الشيطان يحاول منع مريم العذراء من منح بركتها في عيد ميلادها ويقف مكبّلاً امام النِعم التي أدفقتها في مديغورييه
الكهنة الذين سمعوا الاعترافات: ثيابنا الكهنوتية تبلّلت بالدموع!
في أوائل شهر آب 1984 كشفت الأم المباركة للرؤاة عن تاريخ ميلادها الحقيقي. فالكنيسة عندما تحتفل بميلاد العذراء في 8 أيلول، فهي تستخدم تاريخاً ليتورجياً، وليس تاريخيا. وفقا لرؤاة مديغورييه، فان العذراء وُلدت في الخامس من آب، لذلك ففي سنة 1984 ستحتفل بعيد ميلادها الألفين وبطبيعة الحال…. دون أي تجعّد على وجهها الجميل.
قبل هذا التاريخ بيوم، اجتمعت فرقة صلاة ترأسها الفتاة يلينا فاسيلي، البالغة من العمر خمسة عشر سنة، والتي اختبرت شيئا غير اعتيادياً على فترة سنتين. هذه الفتاة القروية حصلت على عطية رؤية العذراء ويسوع في قلبها، وتلقت أيضاً مخاطبات داخلية تؤيّد وتُثري الرسائل التي حصلوا عليها الرؤاة الستة. هذه الرسائل تهدف الى تثقيف فرقة الصلاة التي أسستها العذراء تحت قيادة يلينا، والتي كانت تتكون بمعظمها من الفتية الصغار.
في الرابع من أيلول عام 1984 ، وفي غرفة الصلاة البسيطة التي في بيت عائلة فاسيلي ، جلس هؤلاء الأحداث على الارض، يتلون الوردية بقلوب خاشعة. وابتدأت يلينا بتلاوة الصلاة الربانية ” أبانا الذي”، عندما رأت فجأة الشيطان الذي كان يحاول منعها بشتى الأساليب ان لا تكمل صلاتها. لقد كانت صغيرة جدا، وكان عليها ان تواجه عدو الانسانية جمعاء. وعبثاً حاولت ان تتفوه بكلمات الصلاة. كان الشيطان يتدحرج غاضباً على الارض، ويتوّسل الى يلينا ان تطلب من العذراء ان لا تمنح بركتها للعالم في اليوم التالي كما وعدت، لكن يلينا كانت قد تدربت في مدرسة مريم، لذلك تجاهلت كلامه.
عندها تراءت العذراء ليلينا مانحة اياها اجمل ابتسامة، وقالت لها: “انه ( الشيطان) يدرك لماذا يريد هذا الطلب”. “لان العلي سمح لي ان أبارك العالم غداً ببركتي الاحتفالية، والشيطان يعلم ان في ذلك اليوم بالذات سيكون مقيداً ولن يكون قادراً على عمل شيء”.
أنهت يلينا صلاتها في سلام وابتهاج بانتظار ذلك اليوم المميز. يمكننا أن نتصور جيدا أنه، احتفالا بعيد ميلاد والدته، سوف يوقف يسوع لبعض الوقت تأثير الشيطان على النفوس، وانه سيسمح لهذه النفوس ان تأتي اليه بحرية ودون اي عائق.
في اليوم التالي فاضت النعم بوفرة حتى ان كل من وجد نفسه في مديغورييه، اختبر السماء على الارض. في ذلك اليوم، استمع الكهنة السبعون المتواجدون في القرية الى الاعترافات طوال النهار، لان اهل القرية والحجاج شعروا بضرورة عقد السلام مع الله من خلال سر المصالحة المقدس. وقد كانت مسحة الروح القدس قوية لدرجة ان الناس أجهشوا بالبكاء عند اعترافهم بخطاياهم للكاهن. وقد شهد الكهنة بان بطرشيل كل واحد منهم ابتلت من دموع المعترفين، وقد ضموا دموعهم أيضاً مع دموع التائبين. الأناس الذين جاءوا كسائحين الى الشاطئ الادرياتيكي شعروا باحساس لا يقاوم يدفعهم للقدوم الى مديغورييه والانضمام الى حشود التائبين، باكين هم ايضا بسبب خطاياهم، معترفين ومقتبلين السلام من غفران الله لهم. كم من النفوس وجدت النعمة في ذلك اليوم. لقد كان الحصاد مدهشاً!
كيف يمكننا ان لا نربط الوعد بان الشيطان سيكون مكبلا بشدة في هذا اليوم، مع ثمار البركات المدهشة التي شعر بها كل شخص؟ كيف يمكننا الا نلاحظ ان في هذا اليوم بالذات أُخرس الشيطان وكُبّل، دون القدرة على التصرف؟ إن تدفق الرحمة الإلهية انسكب على جميع المواطنين والزوار في مديغورييه، القريبين والبعيدين!
لماذا يجب أن نكون مندهشين بأن عدونا القاتل يبغض الرحمة، عندما تجعلنا الرحمة نقع بين ذراعي الله وليس في براثنه؟ لماذا يجب أن نندهش حين نرى جميع العقبات التي منعتنا من استقبال رحمة الله تم قهرها لحظة إسكات الشيطان؟ أليس هو الذي من خلال حججه الخبيثة داخل ضمائرنا يجعلنا نؤمن بان الخطيئة هي امر عادي تماماً وإنساني دون شك؟ أليس صوته المهدّئ والماكر هو الذي يوحي لنا بأننا لسنا بحاجة إلى التخلّي عن الخطيئة، او الى رميها في اتون قلب يسوع الملتهب في سر الاعتراف المقدس؟
دعونا ان لا ننتظر عيد ميلاد أمنا العذراء ال 3000 لكي نحتضن الرحمة!
(من كتاب سير إيمانويل Scandaleuse Miséricorde ستتم ترجمته قريباً الى اللغة العربية)