الكنيسة المقدسة

هل يمكن شفاء قلب محطّم – قصة حقيقية لكاهن وشابة التقيا “صدفة” في مديوغوريه

هذا المقال نشر للمرة الأولى في كانون الثاني من عام 2007. اليوم  بعد 10 سنين، تأتي القصة الى نهايتها المدهشة. إنها قصة شفاء قلب محطّم !

الأب تيم كاهن أمريكي، في الليلة الأخيرة لزيارته مديوغوريه، قرّر عدم النوم إنما قضاء الليل في صلاة. عند الساعة 2:00 بعد منتصف الليل، خرج من كنيسة القديس يعقوب وبدأ السير في طريق جانبي باتّجاه جبل الصليب. في صمت الليل، وعلى الطريق المهجور، صادف شابة جميلة. ظهر عليها الخوف والتوتّر، فطمأنها الكاهن أنه لم يقصد إخافتها ولا ينوي لها على شرّ. بعد أن استراحت لوجوده، قالت له أنها وصلت للتوّ الى مديوغوريه. ثم حكت له كيف إنها هربت من منزل والديها في سن مبكرّة، سعياً وراء حلمها في أن تصبح مغنيّة كبيرة على خشبة المسرح.

لكن الأمور لم تعمل بالطريقة التي كانت تتمنّاها. فعانت من الجوع. وإذ لم يكن معها مال، قادها العوَز الى حياة البؤس فكانت تبيع جسدها من أجل بعض المال، كما كانت تفعل بعض النساء حولها اللواتي يعشن أوضاع يائسة. لم تتحطّم أحلامها فحسب، بل تركها مع قلب محطّم

ثم سمعت عن مديوغوريه وقيل لها أنها المكان الذي يتجدّد فيه كل قلب محطّم يصل إليها. وهي أرادت بقوّة أن تحصل على قلب جديد بدل قلبها المحطّم. فجمعت بعض المال ما يكفي لتذكرة السفر والوصول الى مديوغوريه، ولم يبقَ لديها ما يكفيها لتحصل على غرفة وطعام.
فقال لها الأب تيم أنه على وشك المغادرة في الصباح الباكر، وأنه كان يريد قضاء الليلة الأخيرة له في مديوغوريه في الصلاة والتأمل. فيمكنها بكل طمأنينة الحصول على غرفته. وأعطاها كل ما كان في جيبه من مال، بل وأعطاها أكثر. أعطاها الأمل! وقال لها أنه على يقين أن السيدة العذراء ستهتمّ بها من هنا فصاعداً.

ثم سألها إن كانت لا تزال تغنّي، وعندما قالت لا، سألها عمّا إذا كانت تودّ أن تغنّي له أغنية. صمتت للحظة ثم بدأت تغنّي في الطريق الفارغ والمظلم، وسط الوادي المعشب، تحت القمر وسماء مليئة بالنجوم الساطعة، وخلفها الصليب المرتفع على الجبل كما لو كان المشهد ستارة مسرح، خلفية لعرض كبير. غنّت الصبية بهدوء وجمال، مما أسال دمعة من عيني الكاهن لأنه رأى جمال روح الفتاة يخترق وينفذ من خلال قلبها المكسور. وماذا كانت الأغنية التي غنّتها؟
انها الأغنية الشهيرة “Somewhere, over the rainbow” وهذه كلماتها:

في مكان ما، على طريق قوس القزح العالي
هناك بلاد سمعت عنها مرة في قصص ما قبل النوم
في مكان ما، فوق قوس القزح، السماوات زرقاء
هناك، كل الأحلام التي تجرأت أن أحلمها تصبح حقيقة
سيأتي ذلك اليوم الذي تمنيت فيه أمام نجمة
أن أستيقظ حيث تبقى الغيوم السوداء خلفي، بعيداً جداً
حيث تذوب المصاعب مثل قطرات الليمون
وتختفي بعيداً خلف قمم المداخن
هناك ستجدني، في مكان ما، على طريق قوس القزح العالي
في مكان ما، على طريق قوس القزح العالي
طيور صغيرة زرقاء تطير.
طيور تحلّق عالياً نحو قوس قزح
لماذا إذن؟ آه، لماذا انا لا استطيع أن أحلّق مثلها
إذا كانت الطيور السعيدة تطير بعيداً
نحو قوس قزح والى أبعد منه
لماذا إذن؟ آه، لماذا انا لا استطيع أن أحلّق مثلها…

بعد سماعه الأغنية أوصلها الى الفندق وعاد في الصباح الى بلاده ورعيّته…
واليوم، 10 سنوات بعد ذلك اللقاء الذي قد يعتقده البعض مجرّد صدفة. لكن في الواقع، لا شيء يحدث تحت السماء يكون صدفة في نظر الله الآب الحنون. 10 سنين مضت وها هوالكاهن يعود الى زيارة مديوغوريه، ومعه 60 شخصاً، حجّاج من رعيّته. بعد نزولهم من الطائرة كانت بانتظارهم حافلة الباص التي ستقلّهم من مطار دوبروفنيك الى مديوغوريه وعلى متنها تنتظرهم مرشدتهم السياحية التي سترافقهم طوال أسبوع زيارتهم.
كان الكاهن متعب من السفر بالطائرة فجلس في مكانه وأغمض عينيه في صلاة شكر وقرّر أن يستغل مدة السفر في الحافلة (4 ساعات تقريباً) للراحة والنوم.
إلّا أن شيئاً ما في صوت المرشدة السياحية جعله يفتح عينيه. بعد أن رحّبت بالقادمين قالت: ” قبل أن أبدأ في التحدّث عن تاريخ البلاد وتاريخ الظهورات، أرغب أن أعترف لكم بشيء: اليوم، حقّقت لي السيدة العذراء أمنية صلّيت من أجلها 10 سنين. ها هي أمّي الرائعة تفاجئني وتضعني وجهاً لوجه مع الملاك الذي أرسلته لي لينقذني، بعد أن انتشلتني من حياة الضياع. هذا الملاك هو كاهنكم الأب تيم الذي لن أنسى ما حييت ابتسامته وملامح وجهه، عندما غنيت له في الخلاء وتحت سماء مديوغوريه، وأعطاني مالاً وغرفة في فندق وأوصى بي كهنة الرعية. لا أعرف ماذا كان سيحدث لي، لكني أعرف أنني لم أكن لأصبح مرشدة للقادمين الى مديوغوريه وأن أقف اليوم أمامكم لولا الأب تيم. أخيراً سأقدر أن أقول له شكراً. شكراً أيها الأب تيم، من صميم قلبي الذي كان يوم التقيت بك قلب محطّم وهو الآن قلباً جديداً بدأ يتغيّر من اللحظة التي قلت لي أنّ السيدة العذراء ستهتمّ بي من اليوم فصاعداً. انت ترى اليوم أمامك الدليل على صدق نبوءتك”.

في كثير من الأحيان نشعر بقلوبنا تتحطّم. لا أحد يعرف ما الذي ستقدّمه له العذراء المباركة حين يصل الى مديوغوريه. لكنها لن تبقى مكتوفة الأيدي حينما ترى قلب أحد أولادها الصغار محطّماً.
هل قلبك مكسور، وينزف؟ هل تتألّم؟ هل لديك جرح لا تستطيع مداواته، هل تبدّدت أحلامك، وتحطّمت حياتك؟
إجلبهم الى الأُمّ! الى الأرض حيث تتحقّق الأحلام التي لا تجرؤ أن تحلمها! الى المكان الذي تُداوى فيه القلوب المحطّمة! هنا تتجلّى مريم، الأُمّ التي تداوي أولادها! هذه هي أعجوبة مديوغوريه الكبرى!

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق