تعرّف على كنائس الأراضي المقدّسة – كنيسة “بكاء الرب”
كنيسة “بكاء الرب” أو كنيسة الدمعة
تربض كنيسة “بكاء الرب” على سفح جبل الزيتون، على الطريق النازل من كنيسة الجسمانية الى وادي قدرون مواجه جبل الهيكل حيث وقف الرب يوم احد الشعانين قبل ان يدخلها راكباً على جحش بن اتان.
هنا حسب انجيل لوقا 44:19-41 توقّف المسيح متأمّلاً جمال اورشليم وهيكل سليمان الثاني متنبّئًا عن مصيرها :
وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا. قَائِلاً: «إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضًا، حَتَّى فِي يَوْمِكِ هذَا، مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ! وَلكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ. فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ، وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ . وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ، وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ».
واسم كنيسة “بكاء الرب” مترجم عن اللاتينية (Dominus Flevit) أي الرب يبكي.
هذه الكنيسة الفرنسسكانية بنيت في اواسط القرن الماضي، بناها المهندس المعماري أنطونيو بارلزي على بقايا الكنيسة الأصلية التي تعود الى القرن الخامس.
موقع الكنيسة
تطلّ الكنيسة على بعض الكنائس البديعة مثل كنيسة مريم المجدلية الروسية، بقبابها الذهبية، وهي قريبة من كنيسة الجسمانية وكنيسة قبر العذراء، وتطلّ ايضاً على المسجد الأقصى، في منظر بانورامي رائع للقدس القديمة.
صُمّمت كنيسة “بكاء الرب” على شكل دمعة لترمز الى بكاء الرب على أورشليم. وللصعود الى الكنيسة، من القدس، يتوجب مكابدة طريق صعب، ولكن التعب يتبخّر سريعًا، في أجواء المكان الذي يضمّ الكنيسة التي بُنيت في الثلاثينات من القرن الماضي على أنقاض كنيسة بيزنطية قديمة، ما زالت أرضيّتها الفسيفسائية موجودة. تعود الى القرن الخامس، وعليها كتابة تشير إلى انها مكرّسة للقدّيسة حنّة والدة مريم العذراء.
على المذبح في صدر الكنيسة توجد لوحة فسيفساء صغيرة رائعة لدجاجة تضم فراخها تحت جناحيها وترمز الى قول المسيح: يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! (لوقا 34:13) .
وفي مدخل الموقع، ثمة عدة مُغُر، تضمّ مقابر، تسبق الحقبة البيزنطية، وهي قبور رومانية، يُعتقد انها قبور شهداء المرحلة المسيحية المبكرة، عندما عانى المسيحيون من الاضطهاد الروماني، قبل تبنّي الامبراطورية الرومانية المسيحية كديانة رسمية في القرن الرابع الميلادي.
وقبالة كنيسة “بكاء الرب”، وأعلاها وأسفلها، يقع جزء كبير من قبور المقبرة اليهودية، التي لا تكف عن التوسّع، ويختلط الدفن فيها بتقاليد دينية وبمطامع سياسية استيطانية.
كنيسة بكاء الرب صغيرة ومتواضعة لكنها غنية بالروحانية وتشهد خلال السنين الاخيرة زيارات الحجاج المسيحيين من كل العالم الذين يأتون ليتأملوا بعظمة رحمة وحنان الرب الذي شاهد المدينة التي احبها، وبكى…