واسم الأُمّ مريم – تأمل الحركة المريمية برسالة السيّدة العذراء 2/8/2016
واسم الأُمّ مريم .
في رسالتها الأخيرة قالت السيّدة العذراء:
“إنّ ابني، عندما كان صغيرًا، غالبًا ما كان يقولُ لي إنّ كثيرين سوف يحبّونَني وسوف يَدعونَني ‘أمّاه’. وأنا، هنا بينكم، أشعرُ بالحبّ.”
من هي هذه الأمّ؟
حين وُلد يسوع ، واضطجع في المذود، حتى في ذلك الحين، وهو طفل رضيع، كان المخلّص. يسوع الطفل هو الله حتى عندما كان يرقد عاجزاً في القماط، معتمداً كليّاً على أمّه وأبيه. “عندما كان صغيراً” كان لا يزال الله.
مريم كانت ايضاً طفلة. طفلة نشأت في هيكل الله. حتى في ذلك الوقت، كانت “أُمّ”. لم تُصبح مريم أُمّ بقرار من بشر، بل كُوِّنت أُمّ في فكر الله منذ الأزل، قبل بدء الزمان.
منذ أن كانت فكرة المخلّص موجودة، فكرة الأُمّ كانت موجودة أيضاً. المخلّص هو ابن احتاج الى أُمّ، واسم الأُمّ مريم . هذا الإبن “عندما كان صغيراً” أكّد وعزّز على الأرض، ما سبق وقُرّر في السماء.
في بداية رسالتها في 2/8/2016 قالت:
“لقد أتيتُ إليكم – وبينكم – لكي تُعطوني همومَكم فأقدِّمَها إلى ابني؛ وأتشفَّعَ لكم أمامَه لخيرِكم.”
تأتي السيّدة العذراء من أجل خيرنا ومصلحتنا. تأتي الينا وفي وسطنا لنعطيها همومنا ومتاعبنا، حتى تشفع لنا أمام الله.
في مخطّطها، لا تبحث مريم عن كتلة معيّنة من الناس، ولا عن جماعات احتشدت أمامها، بل عن كل واحد من البشرية كفرد الذي ترغب في تخليصه. لا ننسى النقطة الأهم من مجيئها. الله هو من أرسلها! جاءت أول مرّة لأن الله احتاجها أُمّاً لإبنه. وتأتي الآن ثانية لأن الله يحتاجها من أجلنا، أولاده.
أي علاج تُقدّم لنا هذه الأُمّ إن أعطيناها همومنا ومتاعبها؟ كيف يمكنها منحنا الرجاء الذي نحتاجه للتخلّص من الهموم؟ إن عملها كأمّ يقودها الى إرشادنا وتوجيهنا الى الذي يمنح الراحة والأمان والرجاء، الى ابنها. الى مائدته المقدّسة، الإفخاستيا:
“أعرفُ أنَّ لكلِّ واحدٍ منكم همومَه ومِحَنَه. لذلك، أدعوكم بطريقة أموميّة: تعالَوا إلى مائدةِ ابني. فهو يكسِرُ الخبزَ لكم؛ وهو يعطي ذاتَه لكم؛ إنّه يمنحُكم الرجاء؛”
لا يهم إن كان الكثيرون لا يؤمنون بدور مريم. هذا لا يُقلّل من مكانتها، لأن مريم هي تخطيط وقرار حازم من الله الذي لا يحتاج لموافقة البشر. هو يترك لنا الحريّة بقبولها أمّ. لكن الذي يرفض عطيّته هذه، اي يرفض مريم كأمّ له، بالحقيقة هو يرفض طوق النجاة والطريق الأقصر والوحيد الى يسوع.
“إن الخلاص ابتدأ بمريم، وبمريم يجب أن يستمرّ الى النهاية” – القديس المريمي الكبير لويس-ماري غرينون دو منفور .
“إننا لا نستطيع ان نكون مسيحيين ان لم نكن مريميين… لقد اتى يسوع الينا عبر مريم ويريدنا الذهاب اليه على الدرب عينه” – القديسة فيرونيكا جولياني.
أن أكون مريمي يعني أولاً ان أقبل مريم بصفتها أمّي. أن أشعر بحبّها الأمومي لي وأن أُشعِرها بمحبّتي البنوية:
إنّ ابني، عندما كان صغيرًا، غالبًا ما كان يقولُ لي إنّ كثيرين سوف يحبّونَني وسوف يَدعونَني ‘أمّاه’. وأنا، هنا بينكم، أشعرُ بالحبّ.”
وكيف تكافئنا الأُمّ على هذا الحبّ؟
إنها تُبدّلنا فلا نعود فارغين. بل تملأنا بالحب والإيمان والرجاء والمحبّة. وتجعل منا أدوات لنشر المزيد من الحب. تجعل منّأ رُسُلها، رُسُل قلبها الطاهر … رُسُل الحبّ. شهود لمحبّة الآب السماوي.
” من أجل ذلك الحبّ، أناشدُ ابني حتّى لا يعودَ أيٌّ منكم، يا أولادي، إلى بيتِه على حالِه كما أتى؛ وحتّى تأخذوا معكم المزيدَ من الرجاءِ والرحمةِ والحبّ؛ وحتّى تكونوا رُسُلي، رسلَ الحبّ، الذين سيَشهَدون بحياتِهم أنَّ الآبَ السماوي هو نبعُ الحياةِ لا الموت.”
فهل توقّفنا للحظة عن انشغالنا بمخاوفنا ومِحننا ومتاعبنا لنشكر الله على إرساله أمّه لنا؟
هل كنّا سنعرف كيف ننظر الى العالم من حولنا، أو نعرف الله بالطريقة التي يمكننا معرفته لولا مجيئها الينا لتُعلّمنا “كأولادها الصغار؟” توقّفوا إذاً، في هذه اللحظة واشكروا الله على أنّه يحبّنا لدرجة أنه يسمح لنا بأن نعرف الأُمّ!
هذه الملكة المكلّلة على السماوات والأرض، لا تهتم وتعتني بأتباعها بصفتها ملكة، بل بصفتها أُمّ. لقد دخلنا عصر اعتراف مستقبلي بمريم “الأُمّ”….
بدأنا نعرفها الآن. لاحقاً سوف يعرفها الكثيرون. كل البشر يبحثون عن الحبّ، الأمان والسعادة… وهي مريم وحدها تجمع كل ما نحتاج اليه ونبحث عنه… لو أمكن تلخيص كل العذوبة، الحبّ، الرقّة، العطف، السلام، الفرح، الرحمة والمجد في كلمة واحدة، سيقول الله بكل بساطة….. “مريم“