نبوءة القديس ملاخي ما مدى صحّتها وماذا تقول عن البابا فرنسيس؟
نبوءة القديس ملاخي
تنتشر في السنين الأخيرة نبوءة القديس ملاخي وهي في شعبية متزايدة . وهي من النبوءات الأكثر شهرة حول الباباوات. في عام 1139 ذهب القديس ملاخي الى روما كي ينقل احوال ومشاكل أبرشيته وبلاده إيرلندا التي تعاني من الإنقاسامات، الى البابا اينوسنت الثاني. وبينما كان في روما تلقّى رؤيا غريبة عن المستقبل حيث انكشفت أمامه قائمة طويلة من جميع الباباوات الذين سوف يتعاقبون على الفاتيكان وسيحكمون الكنيسة حتى نهاية الأزمنة.
اكتُشفت عام 1590 ونشرها للمرة الأولى أرنولد دي ويون Arnold de Wyon ومنذ ذلك الحين كان هناك الكثير من النقاش حول اذا ما كانت النبوءة حقيقية أو مزوّرة.
الأغلبية الساحقة من العلماء الذين درسوا النبوءة يُصرّون على أن النبوءة مزوّرة. عندما تدرس بشكل عميق، يتّضح أنها لا يمكن أن تكون صحيحة، بمعنى أنها لا تحتوي على الأمور التي تصمد على مستوى التدقيق المطلوب من نبوءة حقيقية. ولا يمكن أن يكون كاتبها فعلاً القديس ملاخي.
لكن إن أردنا تصديق النبوءة فعلينا أن نعرف أنها تعلن البابا فرنسيس البابا الأخير للكنيسة. قبل الدخول في تفاصيلها يجب أن نوضح أن هناك مشاكل عديدة في النبوءة لكن أهمها:
-1 النبوءة ليست مكتوبة بقلم القديس ملاخي لذا فهي مزوّرة.
-2 الرموز او الشعارات التي تصف كل من ال 1122 الباباوات محفوفة بالغموض لدرجة أن بعضها يستحيل اعتبارها نبوية.
-3 الصمت لفترة 400 سنة من جانب العديد من الدارسين والكتّاب الذين كتبوا عن الباباوات، وصمت القديس برنارد خاصة، الذي كتب “حياة القديس ملاخي”، هو حجة قوية ضد صحّتها.
من كتب نبوءة القديس ملاخي؟
الأول الذي نشر النبوءة عام 1590-1595 هو راهب بنديكتي اسمه أرنولد ويون في كتاب اسمه (حطب الأنبياء) Lignum Vitae يروي تاريخ النظام البينديكتي. ويقول منتقدو ويون أنه فعل أكثر من مجرّد نشرها، وعلى الأرجح أنه هو كتبها.
يتضح ذلك من حقيقة أن الرموز النبوية المزعومة كانت دقيقة بشكل ملحوظ من البابا سلستين الثاني (البابا عندما كان القديس ملاخي على قيد الحياة وعندما حصل على ال”نبوءة”) وحتى أوربان السابع (البابا عندما نشر ويون كتابه). بعد هؤلاء الباباوات تصبح الرموز غامضة، بعض منهم من المستحيل تقريباً ربط البابا مع النبوءة التي تشير إليه.
حقيقة أخرى لا يمكن تجاهلها هي أن القديس برنارد من كليرفو، وهو صديق القديس ملاخي المقرّب ، وكاتب سيرة حياته وفي الواقع مات ملاخي بين يديه، لم يذكر اي شيء عن هذه النبوءة. والمثير للشك أن لا أحد علم بوجودها لفترة 400 سنة. هذه الأسباب مجتمعة تشكّل عائقاً في إثبات مصدرها وصدقها.
بالرغم من ذلك وبسبب أن البعض يستخدمها للتشكيك في حبرية البابا فرنسيس ، في تعاليمه المعصومة عن الخطأ وفي أعماله وأقواله (وهذا بحد ذاته خطيئة) ننشر القليل من هذه النبوءة مع بعض التفاسير.
هذه التصريحات النبوية القصيرة، والتي عددها 112، تشير الى بعض سمات ملحوظة تخصّ جميع الباباوات في المستقبل بتسلسل من البابا سلستين الثاني، الذي انتخب في العام 1130، وحتى نهاية الأزمنة. بشكل عنوان رمزي. أولئك الذين عملوا على تفسير وشرح هذه النبوءات الرمزية نجحوا في اكتشاف العلاقة بين الرموز النبوية مع بعض سمات او صفات الباباوات والتي يمكن تطبيقها على كل بابا حسب ترتيب القائمة بالتسلسل، إما مع بلده، اسمه، رمزه أو ختمه، مكان ولادته، موهبته، تعليمه، انتمائه الرهباني، عنوان حبريته، والكرامات التي حاز عليها الخ…
على سبيل المثال، النبوءة التي تخص البابا أوربان الثامن هي الزنبقة والوردة؟ كان البابا مواطناً من فلورنسا وعلى شعار فلورنسا برزت زهرة الزنبق. كما كان لديه ثلاثة نحلات مزركشة على شعاره والنحل يجمع العسل من الزنابق والورود.
مرة أخرى، يتّفق الاسم في كثير من الأحيان مع بعض الحالات او الظروف الخاصّة في البابا. وبالتالي “البابا الحاج” الرمز الذي أُعطي للبابا بيوس السادس يبدو أنه يصف الفترة الطويلة التي أعتلى فيها السدّة البابوية، ونفيه من روما في نهاية حبريته.
أولئك الذين عاشوا وتابعوا مجرى الاحداث خلال حبرية الباباوات بيوس التاسع، لاوون الثالث عشر، وبيوس العاشر يمكن أن يلاحظوا الرموز التي أعطيت لكل منهم في نبوءات القديس ملاخي وملاءمتها لهم:
صليب الصلبان للبابا بيوس التاسع – نور في السماء للبابا لاوون الثالث عشر، النار الملتهبة للبابا بيوس العاشر.
لا نحتاج أن نلجأ إلى أسماء العائلة، الشعارات الشرفية أو ألقابهم الكاردينالية، لمعرفة مدى تطابق تسمياتهم على النحو الوارد في النبوءات. الآلام والصلبان التي عانى منها بيوس التاسع كانت أكثر مما اختبره الكثير من أسلافه. وازداد تفاقم هذه الصلبان من قبل مجلس النواب سافوا الذي كانت شارته الصليب. وكان لاوون الثالث عشر نجم حقيقي إذ كتب منشورات بابوية في التعليم الكاثوليكي الاجتماعي التي ما زالت تدرس وتفسّر الى اليوم، فقد أضاف الكثير في اللاهوت.. البابا بيوس العاشر كان حقاً ناراً ملتهبة من الحماس لإعادة كل شيء إلى المسيح . كانت له شخصية تقوية عظيمة وحقق عدداً من الإصلاحات الهامة في الحياة التعبدية والليتورجية عند الكهنة والعلمانيين.
كتب ماكسانس معلّقاً على الرمزية الخاصة بالبابا القديس يوحنا بولس الثاني رقم 110 في القائمة – عمل الشمس او كسوف الشمس (De labore Solis) : ” هذا الرمز تحقّق في حياة البابا يوحنا بولس الثاني الذي أشرق بأشعّة رحلاته التبشيرية في بلدان العالم معلّماً المحبة والرحمة، الحوار، الرجاء والسلام.”
ولد كارول فويتيلا (البابا يوحنا بولس الثاني) في 18 مايو 1920 أثناء كسوف الشمس. وهو يأتي أيضا من وراء الستار الحديدي السابق (الشرق، حيث تشرق الشمس). ويمكن أيضا رؤيته على أنه ثمرة وساطة المرأة المتسربلة بالشمس في سفر الرؤيا 12 (بسبب تكرّسه لمريم العذراء). كما أقيمت جنازته في 8 أبريل 2005 عندما شوهد كسوف الشمس في الأمريكتين.
يؤمن كهنة النظام البنديكتي منذ زمن أن البابا 111 في نبوءة القديس ملاخي سيخرج من نظامهم. تنبأ القديس بنديكتوس أن قبل نهاية العالم، أحد أعضاء رهبانيته سيجلس على الكرسي الرسولي، وسيقود انتصار الكنيسة في حربها ضدّ الشر. بنديكتوس السادس عشر هو واحد من سلسلة باباوات حملوا اسم القديس بنديكتوس ووصفوهم بالزيتونيين “لعملهم من أجل السلام”. والرمز الذي أعطي له هو “مجد الزيتون”.
اما آخر هذه النبوءات فتتعلق بالبابا الأخير حسب النبوءة، وهي على النحو التالي: خلال الاضطهاد الشديد التي ستعانيه الكنيسة سيعتلي السدّة البابوية بطرس الروماني ، الذي سوف يقود قطيعه في محن كثيرة وبعدها سوف تسقط المدينة ذات التلال السبع (روما) وسيتم تدميرها والقاضي الرهيب سوف يدين الناس. النهاية”.
وها هي النبوءة في اللغة اللاتينية والإنكليزية:
In persecutione extrema S.R.E. sedebit Petrus Romanus, qui pascet oves in multis tribulationibus: quibus transactis civitas septicollis diruetur, & Judex tremêdus judicabit populum suum. Finis.
(In extreme persecution, the seat of the Holy Roman Church will be occupied by Peter the Roman, who will feed the sheep through many tribulations, at the term of which the city of seven hills will be destroyed, and the formidable Judge will judge his people. The End.)
يجدر بالذكر أن النبوءة لم تستثنِ أحد الباباوات ولم ينكسر التسلسل في تطابق الباباوات مع الرموز المعطاة لهم في النبوءة. لذا لا نجد سبباً أو برهان على أن هذا التسلسل سينتهي عند البابا بنديكتوس السادس عشر البابا التي يجمع المفسرّون المؤيّدين للنبوءة كلّهم على أنه البابا رقم 111 في النبوءة. فالنتيجة المحتمة اذن أن البابا فرنسيس هو المعني بالنبوءة الأخيرة وهو الذي يملك من روح القديس بطرس الرسول والذي سيقود القطيع – الشعب المسيحي – خلال المحن الصعبة التي تخوضها الكنيسة المقدسة.
حتى اليوم لم تصدر موافقة من الكنيسة على نبوءة القديس ملاخي، بالرغم من ذلك يطيب لمعارضي الكنيسة من الخارج وللأسف من داخلها أيضاً أن تشرح هذه النبوءة على أنها تنذر من البابا 112 بأنه هو الذي سيقود الكنيسة الى الدمار. في الواقع هذه التحليل سخيف وغير موضوعي ولا يشرح النبوءة بل يضع فيها معتقداته الملتوية ورغباته المتكبّرة.
ما تقوله النبوءة هو أن في الزمن الذي يقود البابا الشعب المسيحي الذي يعاني من اضطهاد عظيم، سوف تسقط مدينة التلال السبع اي روما المدينة. ما الذي قد يُسقطها؟ ومن سوف يدمّرها؟ النبوءة لا تتحدث عن ذلك. مع ذلك، ليس مجهولاً أن الكثيرين يرغبون في سقوطها وقد شهدنا أحداث كثيرة معادية وتهديدات متتالية ومستمرة ضد روما والفاتيكان. وتصريحات جماعات متشدّدة ومعادية للمسيحية بأنها سوف تحتلّ روما وتمحو منها المسيحية!
لا يفرح أعداء الكنيسة ولا يعتقدوا أنّهم حقّقوا انتصار! بل هذه الأمور ربما عليها أن تحصل كي تتحقّق نبوءة أكبر وخلاص أعظم:
انتصار قلب مريم الطاهر الذي سيهيّء العالم لمجيء الرب يسوع. فما نقصد من هذا المقال ليس إخافة الناس ولا نشر الذعر بل هو دعوة الى التمسّك بالإيمان المسيحي وبالكنيسة المقدّسة وعدم الإنحراف وراء تعاليم تجرّ أتباعها نحو الإنفصال عن الكنيسة والوقوع في الخطأ.
يجب علينا أن نكون دائما حذرين مع الرؤى الخاصة، وهذا هو أساساً القضية هنا، إن تمّت الموافقة عليها أم لا. و”نبوءة القديس ملاخي” لم يتم الموافقة عليها من قبل الكنيسة، ولكن الكنيسة تعلمنا أنه يجب علينا أن لا تضع الإيمان الإلهي في الرؤى الخاصة حتى إذا تمت الموافقة عليها. دورها هو أن يقودنا إلى المسيح في كنيسته وإلى الإيمان الإلهي القادر على خلاص نفوسنا. فهي وسيلة وليست غاية في حد ذاتها.
إذا واصلنا تركيزنا على المسيح، كنيسته، القربان المقدس، ونحن أمّنا المباركة مريم، فلن نضلّ ولن نقع في الخطأ.
احبائنا نرجو في خضم العمل الرسولي الذي تقوم به جماعات تدعو للالتزام بالعمل الأمين للكاثوليكية… أن لا تتأثر بما يسمى جمعية بيوس العاشر وليس كل جمعية بهذا الإسم، إنما التي تعود الى المطران المحروم حرما كنسيا كبيرا وهو الفرنسي لوفيفر الخبيث، وهذه الجمعية لها مواقع كثير باللغات المتعددة تنشر الأضاليل وهي تلبث ثوب الرعيان وفي داخلها ذئب خاطف، وهو التشكيك بالعصمية الباباوية… فنرجو الحذر منهم وعدم التشظي باقوالهم ان تلحق من يشك ++ بالعصمة ++ الخطئ.