كيف كان ظهور الرب يسوع للقدّيسة مارغريت وما هي العبادة الهامّة التي طلب تأسيسها؟
ظهور الرب يسوع للقدّيسة مارغريت
إنه الظهور الإلهي الذي أسّس فيه يسوع ساعة السجود لتكون الخميس ليلًا، والتي تمتد من الساعة 11:00 ليلًا وحتى منتصف الليل. ساعة طلب يسوع من القدّيسة مارغريت رسولة القلب الأقدس، أن نخصّصها للسجود له في سرّ القربان الأقدس وأن نصلّي بحرارة لتعويض قلبه الأقدس عن الألم والعذاب والمرارة التي شعر بها في بستان الجسمانية عندما صلّى وحيدًا وتلاميذه نيام قبل أن يقبض عليه الجنود.
وقد كتبت هي، بأمر الطاعة، هذا الكلام: “حينما كنتُ يومًا أمام القربان المقدّس، شعرتُ بقوّةٍ تجذبني بكلّيتي إلى داخلي، وتغمُر قلبي وكل حواسي”. (وهذا حدث لها بعد شفائها العجيب بأيام قليلة)
“فظهر لي السيد المسيح معلّمي وإلهي، متلألئًا بمجدٍ عظيم، وكانت جراحاته الخمسة تلمع كأنّها خمس شموس!! وكان اللّهيب ينبعثُ من كلّ ناحية من جسده الأقدس، لا سيّما من صدره المسجود له، لأنّه كان شبه أتونٍ ملتهب.
ووسط ذاك الأتون أبصرتُ قلبه المحبوب مَنبع هذا اللهيب، وحينئذ،ٍ أراني عجائب محبّته الغير الموصوفة نحو البشر الناكري الجميل، وقال لي:
” إنّ نكرانهم للجميل هذا، كان عندي أمرَّ من كل ما احتملتُ وقت آلامي. لو كانوا يكافون محبّتي بالمحبة، لاستخففتُ بكل ما فعلت لأجلهم (أي فعلت لهم أكثر من ذلك) ولو يمكن الأمر لأحببتُ أن أفعل أكثر من ذلك. غير أنّهم يُجازون حرارة محبّتي وكثرة إحسناتي لهم بالخيانة وبعبادةٍ باردة.
فعليكِ إذًا أن تسرّيني وتكافيني عنهم، بالتعويض لي على قدرِ إمكانكِ.
فأخذتُ أنا أبيّن له عجزي عن الأمر. فأجابني قائلاً:
“هاكِ من يقوّيكِ على ما أنتِ عاجزة عنه.”
ثمّ انفتح حالاً قلبه الإلهي، وخرج منه لهيبًا كاد يُفنيني بسبب قوّة حرارته، وقد دخل إليّ بكلّيتي، ومن حيث أنّي عجزتُ عن احتماله طلبتُ منه أن يحنو على ضعفي.
فأجابني قائلاً:
“إنّي سأكون قوّتكِ فلا تخافي بل أصغي لصوتي ولما أطلبه منكِ، لكي أُعِدَّكِ لتتميم مقاصدي.”
ثمّ علّمها سيدنا يسوع المسيح كيف يجب عليها أن تكرّم محبّته وقلبه الأقدس وقال لها:
“أريد منكِ أن تتناوليني في القربان المقدس، كلّ مرّة يُسمح لكِ ذلك من قِبل الطاعة، مهما سبّب لكِ هذا الأمر من الإنتقاد والإماتة.
(قال لها هكذا لأنّ الراهبات كنَّ مزمعات أن يتّخذن من تناولها السرّ الإلهي بتكاثر سببًا لأن يهزأنَ بها ويعيّرنها كما كنَّ يفعلن)
ثمّ قال لها: “يجب عليكِ أن تقبلي هذه الإهانات بشكرٍ لأنّها عربون محبّتي وأريد أيضًا أن تتناولي سرّ محبّتي، في كلّ أوّل يوم جمعة من كلّ شهر. وفي كلّ ليلة خميس إلى يوم الجمعة. إشتركي معي في الحزن المميت الذي احتملتُهُ في بستان الزيتون، وهذا الحزن سيوصلكِ إلى نزاعٍ أمرّ من الموت.
ولكي ترافقيني في صلاتي الكليّة الاتّضاع التي قدّمتها لأبي خلال شدّة أحزاني. عليكِ أن تنهضي من فراشكِ قبل نصف الليل بساعة،ٍ وتبقي وجهكِ ملقيًا على الأرض معي، لكي تسكّني بذلك غضب أبي على الخطأة، وتستميحي لهم العفو وتشاركيني مرارتي عندما تركني تلاميذي. الأمر الذي ألزمني أن أشكو مِن كونهم لم يسهروا معي ساعةً واحدة.ً
في تلك الساعة مارسي ما سأعلّمك إيّاه.
أصغي يا ابنتي لما سأقول، ولا تصدّقي كل روحٍ بسهولة ولا تثقي به ! لأنّ الشيطان يجتهد بنجاسةٍ أن يخدعك،ِ لذلك لا تفعلي شيئًا بغير رضى ُمرشدكِ.”
وقد استمرّت القدّيسة مارغريت مختطفةً بالروح مدّة طويلةً من الزمن ساجدةً أمام القربان المقدّس.
ثمّ استغربت الراهبات هذا الأمر وانهضنها من على الأرض إلاّ أنّها سكتت غائصةً في الاتحاد مع الله، ولم تقدر أن تجيبهنَّ بأي كلمةٍ، ولا أن تنتصب على قدميها إلاّ بجهدٍ وعناء.