الكنيسة المقدسة

ما هو المسّ الشيطاني وما هي أعراضه وكيف نواجه أعمال الشيطان؟

ما هو المسّ الشيطاني وما هي أعراضه وكيف نواجه أعمال الشيطان؟

هناك عمل عادي للشيطان يطال جميع الناس ويقوم بجذبهم الى طريق الشرّ. يسوع ذاته قبِل وضعنا الإنساني إذ ترك الشيطان يجرّبه. لن أتكلّم عن عمل الشيطان المؤذي، وإن كان خطيراً، لأني أفضّل توضيح عمله غير المعتاد. أي ذلك الذي يسمح له الرب في حالات محدودة فقط.

وهذا العمل يمكن ظهوره في خمسة أشكال مختلفة:

shutterstock_2943213-660x350

1- الجسدية الخارجية التي سببها الشيطان

إنها ظواهر عانى منها قدّيسون عديدون خلال حياتهم. وإننا لنعلم كيف أن القديس بولس الصليبي، وخوري آرس، والأب بيو وغيرهم كثيرون قاسوا من الشيطان اللطم والجلد والضرب. لكنني لن أتوقّف على هذا النوع من العمل الشيطاني، لأن الضحايا في هذه الحالات لا يحتاجون الى تدخّل مقسّمين لكونهم لم يتعرّضوا لتأثير الشيطان الباطني. وبعض الذين كانوا مطلعين على وضعهم قد استعانوا بالصلوات. وبالتالي فإني أفضّل وصف الأشكال الأربعة الأخرى من العمل الشيطاني، لعلاقتها المباشرة بالمقسّمين.

 

2- المسّ الشيطاني

انه العذاب الأشد خطورة الذي ينشب عندما يستولي الشيطان ليس على النفس وحسب، بل على الجسم ايضاً. فيدفعه الى التحرّك او الكلام على هواه. ولما كانت الضحيّة لا تستطيع مقاومته، لذا لا يمكن أن تكون مسؤولة. وهذا النوع تصحبه أكثر من غيره، ظاهرات مسرحية شبيهة بتلك التي ظهرت في فيلم “المقسّم” أو مماثلة للمظاهر الأشد تعبيراً، المذكورة في كتاب الرتب، التكلّم بلغات جديدة. وإبداء قوّة خارقة، او الكشف عن أشياء خفيّة.

tumblr_lr86uveW2k1qdmioco1_500

والإنجيل يقدّم لنا مثالاً جيداً على ذلكفي “مسكون منطقة الجدريين”. لكن ينبغي مع ذلك ان ندرك جيداً: ان هناك مجموعة من أنواع المسّ الشيطاني على اختلافات هامة في ما بينها، بالخطورة وبالعوارض. ولا ينبغي التوقّف عند نوع واحد منها.

من بين جميع المرضى الذين أهتّم بهم، قسّمت يوماً على اثنين واقعين تحت المسّ الشيطاني: في أثناء جلسة التقسيم، بقيا جامدين تماماً، دون أن يلفظا أي كلمة. ويمكنني أن أقدّم أمثلة كثيرة على المسّ الشيطاني متميّزة بعوارض كبيرة الإختلاف.

 

3- الإزعاج الشيطاني او القهر

يعبّر عن جميع أنواع الإضطرابات أو الأمراض الأقل أو الأكثر خطورة، والتي تتحوّل الى “مسّ شيطاني”، وتسبّب فقدان الوعي، والقيام بأعمال أو التلفّظ بكلمات لا تكون الضحيّة مسؤولة عنها.

على ذلك يعطينا الكتاب المقدّس بعض الأمثلة. أيوب لم يكن مصاباً بالمسّ الشيطاني، بل أبناؤه وأمواله وصحّته. وكذلك المرأة الحدباء والأصم الأخرس لم يكونا تماماً تحت وقع المسّ الشيطاني. بل كان حضور الشيطان هو أساس تلك الإضطرابات الجسدية. القديس بولس لم يكن بكل تأكيد ممسوساً، ولكنه كان ضحيّة إزعاج شيطاني خبيث: “ومخافة أن أتكبّر بسمو الإيحاءات أوتيت شوكة في جسدي: رسولاً للشيطان أوكل إليه أن يلطمني لئلا أن أتكبّر” (2 كورنثوس 7:12). فأساس هذا الإزعاج كان إذاً شيطانياً، خبيثاً.

satansrealyo

المسّ الشيطاني لا يزال موجوداً حتى اليوم ولكنه نادر. ومع ذلك فإن المقسّمين يواجهون عدداً كبيراً من الذين يمسّهم الشيطان في صحّتهم، وأموالهم، وعملهم وحياتهم العاطفية، الخ… وينبغي أن ندرك أن تحديد الأساس الشيطاني لهذع الإزعاجات (يعني معرفة إذا كان السبب شيطانياً أم لا) وشفاءه، ليسا على الإطلاق أسهل من تحديد وشفاء حالات حقيقية مصابة بالمسّ الشيطانيذاته. فربما مستوى الخطورة يختلف، ولكن تأويل الظاهرة هو في المستوى نفسه من الصعوبة. والشفاء منها يقتضي الوقت ذاته.

 

4- الوسواس أو الهاجس الشيطاني

إنه تعبير للدلالة على هجمات شرسة وأحياناً متواصلة لأفكار ملحاحة، قد تصل الى حد اللامعقول، ولا تستطيع الضحيّة التخلّص منها.

فالضحيّة تعيش اذن حالة من الإحباط واليأس الدائم الذي من المحتمل أن يؤدي بها الى الإنتحار. والوساوس تؤثر تقريباً على الأحلام. وقد يقال لي أنها حالات مرَضية من اختصاص الطب النفساني أو البارابسيكولوجيا أو غير علوم متشابهة. ومع ذلك هناك حالات تخرج تماماً عن دائرة هذه العلوم، وتظهر على العكس، أعراضاً ناتجة عن حضور خبيث أكيد. وحده البحث النظري والإختباري يمَكّن من الوصول الى تحديد الإختلاف.

 

5- القهر

ولنصل أخيراً الى السيطرة الشيطانية على البيوت والأشياء والحيوانات. لن أتوسّع في الموضوع الذي أشير إليه في كل كتابي. وبالنسبة الى معنى العبارة أقول فقط، وبحسب رأيي، أن هذا المفهوم لا ينطبق على الأشخاص الذين أفضّل من أجلهم المفردات التي ثبت شرحها: مسّ شيطاني – إزعاج ووسواس.

 

كيف نستطيع مواجهة كل هذه الشرور؟

3

 

نجيب حالاً بواسطة كتاب الرتب ان “التقسيمات” لا حاجة لها إلّا في حالات المسّ الشيطاني الأكيد. والحال أن المقسّمين يهتمّون في الواقع، بجميع حالات التأثير الشيطاني، التي تكفيها وسائل النعمة المعتادة، أي الصلاة والأسرار والمحبّة والحياة المسيحية ومغفرة الإهانات، والإلتجاء الدائم الى الرب يسوع، والى العذراء مريم، والى القديسين والملائكة. ويهمّني التوقّف عند هذه النقطة الأخيرة.

 

إننا بطيبة خاطر نختم هذا الفصل عن الشيطان عدوّ المسيح، بالكلام عن الملائكة: إنهم حلفاؤنا الأساسيون. علينا الكثير من واجبات الإمتنان لهم، ومن الضلال ألّا نتكلّم عنهم القليل.

لكل منا ملاكه الحارس، صديقه الأمين، 24 ساعة على 24 ساعة، منذ الحبل بنا وحتى الموت. إنه يحامي عنا دون انقطاع نفساً وجسداً. ونحن في غالب الأحيان، قلّما نفكّر فيه. ونعرف أن للشعوب أيضاً ملائكتها الحارسة، وكذلك لكل جماعة، وربما للعائلة، مع أن لا شيء أكيد حول هذا الموضوع.

الأمر الأكيد عندنا، هو أن الملائكة كثيرون ويرغبون في صنع الخير لنا. خير يزيد بكثير على الشرّ الذي يحاول الشياطين إصابتنا به وتحطيمنا.

7124677b7e6bde441141f4c5dbb7c6ca

الكتاب المقدّس يكلّمنا كثيراً عن الملائكة وعن المهمّات التي يكلّفهم الرب بها. ونعرف اسم رئيسهم القدّيس ميخائيل: إن بينهم هيراركية أساسها الحبّ، وتوجّهها إرادة الله. ونعرف كذلك اسم رئيسين آحرين:جبرائيل ورفائيل. وكتاب منحول يضيف اسماً رابعاً: “أوريل” (نور الله) والكتاب يطلعنا أيضاً على توزيعها في تسعة أجواق: سيادات، قوّات، عروش، رئاسات، فصائل، ملائكة، رؤساء ملائكة، كاروبيم وساروفيم.

 

والمؤمن، الذي يعتقد أنه يحيا في حضرة الثالوث الأقدس الحالّ فيه، يعرف أنه ينعم دوماً بعون أمّ، هي أمّ الله. ويعرف أنه يستطيع دائماً الإتّكال على الملائكة والقدّيسين: فكيف يشعر، مع ذلك، أنه في عزلة ومتروك يسحقه الشرّ؟ في حياة المؤمن مكان دائم للألم، لأنه درب الصليب الذي يخلّصنا. ولكن لن يكون فيها أبداً مكان للحزن. انه دائماً على استعداد ليشهد، أمام كل من يسأله، للرجاء الذي يسنده. (راجع 1 بطرس15:3)

 

وبديهي القول، أنه على المؤمن أن يكون أميناً لله. وأن يخاف من الخطيئة وعلى هذا الدواء تستند قوّتنا، لدرجة أن القدّيس يوحنا لا يتردّد في القول: ونحن نعلم أن كل مولود من الله لا يخطئ، لأن ذاك الذي ولد من الله، يصون نفسه، والشرّير لا يقترب منه. (1يوحنا 18:5)

وإذا كنا أحياناً نسقط لضعفنا، فيجب علينا أن ننهض حالاً بمعونة الوسيلة الجبّارة، التي منحتنا إياها رحمة الله. اي الندامة والإعتراف أو المصالحة.

exorcist-e1376375504734

من كتاب شهادات كاهن يقسّم على الشياطين – للأب غبريال آمورث كبير المقسّمين في روما

 

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق