من معجزات فاطيما الرائعة – أعجوبة الحمائم الثلاث حُرّاس تمثال العذراء
حدث تاريخي يسرد كيفية تكريم ثلاثة من الحمائم البيضاء لملكة البرتغال بحضورها وبقائها عند أقدام العذراء لأكثر من أسبوع خلال موكب عام 1946 بمناسبة تكريس البرتغال لقلب مريم الطاهر!
في عام 1946 ، احتفلت البرتغال بالذكرى المئوية الثالثة لتكرّسها باعتبار الحبل بلا دنس شفيعة البلاد.
قبل ثلاثمائة عام، قام الملك البرتغالي جواو الرابع بإزالة التاج عن رأسه ووضعه عند قدمي تمثال السيدة العذراء المباركة معلنًا أنها ملكة البرتغال وشفيعتها تحت لقب الحبل بلا دنس. للاحتفال بالذكرى المئوية الثالثة، حدث شيئان. في 13 مايو 1946، توج مندوب خاص للبابا بيوس الثاني عشر التمثال الصغير لسيدة فاطيما بتاج من المجوهرات الثمينة التي تبرعت بها نساء البرتغال.
و في الثامن من ديسمبر أيضًا، تم التحضير لإحتفال مهيب بمناسبة عيد الحبل بلا دنس. تقرّر نقل التمثال في موكب من فاطيما إلى لشبونة. هناك، في يوم العيد يجدد الكاردينال سيرجيرا، بطريرك لشبونة، تكريس البرتغال للحبل بلا دنس في كاتدرائية لشبونة القديمة.
تم اختيار تمثال سيدة فاطيما الذي في كوفا دا إريا لترؤّس الاحتفالات، التي كانت ستبدأ في فاطيما في 23 نوفمبر 1946. ثم يطوف التمثال، الموضوع على منصة حيث سيحمله على الأكتاف، كهنة وعلمانيون، متجوّلًا عبر البلاد وصولًا إلى كاتدرائية لشبونة. هناك، في 8 ديسمبر، عيد الحبل بلا دنس، من المحدّد أن يتم تجديد تكريس البرتغال لهذه الشفيعة الكلية الطهارة ولقلبها الطاهر.
ما حدث في طريق التمثال في مدينة بومبارال، التي تقع على بعد حوالي 40 ميلًا شمالي لشبونة، كان حدثًا استثنائيًا ومذهلًا، أصبح يُعرف باسم “معجزة الحمائم”.
حينما مر موكب تمثال سيدة فاطيما في شوارع بومبارال في الأول من ديسمبر، أُطلق سراح خمسة حمائم تكريمًا للسيدة العذراء. كانت الحشود الكثيرة ترتّل ترانيم للسيدة العذراء ولم تكاد تلاحظ تحرير الحمام.
عندئذٍ، حدث شيء رائع. ثلاثة من الحمائم، بدلاً من الطيران لأعلى وبعيدًا، طارت إلى التمثال ونزلت عند أقدام السيدة العذراء. بقيت هناك، على الرغم من بعض المحاولات لطردها بواسطة التصفيق وتلويح الأذرع.
حُرّاس السيدة العذراء
خلال الأيام التي تلت ذلك، مع انتقال التمثال من مدينة إلى أخرى في طريقه إلى لشبونة، بقيت الحمامات الثلاث عند قاعدة التمثال كحُرّاس بيض مخلصين للسيدة العذراء. كتب أحد الشهود: “ضجيج وصراخ الحشود، غناء التراتيل، انفجار الألعاب النارية الاحتفالية، الأضواء في الليل، حرارة الشمس، الأمطار الغزيرة في بعض الأيام، حركة التمثال مع منصّته المغطاة بالزهور عند دخوله مختلف الكنائس، سهرات الصلاة والاحتفالات الليلية التي جرت – كل ذلك لم يجعل الحمامات الثلاث تتخلى عن مرافقتها المؤثرة للسيدة العذراء”.
بقيت الحمامات الثلاث، على الرغم من كل الهاء. في بعض الأحيان طارت في الهواء وطوّقت التمثال، كما لو أنها تريد أن تُثبت للغير مؤمنين من الحشود أنها ليست مقيّدة الى قاعدة التمثال. طوال الرحلة بقيت حمامات بومبارال الثلاث عند أقدام السيدة العذراء، رافضة أي طعام أو شراب. حتى الصحافة العلمانية أحاطت علمًا بالحكاية غير العادية ونشرتها في الصحف اليومية. تم تلقّف القصة من قبل الصحف في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة.
وصل التمثال إلى لشبونة في 5 ديسمبر، حمل المنصة كرمليّون من الرهبنة الثالثة. كانت الشوارع مكتظة بآلاف كثيرة من المصلّين والمؤمنين وكذلك المتفرجين الفضوليين الذين رغبوا في رؤية ما كان يطلق عليه “معجزة الحمام”. لم يخيب أملهم. فلم تتخلى حمامات بومبارال الثلاث عن منصب الشرف عند أقدام التمثال حتى دخلت كنيسة سيدة فاطيما المضاءة للاحتفالات النهائية بالذكرى المئوية الثالثة لتكريس البرتغال. وطوال قداديس النهار، وسهرات الصلاة الليلية في 5 و 6 ديسمبر، بقيت الحمامات الثلاث جاثمة عند قدمي التمثال.
في مساء يوم 7 ديسمبر، تم نقل التمثال في موكب مهيب على ضوء الشموع إلى الكاتدرائية. انفجرت الألعاب النارية، وعزفت الفرق الموسيقية، ونُثرت الزهور للسيدة العذراء. وسط كل هذا الضجيج بقيت الحمائم، التي كانت ترفرف بجناحيها من حين لآخر للحفاظ على توازنها، وحافظت بأمانة على مكانها عند قدمي التمثال.
عندما وصل التمثال أخيرًا إلى الكاتدرائية الساعة 1 صباحًا في 8 ديسمبر، عيد الحبل بلا دنس، حلّقت إحدى الحمائم إلى قمة البرج وبقيت هناك لمدة ساعة تقريبًا، ثم عادت الى موقعها عند قدمي السيدة العذراء. طوال الليل، امتلأت الكنيسة بالتمام أما الحمائم فظلت هادئة وصامتة.
أعجوبة الحمائم الثلاث خلال القداس
احتفل بالقداس يوم العيد الكاردينال بطريرك لشبونة، مانويل سيريخيرا، الذي أعاد تكريس البرتغال لسيدة الحبل بلا دنس. خلال ذلك القداس، شاهدت الحشود حادثة أخرى مذهلة في تاريخ الحمائم الثلاث. عند قرع الأجراس لأجل تكريس الذبيحة الإلهية، مباشرة قبل أن يرفع الكاردينال القربان ليتحوّل الى جسد الرب، حصلت رفرفة مفاجئة للأجنحة. قدم شاهد عيان ، كانون جي. ج. دي أوليفيرا ، هذا التقرير:
“لدهشة الجميع، طارت اثنتان من الحمائم فجأة… بعد ثمانية أيام من رفض الطعام والشراب، والبقاء عند قدمي التمثال… إنطلقت أحداهما مباشرة إلى جانب المذبح الأيمن، والحمامة الثانية الى الجانب الأيسر! هناك، عندما استعد الكاردينال لرفع القربان المكرّس، لزمت مكانها وطوت كل حمامة جناح واحد – على كل جانب – كما لو كانتا في سجود وعبادة!
“مع تقدُّم القدّاس، بقيت الحمامتان هناك لدهشة الكهنة المحتفلين والخدّام والجماعة المنذهلة. لكن لم ينتهي الأمر هنا.
“الحمامة الثالثة لم تغادر التمثال. فجأة، عند المناولة، طارت الحمامة الثالثة محلّقة فوق تاج التمثال الذهبي. وعندما رفع الكاردينال القربان الأقدس قائلًا: “Ecce Agnus Dei” “هوذا حمل الله”، نشرت الحمامة أجنحتها البيضاء وتركتها مفتوحة.
في ذلك المساء، حُمل التمثال في احتفال بواسطة سفينة حربية مزيّنة لنقله عبر نهر تاجوس ليتم تكريمه في فناء معهد ألمادا اللاهوتي. ظلت الحمائم الثلاث، عند أقدام السيدة العذراء، غير مبالية بالألعاب النارية، وضوضاء المحرّكات وضجيج صافرات مئات القوارب المرافقة.
نهاية الرحلة
وفي رحلة العودة إلى فاطيما، كانت الحمامات تطير بعيداً، لتحل مكانها ثلاثة آخريات تولّوا مهمّتهم. وبقوا مع السيدة العذراء حتى عادت إلى فاطيما ليلة عيد الميلاد.
بعد رحلة الحج الرائعة تلك عام 1946، تم نحت العديد من تماثيل السيدة العذراء تزيّنها ثلاث حمائم عند قدميها، تذكارًا لمعجزة حمائم بومبارال.