مقايضة مع العذراء عند الصليب الأزرق – أعجوبة إرتداد من مديوغوريه
فرنسية من منطقة Bretagne في الثالثة والخمسين من سنيها، وهي مستثمرة زراعية، مؤمنة حتى قبل أن تولد، تأتي الى مديوغوريه قياماً برحلة العمر. هذه هي تريز!
كان يجب أن تكون هناك ضرورة قصوى لتنتزعها من قريتها وترمي بها عند قدمي العذراء: في الواقع، كان يغمر قلب تريز الطيّب الوالدي، غمّ كبير بحجم هذا القلب. فمنذ ثلاث سنوات وصهرها يشنّ حرباً لا هوادة فيها، ضد ابنتها فيرا وضد أحمائه الذين يعتبرهم “متعصّبين”.
وهو يصرّح علانية بأنه لا يؤمن بالله، وبأنه غير مستعد للإنفتاح على هذه الحماقات. لذلك ذهبت تريز الى مديوغوريه لتسلّم العذراء هذه الأمور. ويوم ذهابها، كان على ابنتها الذهاب لمقابلة المحامي لتباشر بإقامة دعوى طلاق. فراحت تريز تجتر كل هذه العذابات في قلبها طوال رحلتها في حاملة الركّاب. ومصيبتها الكبرى كانت أن ترى حفيدتها هرموني مشلّعة بين أمّها وأبيها فيما يتشاجران ويتحدّثان عن الطلاق على مسامعها. هرموني، من جهتها، لا تحلم إلا بأن ترى لها أخاً صغيراً او أختاً صغيرة.
ما أن وصلت تريز الى مديوغوريه حتى سمعت بالمقايضة التي يمكن القيام بها مع العذراء. (المقايضة هي أن نسلّم العذراء مشاكلنا لتهتم هي بإيجاد حل بينما نهتمّ نحن بالصلاة على نواياها). فقرّرت أن تتخلّى كليّاً عن مشكلتها وعن عذابها للعذراء وقالت لها: إهتمّي بفيرا وبعائلتها بينما من جهتي، أنا أهتمّ بالصلاة على نواياكِ.
عقدت الإتّفاق وتوجّهت الى الصليب الأزرق حيث صلّت بحرارة من أجل ما تطلبه مريم: الملحدون والشباب والخطأة والكهنة والسلام في القلوب الخ… مساء الليلة الأولى، نقلت اليها مخابرة هاتفية أن ابنتها قد ألغت أخيراً موعدها مع المحامي لأنها ستحاول مرّة بعد إنقاذ زوجها.
ومرّت الأيام، وكل مساء بُعيد برنامج الرعيّة، تفرّ تريز الى الصليب الأزرق حيث تتضرّع طويلاً لنوايا مريم وقلبها مفعم بالثقة.
وحين عودتها الى فرنسا، علمت بمنتهى الدهشة أن صهرها لم يعد كما كان عليه وأخبرتها ابنتها أنه ذات مساء، وعند العاشرة كان يشاهد التلفزيون وهو في فراشه وناداها فجأة:
– فيرا، هلمّي بسرعة انظري الى هذا الصليب الأزرق فوق التلفزيون.
لكن لم تكن فيرا ترى شيئاً وإنما زوجها يُلحّ:
– ولكن بلى، أنظري جيّداً، إنه هناك!
وكان الخوف يُرجفه!
حينها شرحت تريز لابنتها أن هذا الصليب الأزرق تعرفه. ففي كل مساء، كانت تصلّي أمامه في مديوغوريه، وفي هذه الساعة بالذات.
لقد قبلت مريم المقايضة بكل طيبة خاطر: فتكلّفت بالصهر، بينما كانت تهتم بنواياها. ومنذ ذلك الحين عادت فيرا وزوجها الى سلوك درب الكنيسة. فاقتبلا سرّ المصالحة وهذا ما لم يفعلاه منذ عشر سنوات لفيرا وعشرين سنة لزوجها. وتوقّفت أعمال العنف واللكم وعبارات الحقد والكراهية، وهما يصلّيان كل يوم صلاة عائلية. ولدى الصغيرة هرموني خبر تزفّكم إياه: إنها تنتظر أخاً صغيراً في الخريف المقبل!
(من كتاب الأخت إيمانويل مايار)