من الذي جَلَد الرب يسوع؟ رؤيا القديسة فوستين رسولة الرحمة الإلهية!
لما جئت الى العبادة (ساعة سجود) إستولى عليّ فجأة خشوع داخلي ورأيت الرب يسوع مُعرّىً من ثيابه وبدأ الجلد فوراً. رأيت أربعة رجال يضربون الرب بالسياط مداورة. كاد قلبي يتوقّف لرؤية هذه العذابات. قال لي الرب: “إنني أتألّم أكثر مما ترين”، وجعلني أدرك من أجل أية خطايا أسلم نفسه الى الجلد: هي خطايا الدنس.
آه! كم كانت مخيفة آلام يسوع النفسية وقت الجلد. ثم قال لي يسوع: “أنظري الى البشرية وتأمّلي وضعها الحالي”. في الحال رأيت أشياء مرعبة: غادر الجلّادون يسوع وبدأ ناس آخرون يجلدونه. أخذوا السياط وضربوا يسوع بدون شفقة. كان هؤلاء كهنة ورهباناً وراهبات ومسؤولين كباراً في الكنيسة. هذا ما أثار دهشتي. كانوا ايضاً علمانيين من كل الأعمار والمراكز الإجتماعية. أفرغ كلّهم شرّهم على يسوع البريء. دخل قلبي في نزاع مميت عند هذا المشهد. بينما كان الجلّادون ينكبّون على ضرب يسوع، كان هو صامتاً ينظر الى البعيد. ولكن لما بدأ هؤلاء الأشخاص الذين ذكرتهم بجلده، أغلق عينيه وصعد من قلبه تنهّد خفيف ولكن مؤلم.
أفهمني يسوع بتفصيل فظاعة شرّ تلك النفوس العقوق: “أنظري كيف أن هذا العذاب هو أشدّ ضراوة من الموت”.
حينئذ صمتت شفتاي أيضاً وبدأت أختبر نزاع الموت وشعرت أن لا أحد يستطيع أن ينتشلني من هذه الحالة إلا الذي وضعني فيها. قال لي حينئذٍ الرب: “إني أرى عذاب قلبك الصادق الذي حمل عزاءاً لقلبي. أنظري وتشجّعي”.
حينئذٍ رأيت يسوع مسمّراً على الصليب، ولما كان معلّقاً عليه لبعض الوقت، رأيت جمهوراً أناس مصلوبين مثله. ثم رأيت جمهوراً ثانياً وثالثاً من الناس. لم يكن الناس من الجمهور الثاني مسمّرين على صلبانهم انما كانوا يمسكون بها بأيديهم. ولم يكن الناس من الجمهور الثالث مسمّرين على صلبانهم ولا ماسكينها بأيديهم، بل كانوا يجّرونها وراءهم بكآبة.
حينئذٍ قال لي يسوع: “أترين هؤلاء الناس؟ كل الذين يتشبّهون بي بالألم والحزن سيكونون مثلي بالمجد. والذين هم أقلّ شبهاً بي بالألم والحزن سيكونون أيضاً أقل شبهاً بي بالمجد”.
كان العدد الأكبر بين المصلوبين ، من رجال الدين. رأيت أيضاً أناساً كنت أعرفهم. وهذا ما حمل لي فرحاً كبيراً. حينئذٍ قال لي يسوع: “ينبغي أن تفكّري غداً، وقت التأمّل بما رأيته اليوم”. واختفى فجأة من أمامي.
قال الرب يسوع للقديسة فوستين:
“يطفح قلبي برحمة كبرى ولا سيما للخطأة المساكين. لو استطاعوا فقط ان يفهموا انني أفضل أب لهم , وان الدم والماء فقد تدفقا لأجلهم من قلبي , كما من نبع تتدفق منه الرحمة. لأجلهم امكث في بيت القربان كَملك الرحمة . ارغب ان أغدق نِعَمي على النفوس ولكنها لا تريد ان تقبلها. تأتين انتِ على الاقل كلما استطعتِ وتتقبلين تلك النعم التي ترفضها تلك النفوس . هكذا تعزين انتِ قلبي . آه كم هي غير مبالية بنِعم غزيرة كهذه وببراهين عديدة لمحبتي . يشرب قلبي فقط من نكران الجميل ومن النسيان الذي تُبديه النفوس العائشة في العالم . عندها الوقت لكل شيء ولكن ليس عندها الوقت لتاتي وتقبل النِعم ..
لذا أتّجه نحوكِ أنتِ النفوس المختارة، فهل أنتِ أيضاً تختلفين عن فهم محبة قلبي؟ هنا أيضاً يخيب أملي فلا أجد انصياعاً كاملاً لمحبّتي. هنا الكثير من التحفّظ، من فقدان الثقة ومن الحذر. دعيني أقول لكِ بغية تشجيعكِ، أن هناك نفوس تعيش في العالم وتحبّني كثيراً ولكنها قليلة. إنني أسكن قلبها بفرح. وفي الدير نفوس تملأ قلبي سعادة. فهي معجزة الملائكة والبشر، لكن عددها هو قليل. وهي حماية للعالم أمام عدالة أبي السماوي. وسبب الحصول على رحمة له. إن محبة وتضحية تلك النفوس تدعم بقاء العالم. إن خيانة نفس اخترتها خصيصاً، تجرح قلبي بألم أكثر إيجاعاً. تلك الخيانات هي أشبه بسيف يجتاز قلبي”.
من كتاب الرحمة الإلهية في داخلي – يوميات القديسة فوستين