لماذا تشتعل النار في قلب يسوع الأقدس – تأمّل في صورة القلب الإلهي
تأمّل في صورة القلب الإلهي
مع اقتراب نهاية شهر حزيران، الشهر الذي كرّسته الكنيسة لعبادة قلب يسوع الأقدس تعالوا معنا نتأمل في صورة هذا القلب الإلهي الذي لن نسبر عمق حبّه لنا إلّا في السماء
صور القلب الأقدس تروي تفاصيل دقيقة عن عملية صلب الرب يسوع المسيح: جرح قلبه المطعون، إكليل الشوك، الصليب فوق القلب، وأحياناً بعض الصور تشمل الحربة التي احترقت القلب الإلهي. لكن هناك تفصيل واحد يبدو أنه في غير مكانه! لم يكن هناك نار حينما صُلب المسيح، وبالرغم من ذلك، نرى في معظم الأيقونات التي تُصوّر القلب الإلهي أن هناك شعلة نار في أعلى القلب الإلهي. ما السبب والى ماذا ترمز هذه الشعلة الملتهبة؟
– تقدمة ملتهبة:- نحن نؤمن أن تقدمة يسوع ذاته ذبيحة على الصليب تختصر وتحل محل جميع ذبائح العهد القديم. ما هي السمة المشتركة لجميع الذبائح؟ هي النار التي تلتهم التقدمة، كالنار الي أكلت ذبائح إيليا والنار في محرقة ابراهيم عندما أوشك أن يذبح ابنه لولا ناداه الملا. في إسرائيل العهد القديم كانت التقدمة المحترقة هي الشكل الأسمى للذبيحة، وهي ترمز الى الإلتزام الكامل لله – ولا سيما في موت الذبيحة الحيوانية وطبيعة النار المستهلكة بالتمام. يُذكّرنا القلب الإلهي الأقدس أن هذه الذبيحة أيضاً تجسّدت في التقدمة الأسمى: تقدمة المسيح نفسه ضحيّة على الصليب
رمز الألوهية:- بطبيعة الحال، النار أيضا في العهد القديم ترمز الى الله. نرى وجود الله الناري في سيناء وفي سفر حزقيال (حزقيال 1). هذه الرمزية تستمر في العهد الجديد، حيث نزل الروح القدس على رؤوس الرسل كألسنة من نار. ربما يكون من المناسب بشكل خاص أن يشتعل القلب الإلهي نظراً لتدفّق الدم والماء منه، التي ترمز الى سريّ المعمودية والخمر الإفخارستي، كلاهما من عمل الروح القدس.
رمز التجسد الإلهي:- النار متّقدة، ولكنها لا تحرق القلب الأقدس. هل هذا يبدو مألوفا؟ ألا يشير إلى لقاء موسى الأول مع الله، في العليقة التي اتّقدت ولكن لم تحترق؟ كان ذلك نبوءة عن التجسّد الإلهي، اتّخذ الله الطبيعة البشرية التي اتّحدت مع لاهوته، بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغييّر، وبدون افتراق ولا انفصال. كان المسيح إنساناً كاملاً وإلهاً كاملاً. إنها صورة ملائمة أن يتمّ تصوير حقيقة سرّ التجسّد بهذه الطريقة البليغة.
هيام يسوع وحبّه لنا:- في الأناجيل، يدفع الحبّ المسيح الى الآلام والى الصلب والموت. ولكن، في مفهومنا، عادة ما يشير الحب الى عاطفة او شخص يُحرّك حماسنا ورغباتنا والتزامنا. اي أن قلب الإنسان هو مركز العواطف وبه يعبـّر عن الإنسان نفسه.
هناك أدلة في الأناجيل أن القلب الملتهب يدل على مشاعر شديدة. أحد الأمثلة الواضحة على ذلك هو تلميذا عمواس: «أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِبًا فِينَا». (لوقا 24). لذا نعم، شعلة النار الملتهبة في قلب يسوع الأقدس هي تذكير حقيقي من الله على اشتعاله حبّاً لنا.
نور العالم:- النار تفعل أمرين اثنين. الأول، هي تحرق وتستهلك الشيء الذي تحرقه. والثاني هي تعطي النور. وهذا الجانب الثاني للنار له بالتأكيد علاقة مع رمزية القلب الأقدس، نظراً الى أنّ المسيح هو نور العالم الحقيقي. عند صلب يسوع المسيح على الصليب «كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا». (مرقس 15). في أحلك ساعة اشتعل قلب الفادي الأقدس وأنار بالرجاء للبشرية كلها.