مواضيع روحية

ما الفرق بين اختبار الله للبشر وتجربة الشيطان لهم ولماذا يسمح الله بهما

من كتاب مملكة الإرادة الإلهية وسط الناس - كتاب السماء

كتاب مملكة الإرادة الإلهية وسط الناس
كتاب السماء

في مقدّمة مترجم كتاب مملكة الإرادة الإلهية وسط الناس – كتاب السماء لخادمة الله لويسا بيكاريتا، نجد شرحًا رائعًا عن الفرق بين اختبار الله للناس أهميّته ومعناه وبين تجربة الشيطان للبشر ونتائجها:

10- من قراءة كتابات الإرادة الإلهية هذه يُمكن بوضوح معرفة أنّ البشر جميعًا يخضعون للإختبار كشرط للقداسة حتى مريم العذراء خضعت للإختبار كشرط للقداسة كما جاء في الرسالة الواردة في يوم 8 كانون الأول 1924: “إبنتي، لا أحد مقبول من قِبلي بدون إختبار. إن لم يكن هناك إختبار، لكانت لي أماً آمة وليست حرّة، والعبودية لا تدخل في علاقاتنا وأعمالنا، ولا يُمكنها أن تُشارك في محبتنا الحرّة…”

نفهم من هذا الكلام بأنه يوجد فرق بين إختبار الرب الذي هو شرط أساسي للقداسة وبين التجربة التي يريدها الشيطان ويأخذ موافقة الله على أن يقوم بها كما في قصة أيوب الواردة في العهد القديم. بموجب هذا المفهوم يُمكن فهم عبارة إن “الله لا يُجرّب أحدًا”. الفرق كبير بين المفهومين وقد فتح لي أفاقًا واسعة لفهم ما يريده الرب منّا. فمثال الاختبار هو جزء من حياتنا اليومية وهو ما يريد الرب منا تطبيقه في كل مجالات الحياة من الكلام وضرورة التمسّك بالكلام الحسن ونبذ السيء، مرورًا بالعمل والنزاهة فيه والحق والالتزام به ومحبة الآخر كنفسنا وغيرها من السلوك اليومي لكل البشر؛

كلها إختبارات يُمكننا من خلالها أن نُحدّد موقفنا من الله، سواء بالسلوك بالطريقة التي يريدها، أو نفشل فيها فنأخذ مواقف شخصية لمصالحنا بعيدًا عن إرادة الله وهذا يُمثّل فشلًا في الاختبار. أما التجربة فهي التي يسمح الله لأن يقوم بها الشيطان ضدنا وتكون ُمختلفة في بوادرها ونتائجها وتُعطينا قصة أيوب الواردة في الكتاب المقدس الكثير من الفهم لها. بموجب هذا الفهم رأينا مؤخرا طروحات تدعو الى تبديل ما ورد في صلاة الأبانا من “لا تُدخلنا في التجربة” الى “لا تدعنا في التجربة”.

الاختبار يكون لتحديد الموقف من إرادة الله بموجب إرادتنا فنكون أحرارًا في العيش بموجب إرادة الله أو نفشل فنركز على أمور أرضية تُبعدنا عن إرادة الله ويكون الفشل من نصيبنا فنُصبح بإرادتنا أقرب الى الشيطان من الرب. ومن الأمور الواضحة في موضوع الاختبار هو إنه مستمر مع الحياة الى أن يصل الإنسان بإرادته الى معرفة إن العيش في إرادة الله هو الحل الأمثل للعيش بسعادة على الأرض لأنه في الإرادة الإلهية كل الأمور تحصل على نفس القيمة كما يُوضح الرب لنا في هذه المجلدات.

11 .ما ورد في الفقرة 10 الأنفة تقودنا الى سؤال أخر مهم وهو:
لماذا هذه الاختبارات والتجارب أساساً، فمرة نُختبر من الرب ومرة نُجرب من الشيطان ونحن بين الله والشيطان نُعاني أحيانا بقسوة شديدة مما نمّر به!؟ لكي نفهم هذا الموضوع توجد ضرورة أن ننظر بشمولية الى الكتاب المقدس ونربط به المفاهيم التي وردت في كتابات الإرادة الإلهية هذه إذ نرى ترابطا واضحًا بين مفاهيم الكتاب المقدس وبين مفاهيم كتابات الإرادة الإلهية.

عندما وقع آدم في الخطيئة فهم مباشرة ما هو الخير وما هو الشر أي أصبح مثل الله في
المعرفة، ولكن هذه المعرفة حرمته من شيء أساسي وهو العيش الى الأبد، إذ لم يسمح الله له بأن يأكل من شجرة الحياة بعد أن أكل من شجرة معرفة الخير والشر لكي لا يُصبح مثل الله، هذه القصة واضحة في سفر التكوين بالكتاب المقدس.

لذا، بعد خطيئة آدَم نرى بأننا أمام ثلاث شخصيات بثلاث خصائص:

أولًا: الله الحي الأزلي العارف للخير والشر والذي لا يعمل غير الخير المطلق فقط.

ثانيًا: الشيطان الذي خلقه الله قبل الإنسان، وسيبقى بعده، ويعرف الشر فقط ولا يعمل غير الشر فقط.

ثالثا: آدم (أي الإنسان بشكل عام) العارف بالخير والشر وله الإرادة الحرّة ليعمل إما الخير أو الشر والممنوح فرصة من قبل الله ليُقرر أين سيقضي أبديته إما مع الله أو مع الشيطان في الجحيم.

إذن الإرادة البشرية الحرّة على الأرض تخضع لمجموعة إختبارات، ومعها أيضا تجارب، لأنه قبل أن يسمح الله للإنسان بأن يأكل من شجرة الحياة التي ستجعله يعيش الى الأبد بالخير فقط (دون معرفة الشر) يجب أن نُقرّر بإرادتنا أين نريد أن نذهب وهذا القرار يجب أن نأخذه هنا على الأرض حيث نحمل جسدًا يعمل على حواسه وغرائزة الشيطان بكل قوته لكي يأخذنا إليه، ويعمل علينا أيضاً الرب يسوع الذي دفع حياته ثمنا لخالصنا وهو معنا كل الأيام وحتى إنتهاء الدهر.

هذا هو العدل المطلق لله الذي يسمح بموجبه للشيطان أن يُجربنا، ويسمح لنا بأن نمتلك إرادة حرة نُقرر بموجبها.

في الختام يقول الرب لـلويسا يوم 10 شباط 1924: “أرى بأن هذه الكتابات ستكون للكنيسة مثل شمس جديدة ستشرق في وسطها، والناس، مسحوبون بضوئها الملتهب، سيُخصصون أنفسهم لكي يتحولوا الى هذا الضوء ويُصبحوا روحانيين ومؤلهين بحيث إنهم، مثلما تتجدد الكنيسة، سيُغيرون وجه الأرض”.

ويقول أيضا في يوم آخر: “إبنتي، كلماتي مليئة بالحقيقة والنور، وتحمل معها المادة والفضيلة لتحويل النفس الى الحقيقة ذاتها والى النور ذاته والى الخير ذاته الذي تحتويه، بحيث إن النفس لا تعرف الحقيقة فقط بل إنها تشعر في داخلها بمادة العمل إستنادًا الى الحقيقة التي تعرفها. علاوة على إن حقائقي مليئة بالجمال والانجذاب، بحيث إن النفس وهي مأخوذة بهذا الجمال تدع نفسها تبتهج بها”.

وأخيرا يقول الرب يسوع لـ لويسا يوم 19 تشرين الثاني 1925: “كلما كثُرت المعلومات التي تعرفيها عن إرادتي كثرت الخيرات التي تملكيها”. أمين.

وسـام كاكـو

نُقل بإذن من المترجم

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق