مواضيع روحية

ما هي أفضل طريقة للبدء في الصوم الكبير؟ وأسئلة أخرى يجيب عليها القديس خوسيماريا إسكريفا

كتب القديس خوسيماريا إسكريفا سائلاً: “هل أرتقي بإخلاص إلى المسيح؟ بأشواق القداسة؟ بسخاء رسوليّ في حياتي اليوميّة، في عملي العاديّ بين زملائي؟
يريد القديس خوسيماريا إسكريفا أن نسأل أنفسنا ما هي أفضل طريقة للبدء في الصوم الكبير؟ وكيف نجدد الإيمان والرجاء والمحبة في حياتنا؟ كتب في موضوع الصوم  ما يلي:

لكي تبقى أنفسنا شابّة
ها نحن قد دخلنا في زمن الصّوم: زمن التّكفير، والتّنقية، والتّوبة. والأمر في ذلك ليس سهلاً. فالمسيحيّة ليست درباً مريحة: لأنّه لا يكفي أن ينتمي المرء إلى الكنيسة، ويهمل مرور السّنين. وفي حياتنا، نحن المسيحيّين، تحتلّ التّوبة المرتبة الأولى إذ إنّـها اللّحظة المميّزة، الّتي يتذكّرها كلّ إنسان، حيث يكتشف بوضوح كلّ ما يطلبه الرّبّ منه، غير أنّ أفعال التّوبة الّتي تتليها تبدو أهمّ وأصعب منها . وكيما نسهّل عمل النّعمة الإلـهيّة عبر أفعال التّوبة اللاّحقة، ينبغي المحافظة على شباب النّفس، والتّوسّل إلى الله، وتعلّم الإصغاء، وإكتشاف ما يعيق، والتماس الصّفح.
“إذا ما دعوتموني، استجبتكم”، يقول الرّبّ. تأمّلوا معي قليلاً عناية الله الرّائعة بنا، إنّه الإله الدّائم الإستعداد للإصغاء إلينا، الدّائم الإنتباه لكلام الإنسان. إنّه يصغي إلينا في كلّ وقت وبنوع خاصّ الآن، لأنّ قلبنا مستعدّ، وجاهز للتّنقية، فهو لا يهمل أبدًا طلبة “القلب المتواضع والمنسحق”.
أجل، إنّ السّيّد يصغي إلينا ليتدخّل، ويلج إلى حياتنا، فيحرّرنا من الشّرّ، ويملأنا خيرًا: وهو القائل عن الإنسان “إنّي أحرّره وأمجّده”. فرجاء المجد، إذاً، هو، مرّة أخرى، نقطة انطلاق هذه الحركة الدّاخليّة الّتي هي الحياة الرّوحيّة. ورجاء المجد هذا يقوّي قاعدتنا ويحثّ محبّتنا. وهكذا تتحرّك الفضائل الإلـهيّة الثّلاث، هذه الفضائل الإلـهيّة الّتي تجعلنا شبيهين بالله أبينا.
انظر ما أرقّها حشا رحمة، حشا عدل الله! – ففي الأحكام البشريّة يعاقب من يقرّ بذنبه، أمّا في الحكم الإلهي، فيعفى عنه.
فليكن مباركاً سرّ التوبة المقدّس!

التشبّه بالله
في زمن الصّوم هذا، تعيد اللّيتورجيّا إلى ذاكرتنا نتائج خطيئة آدم في حياة الإنسان.لم يرد آدم أن يبقى إبنًا بارّاً لله، فتمرّد. لكنّنا نلاحظ أيضًا، وباستمرار، صدى هذا النّشيد – سعيدة، مغبوطة تلك الخطيئة – الّذي تنشده الكنيسة بأسرها، ألطّافح فرحًا، في صلاة السّهرة الفصحيّة.
في ملء الزّمن، أرسل الله الآب إبنه البكر إلى العالم ليعيد إليه السّلام؛ لكيما، عند افتداء الإنسان من الخطيئة، “نحظى بالتّبنّي”، محرّرين من نير الخطيئة، قادرين على المشاركة في الحميميّة الإلـهيّة للثّالوث الأقدس. فأصبح ممكنًا للإنسان الجديد، في هذا التّطعيم الجديد ألا وهو “أبناء اللّه”، أن يحرّر الخليقة بأسرها من الفوضى، بإصلاح كلّ الأشياء في المسيح، الّتي صالحها مع الله.
بالنّتيجة إنّه زمن تكفير. لكنّ المهمّة ليست سلبيّة كما شاهدنا. فالصّوم ينبغي أن يُعَاشَ في روح البنوّة هذا، الّذي نقله المسيح إلينا والّذي يختلج في نفسنا. إنّ الرّبّ يدعونا لنقترب منه، في حالة شوق لنكون على مثاله. “لنتشبّه بالله، كأبناء أحبّاء”، عندما نشارك بتواضع، لكن بحرارة، بالقرار الإلـهيّ القاضي في تجميع ما كان مكسورًا، وإنقاذ ما كان ضائعًا، وإعادة النّظام حيث كانت فوضى الإنسان الخاطئ، وتوجيه ما كان ضائعًا بإتجاه هدفه الحقّ، وتجديد التّناغم الإلـهيّ في الخليقة كلّها .

الصّوم يضعنا الآن أمام أسئلة أساسيّة: هل أرتقي بإخلاص إلى المسيح؟ بأشواق القداسة؟ بسخاء رسوليّ في حياتي اليوميّة، في عملي العاديّ بين زملائي؟
“إنّ السّيّد يمرّ، ويعيد الكرّة مراراً، بالقرب منّا. ينظر إلينا… فإذا ما نظرت إليه، إذا أصغيت له، إذا لم ترفضه، فسوف يعلّمك أن تعطي معنى فائق الطّبيعة لكلّ واحدٍ من أعمالك … وعندها، أنت أيضاً، أينما وجدت، سوف تزرع العزاء والفرح والسّلام”.

من كتاب القديس خوسيماريا إسكريفا “عندما يمرّ المسيح”

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق