فلورانس المصابة بمتلازمة داون تشاهد العذراء أثناء ظهورها لإيفان في عيد الإنتقال وتُرسل لها القُبلات!
الذين يشاهدون العذراء صيفاً في مديوغوريه ليسوا بقليلي العدد بين الحجّاج. فقد يكون من المؤسف أن يُفوّت المرء فرصة جميلة لكي يتبيّن من خلال هذه الشهادات إحدى السمات الأشدّ تأثيراً من سمات شخصية أمّنا مريم، فمن تختار من بنيها الذين تجتذبهم بالألوف الى مديوغوريه، وكلّهم عزيزون على قلبها، من الذين ينالون منها حظوة مشاهدتها؟
وحدها الوقائع يمكنها أن تجيب على هذا السؤال. وأحد الأجوبة الأجمل وهو الأسمى والأروع إنجيليّاً قصة فلورانس الصغيرة.
فلورانس ماجوريل الصغيرة من مونبيلييه، مصابة بمتلازمة داون، وتستطيع الكلام بصعوبة كبرى. وهي في السادسة عشرة من العمر. في مساء الخامس عشر من آب قصدت مع أهلها الصليب الأزرق الواقع عند قدم جبل بودبردو (تلّ الظهورات) كي تحضر ظهور العذراء لإيفان.
كان هناك نحو 2000 شخص يخشعون . ولحظة انخطاف إيفان بدأت فلورانس بالتبسّم وهي تحدّق بنقطة قريبة من الصليب وقالت:
– ما هذه النقطة، أمّاه؟
فحزرت الأمّ أنّ شيئاً يحدث وراحت ترقب: كرّرت فلورانس مرّات عديدة تحيّة رأس، كأنّها تقلّد ما يُملى عليها. ثم أخذت تجمع يديها وتُشابك على مهل أصابعها، وذلك ما لم تستطع القيام به الى اليوم. كانت لا تزال تبتسم عندما أرسلت قُبُلاً ثلاثاً بيديها كما يفعل الأطفال تعبيراً عن وداع. وقد قامت بذلك فوراً قبل أن ينتهي الظهور، فسألتها أمّها:
– ماذا رأيتِ؟
– القديسة مريم.
– وكيف بدت؟
– جميل (لا تعرف فلورانس استعمال المؤنث).
في الغد بدأت فلورانس لأوّل مرّة في حياتها ، بالقول تلقائياً “السلام عليكِ يا مريم يا ممتلئة نعمة (لا أكثر) بينما لم يسبقلها أن استطاعت التلّفظ بكلمة صلاة والآن باتت تقول جملة من بضع كلمات هي “السلام عليك…”. بقي امتحان يجب القيام به: كون فلورانس لا تعرف تمييز الألوان، وضعت أمّها أمامها ستّ ورقات ذات ألوان مختلفة وطلبت منها أن تضع إصبعها على الورقة التي يشبه لونها لون ثوب العذراء مريم. فوضعت فلورانس إصبعها في الحال على الورقة المذهّبة. فدلّت الأم كي تختبرها على الورقة الصفراء وقالت:
– أظنّ أنّ اللون هو بالأحرى هذا.
لكن فلورانس غضبت وقالت:
– لا، هذا! وهي تشير ثانية الى اللون الذهبي. فأصاب أمّها الذهول. ففي الواقع ظهرت العذراء في الخامس عشر من آب كما ظهرت في عيدي الفصح والميلاد مرتدية ثياباً لون جميعها ذهبي…
إنّها هديّة جميلة تنالها فلورانس وجميع من يحتقرهم الناس في أغلب الأحيان. وإنها مثل جميل على عطف الله الفائق الوصف على الأصغر والأضعف من بنيه.
إنه ردّ جميل من السماء على الطبّ الحديث الذي يقرّ بسرعة إجهاض حياتهم القصيرة بسبب إعاقتهم. بينما هؤلاء الأبرياء هم هياكل الله الحيّ. وباختيار العذراء تكريم فلورانس فهي تودّ أن تكرّم جميع المعاقين!