أطول سجود للقربان الأقدس! 138 عاماُ من عبادة متواصلة دون انقطاع!!
في العشاء الأخير “اخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي”(متى17:26). منذ تلك اللحظة تمسّكنا نحن المسيحيون بكلمته . نؤمن إيماناً ثابتاً لا يتزعزع أن الرب يسوع المسيح موجود حقّاً في القربان الأقدس بجسده ودمه وروحه ولاهوته. وعلى الرغم من أنه يمكننا تقديم العبادة ليسوع في أشكال مختلفة إلا أن إظهار حبّنا له في سر القربان الأقدس هو أهم عبادة نقدّمها له.
مجموعة راهبات أخذت هذه العبادة الى مستوى آخر!
أنهم راهبات الفرنسيسكان لعبادة القربان الدائمة، اللواتي بالرغم من الحرائق والفياضانات وتفشّي الأمراض، حافظوا على الصلاة أمام القربان الأقدس بصورة متواصلة لفترة 140 عاماً تقريباً!
تأسست هذه الرهبنة (راهبات مار فرنسيس) عام 1856 من مجموعة راهبات من بافاريا وكان عملها التعليم في مدرسة دينية محلّية وخدمة المرضى والتمريض، لكن العمل سرعان ما أصبح متطلّباً للغاية. وبازدياد تطلّبات العمل لم تستطع الراهبات عيش حياة مكرّسة سليمة من الصلاة والعبادة، فتركت بعض الراهبات هذه الرهبنة لينضموا الى رهبنة أخرى تلائم دعوتهن. الراهبات المتبقّيات قرّرن إعادة التركيز على قانون الرهبنة ونقلن ديرهن الى محافظة لا كروس في ولاية ويسكونسن الأمريكية. لكن ما زلن يبحثن عن هدف للرهبنة.
في عام 1873 قرّرت الأم رئيسة الدير أن خدمة التعليم ليست الطريق الصحيح للرهبنة. أرادت أن تترك الراهبات العمل العيادي والتعليمي وإيجاد عمل آخر يسمح لهن بالتركيز بسهولة أكثر على عبادة الرب يسوع في القربان الأقدس. لم توافق معها جميع الراهبات فحصل انقسام ثاني: بعض الراهبات شكّلن مجموعة جديدة سميت راهبات القديس فرنسيس الأسيزي والمجموعة الأصلية اخترن اسم الراهبات الفرنسيسكانيات للقربان الأقدس.
ولكن لم يكن حتى عام 1878 أن اكتشفت الراهبات ما أصبح فيما بعد دعوتهن الأكثر شهرة: “عبادة وسجود مستمر دون انقطاع للقربان الأقدس.
إلتزمت الراهبات أن تتماوب على الأقل كل ساعة راهبتان للصلاة والسجود امام القربان 24 ساعة يومياً، 7 أيام في الأسبوع، 365 يوماً في السنة، مهما كان. ثم غيّروا تسمية الرهبنة للمرة الأخيرة التي دعيت منذ تلك اللحظة “الراهبات الفرنسيسكانيات لعبادة القربان الدائمة”.
بدأوا تمام الساعة 11 قبل الظهر في 1 آب 1878، ولم يتوقّفوا منذ ذلك الحين. ذلك لا يعني أنهن لم يواجهن المشاكل والمصاعب. في عام 1923، نشب حريق في مباني مجاورة. أصاب البلدة فيضان وغمرتها المياه عام 1965. وتفشّى مرض الأنفلونزا بين سكان البلدة والدير. وعانوا من عواصف مدمّرة، وبالطبع الحروب العالمية. لكنهنّ واصلوا الصلاة والعبادة أمام القربان الأقدس بإيمان.
لمواصلة العبادة كان على الرهبنة أن تجري بعض التغييرات. انحفض عدد المنضمّات الى الرهبنة في العقود الأخيرة ممّا دفع بالراهبات عام 1997 وبعد 119 عام من العبادة المستمرة، لطلب معونة المجتمع المحلّي. في الوقت الحاضر تتناوب الراهبات مع العلمانيين المتطوّعين على التواجد امام القربان الأقدس لاستمرار تقديم السجود والعبادة دون انقطاع.
وهذا ليس كل ما بالأمر. من المعتقد انها أطول صلاة مستمرة، على الأقل في الولايات المتحدة، إن لم يكن خارجها أيضاً!
راهبات عبادة القربان الدائمة لديهم تركيز على الصلاة من أجل المرضى والمتعبين. يُقدّر أن عدد الأشخاص الذين تمّت الصلاة على نيّتهم 150.000 شخص وذلك في العشر سنوات الأخيرة فقط. وكل من يحتاج الى صلاة من الراهبات أمام القربان (من منا لا يحتاج؟) يمكنه ملأ استمارة على الإنترنت(https://www.fspa.org/prayer-request.php) وسوف يضاف اسمه الى قائمة الصلاة الخاصة.
الأخت سارة هينيسي، الراهبة المنسّقة للجدول الزمني توضح كيف يُحافظ بغيرة على استمرار العبادة المتواصلة:”اذا كانت الساعة 11 ليلاً وأنهيت ساعتي في السجود ولم تحضر راهبة أخرى لأخْذ مكاني، لا أستطيع أن أغادر بكل بساطة، والذهاب الى النوم. إنها 138 سنة من سجود مستمر! لا يمكنني أن أوقفها! لذا أبقى مستيقظة وساجدة أمام القربان الى أن يحضر احد ليسجد مكاني.
رهبنة الفرنسيسكان لعبادة القربان الدائمة في ازدهار ونمو مستمر. تنتشر أديرتهم في 15 ولاية أمريكية و5 اديرة في مناطق مختلفة من العالم. مواظبات من خلال الصلاة والعمل، على زرع القيَم الروحية في العالم. مركز روحانية الرهبنة هو القربان الأقدس الذي منه مصدر كل نعمة.