قصص القديسين

تفاصيل رؤيا جهنّم المرعبة وتأثيرها الكبير على جاسنتا الصغيرة – من كتاب ذكريات الأخت لوسيا

الشرح التالي من كتاب “فاطيما – ذكريات الأخت لوسيا” وهو مجموعة المذكّرات الأربع التي كتبتها بأمر من سيادة أسقف ليريا المونسينيور خوسي ألفيس كوريا دا سيلفا. 

رؤيا جهنّم

أرتنا السيّدة العذراء بحرًا كبيرًا من نار كأنه موجود تحت الأرض، تغوص فيه الشياطين والنفوس كأنها جمرات شفّافة باللون الأسود أو البرونزي وبشكل بشري. كانت تطوف في ذلك الحريق، تدفعها شُهب نار خارجة منها مع غيوم من الدخان. كانت تقع مجدّدًا على كافة الجهات كما تتناثر الشرارات في الحرائق الكبيرة. من دون وزن ومن دون توازن، مع صرخات وتأوّهات ألم وتشاؤم مخيفة أرعبتنا وجعلتنا نرتجف خوفًا.

كانت الشياطين تتميّز عن النفوس بأشكالها الرهيبة والمقزّزة كحيونات مخيفة وغريبة ولكنها شفّافة وسوداء.
لم تدُم هذه الرؤيا طويلًا بفضل أمّنا السماوية التي سبق أن وعدتنا باصطحابنا إلى السماء (خلال ظهورها الأول). لولا ذلك، لكان الرعب والخوف قد قضيا علينا. ثم رفعنا عيوننا نحو السيّدة العذراء التي قالت لنا بطيبة وحزن:
“لقد رأيتم جهنّم حيث تذهب نفوس الخطأة المساكين. لكي يتم خلاصهم يريد الله أن يقيم في العالم عبادة لقلبي الطاهر.
إذا تمّ ما سأقوله لكم، يخلص الكثير من النفوس، وسيحلّ السلام وستنتهي الحرب.

تأثّر جاسنتا الكبير

كيف يمكن لجاسنتا، على صغر سنّها، أن تتحلّى بروح الإماتة والتضحية؟
يبدو لي أولًا، أن الله أراد أن يهبها نعمة خاصة بواسطة قلب مريم الطاهر وثانيًا لأنها رأت جهنّم وتعاسة النفوس الموجودة فيه.
قد لا يحبّذ بعض الأشخاص، حتى المؤمنون منهم أن يتحدّثوا إلى الأطفال عن جهنّم كي لا يخيفوهم في حين أن الله لم يتردّد عن أن يريها لثلاثة أولاد من بينهم واحدة لا تكاد تبلغ السادسة وكان يعرف حقّ المعرفة أنها ستموت خوفًا. هذا ما أجرؤ على قوله بعد أن خارت قواي من الخوف.

غالبًا ما كانت جاسنتا تجلس على الأرض أو على بعض الحجارة وتقول وهي تفكّر: “آه جهنّم! آه جهنّم! كم أشفق على النفوس التي تذهب إليها! وعلى الناس الأحياء هناك، الذين يحترقون كالحطب في النار!”

ثم كانت تسجد مرتعشة جامعة يديها لكي تتلو الصلاة التي علّمتنا إياها سيّدتنا: يا يسوع الحبيب، اغفر لنا خطايانا ونجّنا من نار جهنّم وخذ إلى السماء جميع النفوس خصوصًا تلك التي هي بأمسّ الحاجة إلى رحمتك”. في اعتقادي أن الكلمات الأخيرة من تلك الصلاة تعود إلى النفوس الموجودة في خطر الهلاك الكبير والوشيك.

كانت جاسنتا تمضي ساجدة هكذا لوقت طويل مردّدة الصلاة ذاتها. فتناديني من وقت إلى آخر أو تنادي أخاها (كأنها استيقظت من حلم ما):
– فرنسوا، فرنسوا، هل تصلّي معي؟ ينبغي لنا أن نصلّي كثيرًا لخلاص النفوس من جهنّم! يذهب إليها الكثيرون! الكثيرون!

كانت تسأل في أحيان أخرى: “لمَ لا تُظهر السيّدة العذراء جهنّم للخطأة؟ إن رأوها، لن يخطئوا مجدّدًا كي لا يذهبوا إليها! يجب أن تطلبي إلى تلك السيّدة أن تُظهر جهنّم لهؤلاء الأشخاص كلهم (كانت تقصج الأشخاص الذين كانوا موجودين في كوفا دي إيريا خلال الظهور). سترين كيف سيرتدّون!” ثم كانت تسألني بانزعاج: “لماذا لم تطلبي إلى السيّدة العذراء أن تُظهر جهنّم لهؤلاء الناس؟”
كنت أجيب:
– لقد نسيت.
فتقول بحزن:
– أنا أيضًا نسيت.
وكانت تسألني في بعض الأحيان: “ما هي الخطايا التي ارتكبها هؤلاء الناس لكي يذهبوا إلى جهنّم؟”
– لست أدري، ربما خطيئة عدم الذهاب إلى القدّاس يوم الأحد والسرقة والتفوّه بكلمات بذيئة واشتم والتجديف.
– هكذا، من جرّاء كلمة واحدة يذهبون إلى جهنّم؟
– بالطبع فهي خطيئة!…
– ماذا سيكلّفهم التزام الصمت والذهاب إلى القدّاس؟ كم أشفق على الخطأة! آه لو كان بإمكاني أن أريهم جهنّم!

في بعض الأحيان، كانت تتمسّك بي فجأة وتقول: “أنا سأرحل إلى السماء، أما أنت التي ستبقين هنا، إذا ما سمحت لك السيّدة العذراء، فسّري للجميع كيف هي جهنّم كي يكفّوا عن ارتكاب الخطايا وكي لا يذهبوا إليها”.

أحيانًا أخرى، كانت تقول بعد تفكير:
– يذهب الكثير من الناس إلى جهنّم! الكثير من الناس في جهنّم!
كنت أقول لها كي أهدّئها:
– لا تخافي! أنت ستذهبين إلى السماء.
فكانت تقول بهدوء: نعم سأذهب إليها، ولكنني أريد أيضًا أن يذهب كل هؤلاء الناس إليها !
عندما كانت لا تأكل إماتةً، كنت أقول لها:
– جاسنتا، هيّا، كلي الآن.
– لا، أقدّم هذه التضحية من أجل الخطأة الذين يفرطون في الأكل.
أما عندما تكون مريضة وتذهب في وسط الأسبوع إلى القدّاس فكنت أقول لها:
_ جاسنتا، لا تأتي، لقد خارت قواكِ. اليوم ليس يوم أحد.
– لا يهم، سأذهب من أجل الخطأة الذين لا يذهبون إلى القدّاس حتى أيام الأحاد.

إذا سمِعَت إحدى الكلمات البذيئة التي يتلفّظ بها بعض الناس بفخر، كانت تستر وجهها بيديها وتقول: “يا إلهي! ألا يعلم هؤلاء الناس أنهم بتلفّظهم تلك الكلمات قد يذهبون إلى جهنّم؟ إغفر لهم يا يسوع وخلّصهم. إنهم يجهلون حتمًا أنهم بذلك يهينون الله. كم هذا مؤسف يا يسوع! أنا أصلّي من أجلهم”. وكانت تردّد عندها الصلاة التي تعلّمتها من السيّدة العذراء: “يا يسوع الحبيب، إغفر لنا خطايانا، ونجّنا من نار جهنّم…..”

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق