قصص القديسين

قصص قصيرة عن القديسة تريزيا الطفل يسوع روَتها أختها جنفياف الوجه المقدّس

من كتاب "نصائح وذكريات"

1 تشرين أول – عيد القديسة تريزيا الطفل يسوع

هذه بعض القصص عن القديسة تريزيا من كتاب “نصائح وذكريات” للأخت جنفياف الوجه المقدّس – شقيقة القديسة تريزيا الطفل يسوع

القديسة تريزيا الطفل يسوع

لعبة المنظار
كانت تحدّثني تريزيا عن لعبة معروفة ، كنا نلهو بها ايام طفولتنا .
كانت منظاراً او نوع من تلسكوب صغير ، نشاهد في مؤخرتها تصاوير جميلة بألوان متنوعة . واذا أدرنا تلك اللعبة فإن تلك التصاوير تتناهى في التنوّع.
ان تلك اللعبة ، كما كانت تقول ، كانت تدهشني ، وكنت أتساءل كيف يمكن ان يحدث هذا الشيء الغريب . الى انني يوماً ، بعد تدقيق جدّي ، علمت انها تتألّف من قصاصات ورق أو صوف صغيرة مبعثرة ومقطّعة دون تصميم . وإذ أكملت تحقيقاتي تبيّن لي ان داخل الأنبوب ثلاثة ألواح زجاجية ، فأمسكت بيدي مفتاح اللغز .
كانت لي تلك اللعبة صورة سرّ كبير . فما دامت أعمالنا ، حتى الصغرى منها ، داخل مصدر أشعة الحبّ ، فإن الثالوث الأقدس الذي ترمز اليه الألواح الزجاجية ، يعكس عليها وهجاً وجمالاً باهرين .
أجل ما دام الحبّ في قلبنا ونحن غير بعيدين عن مركز إشعاعه ، فكل شيء على ما يرام . وكما يقول القديس يوحنا الصليبي :”للحبّ مقدرة على الإستفادة من كل شيء ، من الخير والشر اللذين فيّ ، فيُحوّل اليه كل شيء”.
وإذ ينظر الله الينا من خلال الأنبوب ، اي من خلال ذاته ، يرى ان قشّاتنا الحقيرة وأعمالنا التافهة دائماً جميلة ، شرط الّا تبتعد عن المركز الصغير . وإلّا لما كان يرى سوى مجرد قصاصات ورق وصوف .

المضاربة في بنك الحبّ
كانت تقول لي مراراً انها لا تريد ان تكون بيّاعة متجوّلة ، لأن هذه الصنعة لا تدرّ ربحاً وفيراً ، بل فلساً فلساً . ومع عذا يوجد من يكسب أجر يومه بهذه الطريقة البسيطة ، ويوجد من يريدون ان يُدفع لهم بالتقسيط . أما انا فأريد ان أضارب في بنك الحبّ … ألعب على مستوى عالٍ . ولا بأس ان خسرت . فإني لا أهتم بمضاربات البورصة بل يسوع هو الذي يهتم بذلك . ولا أعلم إذا كنت غنية او فقيرة ، فلسوف أعلمه بالمستقبل .

الله نار آكِلة
بينما كانت مرة تحمل بين يديها رسائل القديس بولس ، دعتني وقالت لي بحماس :”إسمعي ماذا يقول الرسول :”إنكم لم تقتربوا من شيء ملموس : نار حامية وضباب وظلام وإعصار … أما انتم فقد اقتربتم من جبل صهيون ، من مدينة الله الحيّ ، من أورشليم السماوية ، من ربوات الملائكة في حفلة عيد ، من جماعة الأبكار … فإن إلهنا نار آكِلة”. ولإذ أعادت الآية الأخيرة ، شرحتها لي بكل تأثّر .

كيف نقدّس فرصنا
كانت الأخت تريزيا الطفل يسوع تقول: “انك تجدين اثناء الفرصة اكثر منها في اي وقت آخر ، المناسبة لممارسة فضيلتك. اذا شئتِ الإستفادة القصوى منها ، فلا تُقبلي اليها بنية الترفيه عن ذاتك بل عن الآخرين . مارسي فيها التجرّد الكامل عن ذلك . إذا كنتِ مثلاً تسردين على احدى لأخواتك قصة تبدو لك مشوّقة ، وقاطعتكِ هذه الأخت لتقصّ عليك حادثة أخرى ، فأنصتي اليها باهتمام حتى لو كان لا يهمك أبداً ما تقصّه ، ولا تحاولي العودة الى حديثك الأول . اذا تصرّفتِ هكذا فستنصرفين من الفرصة والسلام يخيّم في داخلك وقوّة جديدة تشملك لممارسة الفضيلة ، لأنك لم تفتّشر عن بسط ذاتك بل عن بسط الآخرين . حبّذا لو نعرف كم نستفيد من تجرّدنا عن نفوسنا في كل شيء …
– انت تعرفين ذلك ، فهل تصرفتِ ابداً هكذا ؟
– أجل ، سلوت عن ذاتي ، وحاولت ألا أفتّش عنها ابداً .
ما أصدق هذه الشهادة . فقد كانت حقاً تمارس نكران الذات الكامل بسهولة قصوى ، حتى كان يخيّل لما ان ذاك النكران طبيعي عندها . انما كانت هذه الفضيلة نتيجة تجاوبها السخيّ مع نعمة الله . واليكم البرهان :
بينما كنت ألفت نظرها الى اننا نشعر مراراً في الفرصة بحكّة أكّالة في شفاهنا للتفوّه بحقيقة مميزة ، أقرّت لي انها عانت هذه التجربة . ليس بالعجيب ، لشدة ذكائها ، ان تكون تعليقات ناعمة وقارصة كوَت لها شفتيها . ولكن الإنتصار كان دائما حليفها في فنّ التجرّد عن حبّ الظهور.
من كتاب نصائح وذكريات – لشقيقة القديسة تريزيا – الأخت جنفياف الوجه المقدس

 

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق