ظهورات ورسائل مريم العذراء سيّدة بِِليفوازان في فرنسا
ظهورات العذراء سيّدة بِليفوازان في فرنسا
في عام 1875، بسبب حالتها الصحية الخطيرة، أودعت إيستل فاغيت رسالة في مغارة لورد، ناشدت فيها السيّدة العذراء:
“احصلي على صحة جسدي من ابنك الإلهي لمجده. أنت ترين ألم والدَي، وأنت تعلمين أنه ليس لديهما سواي ليدعمهما. إنهم على وشك أن يضطروا إلى التسول للحصول على رغيف خبز ولا يمكنني التفكير في الأمر دون أن أشعر بحزن عميق. أعيدي لي صحتي، إذا كان ذلك يرضيك: لكن لتكن مشيئتك لا مشيئتي. امنحيني على الأقل استسلام كامل لمخطّطك، وكل ما يخدم خلاصي وخلاص والديّ”.
في الوقت الذي كتبت فيه تلك الرسالة، كانت إستيل تبلغ من العمر 32 عامًا وكانت تُعتبر بنظر الأطبّاء أنها تحتضر بسبب عواقب الأمراض الخطيرة التي أصابتها في غضون ثلاثة عشر عامًا: الجدري الغنغريني والتهاب الصفاق الحاد والسل الرئوي وورم خبيث في جنبها اليسار..
في 14 فبراير 1876، كانت إستيل في نفس الغرفة التي هي اليوم كنيسة صغيرة، وكتبت: “في كل لحظة أحاول فيها أن أكرر”يا إلهي ، لتكن مشيئتك”. تلقيت مسحة المرضى وأصبحت أهدأ وكنت أكرر مرارًا بعد تلقي القربان المقدس:
“يا رب، أنت تعرف أكثر مني ما أحتاجه: افعل ما تريد، ولكن ساعدني في تقديم تضحياتي بسخاء. حقًّا لقد تدفّقت هذه الكلمات من اعماق قلبي. والله قبِل صلاتي.”
في الليلة بين 14 و 15 فبراير، كان لإستيل ظهور لم تتوقعه: ظهر الشيطان عند أقدام السرير، لكن العذراء ظهرت بعد ذلك مباشرة.
عندما نكون في حال الخطيئة، من الواضح أن يكون للشيطان حقوق علينا، وبالتالي لديه سبب ليكون حاضرًا وأن يحاول مقاومة عمل السيدة العذراء.
قالت العذراء للشيطان بحدّة: “ماذا تفعل هنا؟ ألا ترى أنها ترتدي ثوبي وثوب ابني؟” (كانت ترتدي ثوب الكرمل)
ثم طمأنت إستيل:
“لا تقلقي، أنت تعلمين جيدًا أنك ابنتي”.
كان إستيل قد انضمت إلى جمعية بنات مريم عام 1857.
استمرت مريم العذراء في الظهور في الليالي الأربع التالية، وسرعان ما قادت إستيل، تدريجيًا، على درب التوبة والاهتداء، وكان الشيطان يظهر في كل مرة أبعد مسافة أكثر فأكثر، كما لو أنه يوضح التنقية التدريجية لإستيل.
يُظهر تطور الظهورات الخمسة الأولى أيضًا أن رحلة إستيل نحو الشفاء سارت جسديًا وروحيًا جنبًا إلى جنب.
في الظهور الأول، قالت لها العذراء، مشيرة إلى رسالتها في لورد:
“ستعانين خمسة أيام أخرى، تكريمًا لجروحات يسوع الخمسة. ويوم السبت، إما أتموتين أو تُشفين. إذا أعطاك ابني الحياة، فأنا أريدك أن تُذيعي مجدي”.
في الليلة التالية أكملت:
“لقد نظر إليك ابني بحنان وتركك تعيشين: يوم السبت ستشفين”
اعترضت المرأة:
“أيتها الأم الطيبة، إذا كان باستطاعتي الاختيار فأنا أفضل الموت طالما أنني على استعداد جيد”.
فأجابتها السيّدة العذراء:
“لا تكوني ناكرة للجميل! إذا أعطاك ابني الحياة فذلك لأنك بحاجة إليها. لا تعتقدي أنك لن تعاني. بالعكس! ولكن المعاناة هي التي تزيد من قيمة الحياة”.
وأثناء الظهور، كُشفت أمام عينَي إستيل جميع الذنوب التي ارتكبتها طوال حياتها.
في الظهور الثالث، أظهرت لها العذراء الأعمال الصالحة التي قامت بها:
“أنا كليّة الرحمة والرأفة لديّ سلطان من لدن ابني. هذه الحسنات القليلة، هذه الصلوات الحارة التي وجّهتها إليّ، حرّكت قلبي كأُمّ. من الآن فصاعدًا حاولي أن تكوني أمينة. لا تضيّعي النِعم التي حصلتِ عليها: أذيعي مجدي”.
في الظهورين الرابع والخامس، اقتربت مريم سيّدة بِليفوازان أكثر من إستيل وحثتها على المثابرة. ثم قالت لها:
“إن أردتِ أن تخدميني، فكوني بسيطة واجعلي أفعالك تتوافق مع كلماتك. يمكنك أن تحفظي نفسك في أي موقف؛ حتى أينما كنت، يمكنك أن تفعلي الكثير من الخير وتعلنين مجدي.”
هناك تعليم مريمي كامل في هذه الظهورات الخمسة الأولى. ما أرادت السيدة العذراء أن تظهره لنا من خلال هذا المسار هو أن الشفاء الذي تمنحه يتطلّب وجود تطهير من الشرّ، ونبذ الخطيئة وقبول مشيئة الله.
عاشت إستيل ثلاثة وخمسين عامًا أخرى وفقًا للطريقة التي تنبأت بها العذراء:
“لقد أدركت من شفتَي هذه الأمّ الصالحة أنّه عليّ أن أُقاسي من الافتراءات والقسوة والأكاذيب والهجران ومن جميع أنواع المعاناة، حتى أشدّ الإهانات، لدرجة أنني عندما تحقّقت، لم أتفاجأ”.
تنقسم ظهورات العذراء سيّدة بيلِفوازان إلى ثلاث مراحل: الأولى هي مجموعة الخمس ظهورات الأولى، بعدها تأتي مرحلة من 3 ظهورات، في كل واحدة منها كرّرت العذراء لإستيل: “كوني هادئة!”
أخيرًا، هناك مرحلة السبع ظهورات الأخيرة، والتي تم فيها الكشف عن رسالة محددّة. لذلك يوجد خمسة عشر ظهور في المجموع، بحيث ترمز إلى أسرار المسبحة الوردية.
في الظهور الأول من المرحلة الثالثة، خاطبت السيّدة العذراء إستيل بلمسة من روح الدعابة:
“لديك حقًّا طبيعة فرنسية: تريدين أن تعرفي كل شيء قبل أن تتعلّمي وتُدركي الأمور.
بطريقة ما هي ملاحظة موجهة إلى البشرية جمعاء، والتي تتّصف بعدم القدرة على الوثوق بمريم، دون فهم كل شيء بعقلانية. وبدلاً من ذلك، تحثّ العذراء على اتخاذ الموقف المعاكس، الثقة بإيمان.
رسالة سيّدة بِليفوازان
لفهم رسالة سيّدة بِليفوازين جيّدًا، من الضروري أن نضع في اعتبارنا أن هذا الهدوء والثقة بإيمان الذان تطلبهما العذراء نجدهما في قوّة تصريحها:
أنا أمّ الرحمة والرأفة، جئتُ من أجل ارتداد الخطأة. كنوز ابني مفتوحة. أوصي بالهدوء، ليس لك فقط، بل للكنيسة جمعاء ولفرنسا، أنا اختار الصغير والضعيف”.
كما قالت العذراء لإستيل في الظهور الخامس:
“إن أكثر ما يؤلمني هو عدم احترام ابني في المناولة المقدسة وعدم احترام الصلاة بانشغال النفس بالانحرافات: أقول هذا أيضًا للأشخاص الذين يدّعون التقوى”.
في الظهور الأخير، أظهرت للرائية ثوب سيّدة بِليفوازان، وأسرَّت لها:
“سأكون سعيدة جدًا برؤية أولادي يرتدونه ويحاولون التعويض عن الاعتداءات التي يتلقاها ابني في سرّ حبّه. هل ترين النعم التي أنشرها لمن سيحملها بثقة؟ هذه النِعم من ابني، أنا آخذها من قلبه وهو لا يرفضها لي”.
صلاة إلى العذراء المباركة سيّدة بِليفوازان
“سيدة الرحمة”
يا أمّي الحنونة، ها أنذا بين يديكِ.
إرحميني. لا تسمحي لعدم أمانتي أن تُفسد تصاميم عنايتك لشخصي المسكين.
أنتِ، محاميتي القديرة، أنت من بعد الله عزائي، أنت التي جعلتِ آلامي حلوة، أنت النور لروحي الذي يريني آثامي، أنت قوّتي، كنزي، فرحي، ورجاء حياتي وخلاصي، لا ترفضي صلاتي.
تلطّفي واسمعيها، واعطفي عليّ.
إحصلي لي من الله كل النِّعم اللازمة لخلاص نفسي!
أعِدُك أيتها الأُم الحنونة، أن أعمل كل ما يساعدني أن أكون مستحقّا لإنعاماتك.
آمين.
نص الصلاة مأخوذ من كتابات الرائية إستيل فاغيت