مواضيع روحية

ما سرّ السُّلَّم المنتصب منذ 300 عام على حائط كنيسة القيامة ؟

إحدى صلوات الرب يسوع التي ذكرها لنا الإنجيل المقدس، هي الصلاة من أجل الوحدة التي صلّاها الى الله الآب في الليلة التي أسلِم فيها. وبما أننا في الأسبوع المقدس الذي نحيي فيه ذكرى آلام وموت وقيامة الرب يسوع، أردنا تسليط الضوء على أهمية الصلاة من أجل الوحدة المسيحية متّبعين بذلك مثال الرب، الذي لا شكّ أنّ معرفته المسبقة على انقسام كنيسته زادت من آلامه وأحزانه.
هذه قصة الشاهد الأخرس على الإنقسام، الذي ينتصب في كنيسة القيامة في القدس:

كنيسة القيامة
اذا زرت كنيسة القيامة في القدس، حوّل نظرك الى نوافذ الطابق العلوي عند الواجهة الرئيسية. تحت النافذة من جهة اليمين سوف تشاهد سلّم خشبي .
في البداية قد تعتقد أنه سلّم بسيط ربما نسيه هناك أحد عاملي الصيانة. لا، الأمر أكبر من ذلك. فهو موجود هناك منذ ثلاثة قرون!
يسمّونه السلّم الثابت، الذي أصبح رمزاً قوياً لأمرٍ لا بد لجميع المسيحيين أن يؤدّوا عليه حساباً يوماً ما: انقسامنا المؤلم القائم منذ أمد طويل.
ها هي قصته:
لا أحد يعلم بالتحديد كيف ومتى تُرك السلّم هناك. يعتقد البعض أنه تُرك سهواً من قبل بعض عمّال الصيانة الذين عملوا على ترميم الكنيسة، لكن لا أحد يعلم متى حصل ذلك بالضبط.
هناك منحوتة حجرية لكنيسة القيامة يعود تاريخها لسنة 1723 تشمل السلّم. أما أول ذكر للسلّم في الكتابات التاريخية فكان عام 1757، عندما ذكره السلطان العثماني عبد الحميد في فتوى تخص الكنائس. وهناك مطبوعات وصور حجرية أخرى تُظهر السلّم تعود الى القرن التاسع عشر.
لكن السؤال اذا تُرك السلّم هناك من قبل العمّال في اوائل القرن ال 18 – قد يكون قبل ذلك – لماذا بقي كل هذه الفترة الطويلة، الجواب على ذلك هو ربما في الصراع الطويل بين الطوائف المسيحية على حقّ الإشراف وإدارة هذا المكان الأقدس
مثل العديد من الأماكن المقدسة والكنائس القديمة في الأراضي المقدسة، تتنازع الطوائف المختلفة على حقوق امتلاكها. حسم الأمر وتقرير من سيحصل على حقّ إدارتها هو مصدر صراع كبير تمتد جذوره على مرّ القرون
في القرن ال18 أجبر السلطان العثماني جميع المسيحين على قبول تسوية تُعرف باسم “إتفاق الوضع الراهن”: بالإضافة الى تقسيم القدس الى قطاعات، أصدر مرسوماً يقضي بأن كل من يسيطر حالياً على موقع ما، يحصل تلقائياً على استمرار السيطرة عليه الى أجل غير مسمّى. اذا وُجدت عدة مطالبات من فئات مختلفة على نفس الموقع، حينها يجب موافقة جميعها على اي تغييرات في الموقع ، مهما كانت طفيفة .

قد يكون هذا الجزء الأخير من المرسوم قد منع حرباً، لكنه منع أيضاً صيانة سليمة لمواقع الحجّ المقدسة المختلفة.ما لم تأتي جميع الأطراف المعنية إلى اتّفاق تام حول الكيفية التي ينبغي أن يتم تحسين، تنظيف، أو تصليح الموقع، لا شيء على الإطلاق يمكن أن يحدث.
هذا يساعد على تفسير لماذا لم يُحرّك السلّم من مكانه. حالياً توجد مطالبات حقوق على كنيسة القيامة من قبل ستّ طوائف مختلفة، ولم يجدوا حلّاً أسهل من ترك السلّم في مكانه. في هذه المرحلة، ليس من الواضح لمن يعود السلّم، مع أن البعض يزعم أنه يعود الى الكنيسة الأرمنية مع قسم الكنيسة الذي يتواجد عليه السلّم.

في عام 1964 أخذ االسلّم معنى جديداً. عندما زار الأراضي المقدّسة البابا الطوباوي بولس السادس الذي تألّم لرؤية كيف أصبح السلّم رمزاً لإتفاقية الوضع الراهن وشاهداً منتصباً على الإنقسام المُشين بين المسيحيين. لذلك أصدر أمراً بأن يظل السلّم في مكانه حتى يتم حلّ الإنقسام المخزي بين الطوائف المسيحية. بما أن الكنيسة الكاثوليكية هي واحدة من الطوائف الستّ التي لديها حق النقض على أي تغييرات تتمّ في كنيسة القيامة، فالسلّم لن يذهب الى أي مكان حتى يتم الشرط.
ذلك لا يعني أن بعض الناس لم يسعوا الى تجاوز هذا القرار، وإزالة السلّم من مكانه! في عام 1981، حاول شخص إزالته، لكن الشرطة الإسرائيلية أوقفته بسرعة. في عام 1997 تمكّن شخص آخر من سرقته وبقي السلّم مفقوداً لعدّة أسابيع الى أن استعادته السلطات بعد معرفة الجاني الذي صوّرته كاميرات المراقبة في المكان. فأرجع الى مكانه مرة أخرى.
المرة الأخيرة التي حُرِّك السلّم من مكانه كانت عام 2009 وذلك لفترة وجيزة بينما كان العمّال يزيلون السقّالات التي وُضعت في المكان لتصليح برج جرس الكنيسة.

ربما يوماً ما، سيتمّ تحقيق الوحدة الكاملة بين جميع المسيحيين، عندئذٍ سيُزاح شرعاً السلّم الذي يجب أن يسبّب انتصابه شعوراً بالخزي والخجل عند جميع المسيحيين مهما كان انتماءهم الطائفي.

لنصلي دون كلل من أجل الوحدة المسيحية!

 

صورة تحتوي على السلّم، تعود الى عام 1885
صورة تحتوي على السلّم، تعود الى عام 1885

 

صورة السارق وهو يزيل السلّم عام 2009
صورة السارق وهو يزيل السلّم عام 2009

 

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لقصة الشهيرة لسلم كنيسة القيامة – قبل العام 1831 و هو العام الذى سيطر فيه الحاكم المصري محمد علي و ابنه ابراهيم باشا على على فلسطين, اعتادة السلطات العثمانية على اغلاق كنيسة القيامة بشكل مستمر ما عدا الاعياد المهمة و كذلك فتحها لمن يستطيع رشوة الحكام الاتراك انذاك, و نتيجة اغلاق الكنيسة اعتاد رهبان الطوائف المسيحية للبقاء داخل الكنيسة و قد قام الرهبان الارمن بوضع سلم اسفل النافذة اليمنى للكنيسة خلف المكان المخصص لهم لتمكين الرهبان من النزول عليه و انزال السلال لتمكينهم من استلام ماكولاتهم اليومية من الخارج… اما بعد العام 1831 اعطى الحاكم المصري محمد على و ابنه ابراهيم باشا الطوائف المسيحية الحرية الكاملة لاعادة فتح ابواب الكنيسة و الحريات لممارسة الشعائر الدينية, اما بعد اعاده الاحتلال العثماني للمدينة عام 1841 لم تتمكن السلطات العثمانية باعاده العجلة الى الوراء نتيجة للضغوط الغربية و التى ساعدت العثمانيين التخلص من محمد علي و كذلك مساعدتها في حرب القرم ضد الروس مما نتج عنه اتفاقية باريس عام 1856 و اتفاقية برلين عام 1878 و الذى بموجبه تم الاتفاق على حيازة كل طائفه ما كان بحوزتها قبل العام 1856 و الذي عرف بالستاتيكو لهذا لم يتمكن الارمن من اعادة تحريك السلم الخاص بهم كونه يرتكز من الاعلى على الحائك الخاص بهم و لكنه يقف من الاسفل عاى جزء خاص بالكنيسة اليونانية الاورثودكسية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق