القصة المدهشة لعمل مريم سيّدة بانو – عذراء الفقراء – من خلال إكليريكي وحيد غيَّرَ مسار العالم
سيّدة بانو – عذراء الفقراء والمُكرّم ألويسيوس شوارتز
يصادف هذا الشهر الذكرى الثامنة والثمانين لظهورات سيّدة بانو – عذراء الفقراء في قرية بلجيكية مجهولة تدعى بانو (15 يناير). على الرغم من أنّ الظهورات نالت التثبيت والموافقة الكنسية، إلا أنها بالكاد معروفة – على الرغم من أن ما حدث في بانو كان الدافع لأحد أعظم الروايات في تاريخ الكنيسة عن وساطة السيدة العذراء من خلال رجل واحد – المُكرّم ألويسيوس شوارتز الأمريكي.
ما يلي هو القصة المدهشة لعمل سيّدة بانو – عذراء الفقراء – من خلال إكليريكي وحيد غيَّر مسار العالم من خلال نذر قطعه لملكته السماوية.
في الخمسينيات من القرن الماضي، في خضم معارك طويلة الأمد مع الأمراض، وحاجز اللغة، كان الطالب الإكليركي ألويسيوس شوارتز الذي عانى من ندوب في معسكرات الاعتقال، غالبًا ما كان يسافر ويجوب بلجيكا بالقطار عبر القرى الزراعية المكسوة بالخضرة للوصول إلى قرية بانو الصغيرة. لم يفكر أي شخص في تضمينها في الخرائط البلجيكية. كانت مجهولة لدرجة لم يلاحظها الجنود الألمان خلال الحرب العالمية الأولى أثناء مسيرتهم غربًا من وسطها.
لكن هذه القرية جذبت ألويسيوس أ- و “آل” كما أحبّ الجميع أن يدعوه – كما تجذب الشمس زهرة عبّاد الشمس التي تنحني نحوها. في سنته الثانية في دراسة اللاهوت في جامعة لوفان الكاثوليكية البلجيكية، كانت بانو قد أصبحت جزءًا من روحه. رغب بالاتّحاد مع مريم، التي ارتفعت به مثل شعلة عزاء صغيرة في أيام دراسته اللاهوتية الصعبة.
النذر لعذراء بانو
قبل عودته إلى أمريكا من أجل رسامته في صيف عام 1957، استقلّ آل قطارًا متوجّهًا إلى بانو للمرة الأخيرة حيث قدّم حياته لمريم، في نفس المكان الذي ظهرت فيه قبل 24 عامًا للفتاة القروية مارييت التي كانت تبلغ 12 ربيعًا.
هناك، نذر نفسه عبدًا لمريم العذراء. قد تكون كلمات العذراء لمارييت في الماضي موجّهة تحديدًا للإكليركي الشاب، الذي هو الآن على درب القداسة.
خلال السنوات الأولى من كهنوته، أمضى الأب آل ساعات غير معدودة في التأمل في كلمات مريم القليلة للفتاة الصغيرة مارييت. بعد تعمّقه في رسائل سيّدة بانو – عذراء الفقراء وظهوراتها الثمانية، قام بترتيب نظام مقدّس من شأنه أن يمنح ميراثًا عظيمًا لأجيال من الفقراء والأيتام والمنهوكين. مئات الآلاف من أفقر الناس في العالم حصلوا وسيحصلون على حياة جديدة بسبب الأب ألويسيوس .
في بانو، عرّفت العذراء عن نفسها لمارييت على أنها “عذراء الفقراء”، وهي المرة الأولى في تاريخ الظهورات التي تربط نفسها مع أولئك الذين يعيشون في فقر. في الأيام التي تلت ذلك، أخبرت الأم المباركة مارييت أنها أتت للتخفيف من معاناة الفقراء والمكسورين، مع تشديدها على الحاجة إلى الصلاة المستمرة.
في الواقع، عملت كلمات مريم في الكاهن الإرسالي الأمريكي مستخدمة إيّاه كالمادة الخام لبناء ربما أوسع خدمة غير ممولة حكوميًّا للأطفال الفقراء والأيتام في تاريخ العالم. كل ما قالته العذراء لمارييت، تبنّاه، تأمّل فيه، هندسه عقليًّا، رسم خطة لتحقيقه ونفّذه الأب آل .
تحت راية مُلهمته السماوية، صمم الأب آل نظامًا متكاملًا من الرعاية الدينية والروحية الكاثوليكية الأصيلة لعدد لا يحصى من الأطفال الفقراء، الذين سيوفّر لهم التعليم، والسكن، الوجبات، الرعاية الطبية، التعليم المسيحي، الأسرار المقدسة، التدريب المهني والوظيفي، الفرق الرياضية، الأوركسترا، وغيرها من الأنشطة اللامنهجية. كل ذلك بفترة زمنية مدتها خمس سنوات.
المكرّم اليوسيوس أبو الفقراء
بسبب الأب ألويسيوس ونذره لعذراء الفقراء، يوجد اليوم 17 قرية أولاد وفتيات كاثوليكية (Boystowns و Girlstowns) في جميع أنحاء العالم. كل واحدة تديرها راهبات مريم، الرهبنة التي أسّسها الأب آل في عيد انتقال العذراء عام 1964.
بعد أن عهِد بكهنوته لمريم – وتسليمها بالكامل كل استحقاقات كهنوته المستقبلية، غادر الأب آل بانو إلى الأبد، غير مدرك كل ما ستفعله والدة الإله من خلاله.
اليوم، يتم رعاية أكثر من 20000 طالب مراهق من قبل راهبات مريم، والتي يبلغ عددهن اليوم 398 راهبة، في كوريا والفليبين والمكسيك والبرازيل وهندوراس وغواتيمالا وتنزانيا وأفريقيا. هناك أكثر من 150.000 من خريجي المدارس الثانوية من Boystowns و Girlstowns.
لقد تخرّج الكثير من أفقر أطفال العالم لإدارة شركات، وأصبحوا موسيقيين أوركسترا، ورياضيين محترفين، وكهنة، وراهبات، وتولّوا مئات الوظائف الأخرى. عند التخرّج ، تُنهض الراهبات هؤلاء الشبيبة إلى العالم على مثال لعازر الذين أنهضه يسوع من الموت.
أدرك الأب ألويسيوس أنه عندما يعرف الأيتام الذين يعانون من الفقر محبة الله الفريدة لهم، فإنهم سيولدون من جديد. هذا ما فعلته مريم لمارييت – وهذا ما ينجزه الأب ألويسيوس اليوم.
رسول سيّدة بانو – عذراء الفقراء
يُعتبر القدّيس فينسنت دي بول رسول المحبّة الأعظم، وأعمال المحبّة المستمرة التي أسّسها المكرّم ألويسيوس تجعله توأم القدّيس فينسنت.
توفيّ الأب ألويسيوس من مرض التصلب الجانبي الضموري عام 1992 وكان يبلغ من العمر 62 عامًا. قبل موته بقليل كتب:
“اختارتني مريم سيّدة بانو في سن مبكرة تمامًا كما اندفعت في الليل في حياة مارييت بيكو. ظهرت فجأة في حياتي دون أي استعداد. أحضرتني إلى بلجيكا حيث اكتشفتها. لم أسمع عن بانو من قبل. لذا فإن كهنوتي يخصّ سيدة بانو بشكل خاص. رسالتي هي لها، وأود أن أدفن عند قدميها وأقول، إن كل الحمد والمجد والشرف على أي خير تحقّق في حياتي يذهب إليها هي وحدها”.
لمعرفة المزيد عن المُكرّم ألويسيوس شوارتز وراهبات مريم وقرى الأولاد والبنات، قم بزيارة WorldVillages.org.
المصدر: catholicexchange.com