هل تعلم ؟.. كل العادات والرموز والتقاليد الميلادية !
في قلب كل واحد منا يبقى دوماً حنين وشوق الى مغارة بيت لحم والإحتفالات بمولد الرب يسوع والى الأنوار والزينة وفرحة الأعياد… إنه فعلاً عيد الأعياد ! عيد الميلاد يبقى عيداً روحيّاً ودينيّاً ، نُجدّد فيه إيماننا ورجاءنا بالرب يسوع الذي تجسّد من أجل فدائنا. مع الزمن ازدادت العادات والتقاليد التي رافقت الإحتفالات بالعيد واختلفت من بلد الى بلد. جميع المسيحيين يزيّنون بيوتهم بمغارة بيت لحم وبالأشجار ترقص فيها الأنوار والزينة المتنوّعة، لكن الى ماذا يرمز كل ذلك؟ في هذا المقال جمعنا كل المعلومات التي تتعلّق بهذه العادات والتقاليد:
تاريخ الميلاد 25 ديسمبر
لا أحد يعرف حقيقة تاريخ ولادة الرب يسوع . فالإنجيل المقدس لا يذكر ذلك، لماذا اذاً نحتفل بالميلاد في 25 ديسمبر؟
لا شك ان المسيحيين الأوائل قد واجهوا هذه المعضلة. لكن التقليد سجّل انهم بدأوا يحتفلون في 25 ديسمبر منذ عام 336 . .وذلك في عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين اول إمبراطور روماني مسيحي
عدة سنين بعد ذلك أعلن البابا يوليوس الأول رسمياً أن ولادة يسوع سوف يحتفل بها في هذا التاريخ.
كان الوثنيون يحتفلون في 25 ديسمبر بعيد الشمس Dies Natalis Solis Invicti اي “عيد ميلاد الشمس التي لا تُقهر”. وسبب هذا العيد هو ان ساعات النهار ابتدأت تطول بعد أن كان 21-22 من ديسمبر أقصر وقت بين شروق وغروب الشمس. فأقاموا المهرجانات احتفالاً بانتصار الشمس على الظلام.
قدّم المسيحيون الأوائل معنى جديد لهذا المهرجان – الإحتفال بميلاد ابن الله، “الإبن الذي لا يُقهر – شمس البرّ”!
سبب آخر للإحتفال بعيد الميلاد في 25 ديسمبر هو عيد الأنوار (الحانوكا) عند اليهود ، الذي يصادف في 25 من شهر كسليف الذي يحدث تقريباً في 25 ديسمبر او بضع ايام قبله او بعده (التقويم اليهودي يعتمد على النظام القمري). الحانوكا هو عيد تذكاري يحتفل به اليهود بذكرى تحرير اورشليم من الإحتلال السلوقي وتطهير الهيكل بعد أن حوّله السلوقيون الى معبد هيليني وإعادة تكريسه. ويروي العهد القديم ان المكابيين ، وحين كانوا يهمون بإعادة إشعال الزيت في الشمعدان السباعي – المينورا – في الهيكل، لم يكن قد بقي من الزيت الطاهر غير المدنس سوى ما يكفي يوما واحدا، إلا أن هذه الكمية الضئيلة من الزيت، وبفضل معجزة، كفت لمدة الأيام الثمانية المطلوبة لعصر الزيت. يُعتقد ان ذلك قد يكون سبباً آخر ساعد الكنيسة في وقت مبكر ان تختار 25 ديسمبر عيد الأنوار عند اليهود، عيداً لميلاد المسيح الذي هو “نور العالم”!
المغارة
يرجع تقليد المغارة الى القديس فرنسيس الأسيزي , في القرن الحادي عشر . إذ هو أول من مثّل احداث الميلاد تشجيعاً للمؤمنين مبعثآ للتقوى والفضيلة وراحت هذه العادة تنتشر شيئا فشيئا في أرجاء ايطاليا ثم في الأرض كلها . أراد فرنسيس :” أن يتذكّر الطفل الذي ولد في بيت لحم، كي يعيش بشكل حسّي المعاناة التي قاساها المولود الجديد (يسوع) في ظروف ينقصها كل ما هو ضروري؛ وكيف أنه وُضع في مذودٍ حقير ممدَّداً على التبن بين حمار وثور”.
كان فرنسيس مدفوعاً بروحانيةٍ يمكن تسميتها “الواقعية المسيحية”، أي تلك النظرة التي تعطي الاحترام اللازم للجسد والتي تتعارض مع من يبالغ بإعلاء شأن الروح على حساب الجسد، كتلك البدع التي كانت سائدة العصر آنذاك .
ولكي يحقِّق فرنسيس رغبته، طلب من رجلٍ في قرية كريتشو أن يُعيره مغارته مع الحمار والثور. وفي ليلة عيد الميلاد توافد سكان القرية إلى ذلك المكان بالشموع والمشاعل، وأقيمت هناك ذبيحة القداس الإلهي.
وتذكر المصادر التاريخية أن فرنسيس، بما أنه كان برتبة شماس إنجيليّ، قام بقراءة الإنجيل المقدس، ثمَّ “ألقى على الحاضرين عظة، تحدّث فيها بكلماتٍ رقيقةٍ عذبة مشيداً بالمولود الإلهي، الملك الفقير، وبمدينة بيت لحم الفقيرة”.
لم يكن في مذود فرنسيس سوى الثور والحمار والمعلف. أما مريم ويوسف فلم يكونوا هناك. وكأني به قصد أن يترك لنا المكان فارغاً لنملأه نحن بحضورنا. وكان الجمهور يشارك في القداس ويصغي لفرنسيس عظته عن يسوع طفل بيت لحم. لقد كان مذوداً “إفخارستياً” بامتياز!
أشخاص المغارة
يسوع المسيح طفلاً: وهو صاحب العيد.
يوسف ومريم: رمز الإنسانيّة كلّها حيث الرجل والمرأة هما معاً “صورة الله ومثاله” كما ورد في سفر التكوين :” فخلَقَ اللهُ الإنسانَ على صورَتِه، على صورةِ اللهِ خلَقَ البشَرَ، ذَكَرًا وأُنثى خلَقَهُم” (تك 1: 27).
الرعاة: وهم يمثّلون فئة الفقراء والبسطاء كونهم أفقر طبقات الشعب في تلك الأيام. يضاف إلى ذلك أنهم يذكّروننا أن المسيح هو الراعي الحقيقي الّذي خرجَ من نسل الملك داود، الملك الّذي وُلِدَ راعيا.ً
المجوس: وهم يمثلون فئة المتعلمين والأغنياء الّذين لا قيمة لما يملكونه أو يعلمونه إن لم يقدهم إلى المسيح. كما أنّهم يذكّروننا أيضاً بالمسيح الّذي هو ملك الملوك.
النجمة: وهي رمزُ للنجمة التي هدت المجوس إلى المسيح، ولنور المسيح المتجسد.
البقرة: وهي رمزُ الغذاء الماديّ الّذي لا بدّ منه للإنسان، لا ليعيش من أجله وإنما ليساعده ليعيش ويتمكن من خدمة الإله الحقيقي، وهذا رمزُ البقرة التي تقوم بتدفئة المسيح.
الحمار: وسيلة النقل البري الأساسية لدى عامّة الناس. وهو أيضاً رمزالصبر واحتمال المشقات في سبيل الإيمان وفي خدمة المخلّص.
الأغنام: وسيلة للغذاء والتدفئة. وترمز بشكلٍ خاص إلى الوحدة الضرورية في جماعة المؤمنين، التي تحافظ على دفء الإيمان في قلوبهم.
الملائكة: يرمزون إلى حضور الله الفعال بين الناس على أن لا تعيقه قساوة القلوب وظلمة الضمائر .
الأجراس
الأجراس وخاصة أجراس الكنيسة ترتبط تقليدياً بعيد الميلاد. إذ يذكر التقليد ان أكبر جرس في الكنائس يدقّ أربع مرات ساعة قبل منتصف الليل، ثم تُدقّ كل الأجراس عند نصف الليل معلنة بدء الإحتفالات الميلادية.
في الكنيسة الكاثوليكية، عيدي الميلاد والفصح هما العيدين الوحيدين الذين يُحتفل بهما في منتصف الليل ويُعلن عنهما بواسطة دقّ أجراس الكنائس كما يُدقّ جرس المذبح أثناء القداس بينما يقول الكاهن المجد لله في العلى.
يعود الإحتفال بقداس ليلة العيد الى الكنيسة الأولى حيث كان يُعتقد ان يسوع المسيح وُلد في منتصف الليل.
شموع الميلاد
هنالك العديد من الأسباب المختلفة تربط الشموع بالميلاد، على الرغم من أنّ لا أحد يعرف متى ابتدأت.
أحد أقدم السجلّات التي تعود الى ذكر استخدام الشموع في الميلاد هو من القرون الوسطى، حيث تم استخدام شمعة كبيرة لتمثيل نجمة بيت لحم. أما شموع المجيء التي تضاء في الأربعة آحاد قبل الميلاد فهي ترمز الى ان المسيح هو نور العالم . أعتاد المسيحيون آنذاك إحياء سهرات ترانيم وصلوات بحيث تضاء الكنيسة فقط بواسطة الشموع. كما كانت تستخدم الشموع لتزيين شجرة الميلاد ، حتى تم اختراع المصابيح الكهربائية التي انتشر استخدامها في العالم المسيحي بما انها أكثر أماناً من الشموع.
زينة عيد الميلاد
جرت العادة منذ عصور، تزيين شجرة الميلاد والبيوت بزينة لها رموز تتعلّق بيسوع المسيح. في البداية كانت الزينة بيضاء وذهبية اللون فقط. الأبيض هو لون ليتورجي كنسي لزمن الميلاد ويرمز أن يسوع كان طاهراً نقيّاً. واللون الذهبي يرمز الى مُلكه ومجده. مع مرور الزمن تم تطوير وتغيير الزينة وإدخال أشكال وألوان أخرى. فيما يلي بعض الرموز التي كانت تُستعمل قديماً في تزيين أشجار العيد والكنائس والمنازل :
الصليب: يرمز ليسوع المسيح الذي مات من أجل الجميع على الصليب.
المرساة: تُذكّر المسيحيين أن يسوع هو مرساة إيمانهم.
السمكة: هي من أقدم الرموز المسيحية كلمة سمكة في اليونانية (ichthus) تجمع أول حرف من عبارة “يسوع المسيح ابن الله المخلّص”.
ألفا أوميغا: الالف والياء في اليونانية: ترمز ليسوع المسيح البداية والنهاية.
نجمة الميلاد: نجمة بيت لحم التي تهدي الى يسوع. وهي الرمز السماوي للوعد. الله ارسل مخلصه للعالم ونجمة بيت لحم كانت علامة الوعد لانها قادت المجوس الى مكان ولادة المسيح.
الملاك: يُذكّرنا بتبشير الملاك للرعاة وأيضاً يرمز الى مجيء المسيح الثاني الذي يسبقه حسب الكتاب المقدس نفخ الملاك بالبوق.
التاج: يرمز التاج الى ملوكية المسيح والى إيماننا بأن يسوع هو ملك السماء والأرض.
الحمامة: رمز الروح القدس، روح السلام.
الشمعة: تُمثّل الرب يسوع نور العالم.
الزهرة البيضاء: رمز الطهارة وتُمثّل العذراء أمّ المسيح.
ألوان عيد الميلاد
هنالك العديد من الألوان التي ترتبط تقليدياً مع عيد الميلاد . ثلاثة ألوان رئيسية ولونان آخران.
ألوان العيد الرئيسية هي الأحمر والأخضر والذهبي. أضيف اليهما فيما بعد اللون الأبيض والأزرق. الى ماذا ترمز هذه الألوان ؟
اللون الأحمر:
هو اللون الاول لعيد الميلاد واستخدم من قبل المؤمنين الاوائل لتذكيرهم بالدم الذي سفك من قبل المسيح. المسيح اعطى حياته وسفك دمه من اجل ان نحصل على الحياة الأبدية.
اللون الأخضر
يرمز اللون الأخضر الى الحياة الأبدية . فلون الشجر الأخضر يدل على وجود الحياة وبميلاده اعطانا المسيح حياة جديدة ورجاءاً جديداً. كما يرمز ايضاً الى الإنتصار والتحرّر من العبودية فقد كان الرومان يصنعون أكاليل من اوراق الشجر الخضراء ويضعونها على رؤوس الجنود العائدين منتصرين من الحروب. وايضا يرمز للشباب والامل واكثر الالوان غزارة في الطبيعة فاللون الأخضر يدعونا إلى التشبُّه بالنَّباتات الخضراء، كي نأتي دومًا بالثِّمار الكثيرة اليافعة
اللون الذهبي :
هو لون الشمس والضوء فهي ترمز الى نور المسيح. وهو أيضاً احدي الهدايا التي قدّمها المجوس للطفل يسوع دليلاً على ملوكيته .
اللون الأبيض:
عادة ما يرمز الى الطُّّهر والنقاء وهو ايضاً لون السلام، واللون اليتورجي لزمن الميلاد.
اللون الأزرق :
لون يمثّل السيدة العذراء، أمّ المسيح. في العصور الوسطى كان الطلاء والصباغ الأزرق أغلى من الذهب . فكانت العائلات الملوكية والأثرياء وحدهم من يرتدون الملابس الزرقاء . فملابس السيدة العذراء في معطم أيقوناتها وصورها رُسمت زرقاء دليلاً على أهميتها وعظمتها. والأزرق ايضاً لون السماء .
Poinsettia زهرة الميلاد
لماذا نضع باقات زهرة الميلاد في البيوت وحول المغارة في عيد الميلاد؟
تعود قصة هذه الزهرة الى القرن الثامن عشر في المكسيك. حسب التقليد المكسكي أرادت فتاة فقيرة اسمها بابيتا تقديم هدية ليسوع الطفل في ليلة الميلاد، كما جرت العادة، إذ يحمل الجميع هدية رمزية يضعونها بالقرب من الطفل يسوع في كنيسة القرية.
لم تجد تلك الفتاة ما تقدّمه ليسوع فكانت تبكي في طريقها الى الكنيسة.
أراد اخوها الذي كان يرافقها الى الكنيسة تشجيعها، فاقترح عليها جمع باقة من النباتات قائلاً لها أن يسوع يقبل بفرح أبسط الهدايا. سمعت له وجمعت من شجيرة بريّة صغيرة بعض الأوراق العريضة.
حين وصلت الكنيسة ركعت امام طفل المذود ووضعت باقتها الوضيعة امامه. فجأة أضاء نور من الباقة وتحوّلت أوراقه الى حمراء قاتمة. جميع من كان في الكنيسة كانوا متأكدين انهم رأوا معجزة. منذ ذلك الحين أطلق على النبتة اسم “زهرة الليلة المقدّسة”. تُشبّه زهرة البونسيتيا ايضاً بنجمة بيت لحم.
هدايا الميلاد
فمن الواضح أن الروح القدس هو الذي أرشد المجوس إلى اختيار هذه الهدايا.