مواضيع روحية

في معركتنا ضد الشرّ تقول العذراء أننا نحتاج الى الأسلحة التوأم: الصلاة و الصوم

الصوم هو الرسالة الأكثر تجاهلاً بين رسائل مديوغوريه!

“لا تقلعوا عن الصوم!”
“من يصلي لا يخاف المستقبل، ومن يصوم لا يخاف الشر. (رسالة العذراء 25 كانون الاول 2001 )
يقول مثل فرنسي قديم: “اذا خيرنا بين شرين، علينا اختيار الأقل شراً!

أشخاص كثر أبعدوا رسائل العذراء مريم المتعلقة بالصوم عن حياتهم وذلك لأسباب عدة. غالبا ما اسمع:”انه أمر صعب بالنسبة اليّ. أنا متعلق كثيرا بالأكل، ليس بمقدوري ان أقوم بهذا الجهد”.
الصوم هو الرسالة الأكثر تجاهلاً بين رسائل مديوغوريه! فهذا ليس عمل الصدفة لأنه ان كان أحد منافع الصوم هو طرد الشياطين فانه لمن الطبيعي أن تقوم هذه الشياطين بالمستحيل لتمنعنا عن ممارسة الصوم وتقنعنا بأنها فضيلة يتمتع بها بعض الأشخاص القديسين الذين لا ننتمي نحن الى فئتهم.

يجيب يسوع بذاته على هذا الصراع في الانجيل بطريقة منوّرة. تذكروا ان يسوع أرسل تلاميذه ليبشروا ويطردوا الشياطين ويشفوا المرض ويقيموا الموتى ويعلنوا البشرى السارة الخ. ذات يوم عادوا مُفعمين بالفرح وقالوا ليسوع: “يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك!” (لو 10/17) نفهم بسهولة سرورهم لرؤية عدوّهم ينهزم في قلوب العديد من المحزونين الذين لجأوا اليهم ليريحوهم من عذابهم.
عاد الرسل مرة أخرى الى يسوع بعد رسالتهم، ولكن في هذا اليوم التزموا الصمت لانهم متضايقون من فشلهم من دون شك. حينئذ وجّه والد طفل الحديث الى يسوع وأخبره بأن تلاميذه لم ينجحوا بطرد الروح النجس الذي يسكن ولده. وسأل يسوع “لماذا”. فأجابه يسوع: “هذا النوع من الشياطين لا يطرد إلا بالصوم والصلاة” (مر29:9-28).

جاء الجواب واضحاً وضوح الشمس شفافاً وكالبلور لا يحتمل التأول! عندما يذكر يسوع “هذا النوع “، يتبادر فوراً الى ذهننا بأن هناك نوعاً من الشياطين أكثر شراً ووحشية من تلك الأرواح النجسة التي طردها التلاميذ في الصلاة، بواسطة اسم يسوع فقط. في الوقع، كما هي الحال بالنسبة للملائكة والقديسين، فالشياطين ايضا لهم تراتبية، مما يفسر قدرتهم المتفاوتة على القيام بأعمال الشر. فهذا النوع الذي أظهر مقاومة كبيرة امام الرسل، يستلزم، الى جانب الصلاة، علاجاً قوياً ونافذاً، ألا وهو: الصوم. ولكن فات الرسل هذا الحل التوأم والمرافق للصلاة وهو الصوم. لقد قاموا بالجزء الاول من عملهم، لذا لم ينجحوا في تحرير ذلك الطفل من الروح النجسة التي تسكنه.

ما الحال اذا بالنسبة الينا؟ علينا ان نختار. انا اخترت ان أصلي، لا بل أن أصلي كثيرا. ولكن من دون ان اصوم، اظن باني أستطيع أن اتمتع أكثر بالحياة وبأطيابها لاني استبعدت خيار الصوم. أستطيع اذا أن آكل ما احب وهذا ممتع جداً. ولكن ماذا أفعل اذا بهذا النوع الأكثر صموداً من الشياطين؟ اذا يرى هؤلاء الشياطين اني لا اصوم، يعلمون بان بابي ليس مقفلاً تماماً في وجههم. وهكذا أجازف بمواجهتهم: يمكنهم ان يندفعوا جيداً اليّ ليصيبوني بالأضرار التي يبتغونها، بشكل خاص تدمير سلامي الداخلي وعائلتي وصحتي… كوني لم أصُم يعني اني لم أحكم إقفال بابي!

ان اخترت أن أصلي وان أصوم معاً، فلا بد من أن تلك الاصوام تتطلب مني بعض التضحية، بالأخص في البداية عندما يترتب علي أن اقلع عن بعض العادات الغذائية المترسّخة فيّ. أفرض اذا على ذاتي جهداً حقيقياً يتكرر أسبوعياً. انما عندما يلحظ ذلك النوع اني أصوم، يدرك انه يعجز عن أذيَّتي لاني أوصدت جميع الأبواب. ويصبح هؤلاء الشياطين عزلاً، لا يستطيعون مهاجمتي فأنعم أخيرا بسلام كبير. أتجنب الكثير من الضيقات وأنزع فتيل الخطط المُهلكة التي قد تُحاك ضدي، وضد عائلتي وضد صحّتي… أقوم اذا بكل ما اوتيت من قوة، وليس أقل، ومن كل قلبي بالطبع، وأترك لعناية الله القيام بالباقي.

أطرح اذا السؤال التالي: هل نفضّل أن نختار تضحية الصوم أو أن نكون هدفاً لآلام كبيرة، تلك التي يسببها الأعداء غير المنظورين الأكثر شرّاً ألا وهم الشياطين؟ فمقارنة مع هذه العذابات يعتبر مجهود الصوم مداعبة لطيفة!

 

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق