لماذا أرسل الله الحلم الى زوجة بيلاطس وليس له، وماذا يقول المفسّرون عمّا شاهدت بالحلم؟
«إياك وذلك البار...»
في الليلة التي أُسلِم فيها يسوع، كانت أورشليم تضجّ بالتحرّكات، والجنود بتأهب خوفاً من الشغب. وبيلاطس يراقب الأوضاع بقلق شديد. أما كلوديا زوجة بيلاطس فقد استيقظت من نومها مذعورة لما رأته في حلمها ، فماذا رأت في حلمها؟؟؟
عندما أُسلم يسوع الى اليهود وأخذوه الى الحاكم بيلاطس. من خلال تحقيق بسيط، وممّا وصله من أخبار يسوع الناصري، وبمعرفته المسبقة بحسد اليهود، كان يعرف أن يسوع المسيح لم يفعل شرّاً وأنّ اليهود أسلموه حسداً (متى 27) ولكنه بالرغم من ذلك أسلمه ليُصلب.
الرب لا يترك نفسه بلا شاهد، لذلك أراد أن يُنذِر بيلاطس كي لا يكون له عُذر، فأرسل الحلم الى زوجته كلوديا التي استيقظت مذعورة من نومها، واسرعت بإرسال تحذير وتوسّل الى زوجها، كي لا يشترك في ادانة المسيح ظلماً. حمل رسالتها احد الجنود وأعطاها لبيلاطس وهو جالس على منصة الحكم، «إِيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ، لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ». (متى 19:27)
أرسل الله الحلم لكلوديا ولم يُرسله الى بيلاطس كي لا يعتبره اليهود علّة لأطلاق سراح يسوع المسيح.
فهو خائف من ثورة الجماهير وخائف أيضًا من قتل رجل بريء، فغسل يديه قائلاً: “إني بريء من دم هذا البار ابصروا انتم”. فهل هذا يعفيه من الذنب؟ لا، بل هو بلا عذر فقد أرشده الله عن طريق زوجته بل هو نفسه رأى أن المسيح بار وليس هناك سبب لإدانته. بيلاطس كان قاسيًا وسفك دماء كثيرين (لوقا 1:13) ولكنه كان ضعيفًا أمام الحق لتمسكه بكرسي الحاكم.
لقد اختلف المفسرون فيما رأته زوجة بيلاطس في حلمها، لان الانجيل لم يذكر ما رأته ولكنها بصفة عامة رأت ما استدلّت به على جلال الرب وعظمته وقدرته، بدليل قولها لزوجها، تحذيرها: “إياك وذلك البار” وقولها “إني تألمت لأجله كثيراً” .
فقد يكون قد ظهر لها أمر مريع فأزعجها وأخافها وأكد لها أن ما حدث لها بسبب اهانة زوجها للرب الفادي .
يظن البعض أنها رأت مأساة الصليب قبل أن تتم بصورتها المفزعة والرهيبة فلم تتحمل المنظر. وهناك من قال أنها أبصرت يوم الدينونة وقد انقلبت الأوضاع وجلس المسيح على كرسيه يدين الشعوب واذا بيلاطس يأتي أمامه مرعوباً مرتعداً…
قد يكون هذا أو ذاك أو غيره إن الذي يهمنا من حلمها هو الأثر الذي تركه فيها ك .
لقد وجه الله ذلك الحلم لكي يضيف شهادة دامغة على براءة الرب يسوع، الذي كان يُحاكَم لاجل الحقيقة التي أعلنها. ترك الحلم أثراً بليغاً في نفس كلوديا، التي كانت امرأة حساسة ورعة تجاه من كان تقياً باراً وبريئاً. وقد أدركت مسؤليتها الخطيرة وقدّمت التماسها وحذّرت زوجها، وبالرغم من أن بيلاطس كان مقتنعاً أيضاً ببراءة المسيح، فقد تجاهل التحذير، وأسلم يسوع الفادي ليُصلب .
يقول العلامة اوريجانس أنّ كلوديا آمنت بالمسيح وانضمت الى الكنيسة في روما وأضحت واحدة من القديسين.
هل نجد اليوم من يفعل مثل زوجة بيلاطس؟
كم مرة أهين المسيح، فهل نجد من يرفع صوته مثل كلوديا احتجاجاً؟
كم مرة وقف المسيح ليُحكم عليه من قبل الناس، فهل نجد من يُسمع كلمة دفاع واحدة؟
كم مرة صمَتنا عن الشهادة معتذرين بأننا لا نستطيع مناهضة التيّار الجارف؟
كم مرة حاولنا إسكات الضمير بأن كلمتنا لن تجد من يصغي إليها وستذهب مع الهواء هباء؟
لنتذكّر زوجة بيلاطس فنجد أسباباً كثيرة لشجاعة الشهادة وقوتها وعظمتها وروعتها …