هكذا جرت حقيقة أحداث خميس الأسرار وغسل الأرجل كما كشف الرب يسوع لماريا فالتورتا
في العليّة – أحداث خميس الأسرار وغسل الأرجل
أرى العلِّية حيث يجب ان يؤكل الفصح.
إنها حجرة ليست مربّعة تماماً، إنها مستطيلة قليلاً أيضاً. البلاط مصنوعٌ من لبنات طينٍ مشوي مربعة أزال الزمن لونها. ليس لواحدٍ من الجدارَين الأطوَلين أيّ فتحة. وفي الآخر، على العكس، باب صغير في زاويةٍ نصل إليه عبر سلَّمٍ صغير من ستّ درجاتٍ بلا مطلعٍ، ينتهي بقرصٍ مساحته متر مربّع.
أرى أن الحجرة تُفضي عبر السلم الصغير ذي الدرجات الست إلى مدخلٍ معتم يطلّ على طريق عبر باب صغير…
قبالة الباب الصغير باب آخر، يقود الى حجرة أخرى أقل اتساعاً…
في الحجرة التي أراها الآن، مريم مع النسوة الأخريات. أتعرف إلى المجدليّة ومريم، أم يعقوب. يبدو أنهن وصلن للتو، يقودهن يوحنا…
يغسل الرب أرجل تلاميذه، وأوَّلهم الإسخريوطي… يصل إلى بطرس…
لكن بطرس!…ليس سهلاً إقناعه بارتضاء هذا الطقس!
“أنت، تغسل لي قدمَيّ؟ لا تتصوّر ذلك، فلن أسمح به ما دمت حيّاً. إنني دودة، وأنت الله. لكلٍّ مكانه.”
“ما أفعله، لا يمكنك أن تفهمه الآن، لكنك ستفهمه لاحقاً. دعني أفعل.”
“كلّ ما تشاء، يا معلّم. أتريد قطع عنقي؟ إفعل ذلك. أما أن تغسل قدميّ، فلن تفعل ذلك.”
“آه! يا عزيزي سمعان! ألا تعلم أنني إن لم أغسلك، فلن يكون لك نصيبٌ في ملكوتي؟ سمعان، سمعان! إنك تحتاج إلى هذا الماء لنفسك وللدرب الطويلة التي عليك قطعها. ألا تريد أن تأتي معي؟ إن لم أغسلك، فإنك لا تأتي إلى ملكوتي.”
“آه! يا ربّي المبارك! إغسلني كاملاً إذاً! قدماي، يداي ورأسي!”
“إن من استحمّ مثلكم، لا يحتاج إلا إلى غسل قدميه، بما أنه نقيّ تماماً. القدمان… فالإنسان يمضي بقدميه إلى الأقذار…”
يسوع يغسل قدمَي بطرس، يقبّلهما، وبطرس يبكي ويُمسِك بيدَيه الضخمتين يدَي يسوع، يمرّ بهما على عينيه، ويقبّلهما بعد ذلك……يسوع يجلس، لا يتمدد. ويتكلم:
“الآن وقد تمّ الطقس القديم، أحتفل بالطقس الجديد. وعدتكم بمعجزة حبّ. إنه وقت إجرائها. لذلك رغبت في هذا الفصح. ها هو من الآن فصاعداً القربان الذي سيؤكل في طقسِ حُبٍّ دائم. لقد أحببتكم حياة الأرض كلها، يا أصدقائي الأعِزّاء. أحببتكم الأبدية كلها يا أبنائي. وأريد أن أحبكم حتى النهاية. ما من شيءٍ اعظم من هذا. تذكّروا. انني راحل، لكننا سنبقى متحدين إلى الأبد، بفضل المعجزة التي أجريها الآن.”
بارَكَ ووزَّع الخبز والخمر…
يسوع حزين جداً. فارقته كل ابتسامة، كل أثر نور، لون. له وجه نزاع.
يأخذ قطعة الخبز الثالثة عشرة والأخيرة وينهض:” لا تتحرّكوا، انني أعود حالاً.”
“إنه يقصد أمه”، يتمتم يوحنا.
ويخرج الرب إلى الغرفة الأخرى حيث كانت أمه والمريمات يصلّين خلال العشاء السرّي…
“لقد ائتزرت بمنديلٍ وغسلتُ أقدامكم. لم تفهموا ما كنت اقصد، عن أي نصيب كنت أكلّم بطرس، أي رمز كنت أقوم به.
هوذا ، إنني أقول ذلك لكم.
لقد علّمتُ أمرا ً آخر، زيادةً على تعليمكم التواضع وضرورة أن تكونوا أنقياء لتتوصّلوا إلى الانتماء إلى ملكوتي…
… غسلت أقدامكم، الجزء الأدنى من الجسد، الذي يسير في الوحل والغبار، أحياناً في القذارة، لأدُلّ إلى الجسد، الجزء المادي من الإنسان الذي يوصَم دوماً – إلّا لدى الذين هم من دون الخطيئة الأصلية – بعيوبٍ طفيفة أحياناً إلى حدّ أن الله وحده يراها، إنما ينبغي في الحقيقة مُراقبتها لئلا تستمدّ قوّةً بتحوّلها عاداتٍ طبيعية، وينبغي مقاومتها لاستئصالها.
غسلت إذا ً أقدامكم. متى؟
قبل كسر الخبز والخمر وتحويلهما جسدي ودمي. لأنني حمل الله ولا يمكنني أن أنزل إلى حيث للشيطان أثره.
غسلتكم إذا ً أوّلاً، ثم وهبت نفسي لكم. أنتم أيضاً سوف تغسلون بالمعمودية الذين سيأتون إليّ، لئلا يتقبّلوا من غير استحقاق ٍ جسدي، ولئلا يستحيل بالنسبة إليهم حكماً بالموت رهيباً…”