهتمّ بأعمالكم، لا، بل يفرح بأن يسمح لكم بتواضع فائق بأن تتعاونوا معه في أعماله الخاصة.

هذه الأحداث روتها الراهبة إيمانويل مايار في كتابها “السلام صاحب الكلمة الأخيرة”. وقد سمعتها من الأب لامبرتوس ذاته عندما تعرّفت عليه عام 2014 .

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بطبيعتي اني انسان مؤمن ولاكن الموقع زادني ايمانن بالله ويسوع والعذراء مريم والملائكة والقديسين وبمحبة الله لنا

    وعلينا العمل بما يرضي الله بكل تواضع ومحبة وتسامح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق