وصف رهيب وتفاصيل هائلة عن عذابات ودرجات المطهر كشفتها نفس مطهرية لراهبة قدّيسة
وصف رهيب وتفاصيل هائلة عن عذابات ودرجات المطهر
إحدى الراهبات القديسات من القرن التاسع عشر، سمعت يوماً أنين وتنهّدات بالقرب منها. واستمرّت لفترة تسمع ضجيج غريب وتشعر بوجود غير مرئي قرباً منها. وفي شباط من عام 1874، بعد صلوات كثيرة، ظهرت نفس مطهرية، تعرّفت عليها بأنها نفس راهبة من نفس الدير كانت قد توفّيت منذ عدة سنوات. وكشفت لها ما يلي:
“إن أعظم الخطأة الذي ابتعدوا عن الله، والنفوس المكرّسة (رجال الدين والراهبات) الذين لم يحفظوا نذورهم وعملوا الشرّ، هم في أدنى مرحلة من المطهر. وهناك لا يستفيدون من الصلوات المرفوعة من أجلهم. لأنهم تجاهلوا الله خلال حياتهم، وهو يتركهم مهجورين من أجل إصلاح ما أفسدوه في حياتهم على الأرض.
“على الأرض لا يمكنك أن تعرف حقّاً ما هو الله، بينما في المطهر يمكننا أن نعرف وندرك ما هو. لأن أرواحنا تتحرر من جميع القيود التي تربطنا والتي تمنعنا من تحقيق القداسة ورؤية جلال الله، ورحمته العظيمة.
“نحن شهداء، نتطهّر في النار، لكي نتّحد بالحبّ. قوة لا تُقاوم توجّهنا إلى الله، الذي هو مركزنا، ولكن في الوقت نفسه، قوة أخرى تلقي بنا مرة أخرى في مكان التطهير. نحن في حالة عدم القدرة على تلبية رغباتنا”.
“آه، ما أشدّ عذابات المطهر! لكن لا يوجد هنا تذمّر على الله. نحن نريد فقط ما يريده الله.
أنتم على الأرض، لا يمكن أن تُدركوا ما علينا أن نحتمله. أنا هادئة، لأنني لم أعد في النار بعد الآن”.
“الآن ليس لدي سوى رغبة لا تعرف الشبع برؤية الله، ومعاناة المطهر شديدة وهائلة، ولكن أعتقد أن نهاية منفاي قريبة وأنني على استعداد لمغادرة هذا المكان، حيث أتركه للقاء الله من كل قلبي”.
“أستطيع أن أخبرك عن درجات مختلفة من المطهر لأنني كنت داخلها. في المطهر العظيم هناك عدة مراحل. السفلي هو الأكثر إيلاماً، هو مثل جحيم مؤقت، فيه الخطاة الذين ارتكبوا جرائم فظيعة خلال حياتهم والتي فاجأهم الموت وهم في تلك الحالة”.
“إنها معجزة تقريباً أنهم خلصوا. وغالباً ما كان ذلك من خلال صلوات والديهم أو غيرهم من أهل التقوى.
في بعض الأحيان لم يملكوا حتى ساعة للإعتراف بخطاياهم ويظن العالم أنهم قد هلكوا، ولكن الله، الذي رحمته لا متناهية، منحهم في ساعة الموت الندامة الضرورية لخلاصهم بسبب واحد أو أكثر من الأعمال الصالحة التي فعلوها خلال الحياة”.
“لهذه النفوس، المطهر رهيب. إنها جهنّم حقيقية، يفرق عنها أن في جهنم يلعنون الله، في حين أننا نباركه ونشكره لأنه خلّصنا.
بعد ذلك هناك النفوس، التي بالرغم من أنها لم تفعل خطايا جسيمة مثل الآخرين، إلا أنها كانت بعيدة عن الله. لم تقم بواجباتها المسيحية ولم تسعفها الأسرار المقدسة عند الموت. قد أدينت لسنوات كثيرة في المطهر. تعاني عذابات مجهولة وتم التخلّي عنها. إما لم يكن هناك من يصلّي من أجلها أو أنه لا يُسمح لها بالإستفادة من الصلوات”.
“في الدرجة الثانية من المطهر، نفوس الذين ماتوا مع خطايا عرضية لم يكفّروا عنها قبل الموت، أو مع خطايا مميتة غُفرت لهم، لكن لم ترضي تماماً العدل الإلهي. في هذا القسم من المطهر هناك أيضاً درجات مختلفة، بحسب استحقاق كل نفس”.
“أخيراً، هناك مطهر الرغبة والذي يدعى “العتبة”. قليلون من ينجون منه. لتجنّبه على الإنسان أن يتحرّق شوقاً للسماء ولمشاهدة الله.
وهذا غريب، أغرب مما يعتقد معظم البشر، لأن حتى أشد الناس إيماناً، يخافون الله، ولذلك ليس لديهم الشوق الكافي للذهاب الى السماء.
هذا المطهر لديه عذاباته المؤلمة مثل الآخرين. إن عدم مشاهدة الله تزيد من عذاب النفوس الأليمة. إنه استشهاد متواصل يجعلني أعاني أكثر من نار المطهر”.
“السماء رائعة جداً. هناك مسافة كبيرة بين المطهر والسماء. لدينا الإمتياز أحياناً أن نلمح سعادة القديسين في السماء، لكنه يكاد يكون عقاباً. فهو يجعلنا نرغب بشدة أن نشاهد الله.
في السماء كل شيء هو سعادة نقية. في المطهر، ظلام دامس. أواه، كم أتحرّق شوقاً إلى السماء. كم شديد استشهادنا الذي نعانيه بعد أن شاهدنا الله مرة واحدة!”