أخبار ومعجزات مديوغوريه

الطاولة – قصة كاهن ومعركته الروحية ضد فخّ إبليس – ترويها الراهبة إيمانويل مايار من مديوغوريه

في كتابها الأخير “السلام صاحب الكلمة الأخيرة” تحدّثنا الراهبة إيمانويل عن قصّة الطاولة ، قصة كاهن – الأب روبير، الذي وافق أن يكشف عن بعض المعاناة التي يعيشها الكاهن وفظاعة المعركة الروحية التي خاضها في شبابه، لربما تكون شهادته درساً لنا في السهر على كهنتنا من خلال صلاتنا وصومنا من أجل الحفاظ على كهنوتهم الثمين؛


لا يشذّ الأب روبير عن القاعدة. فعلى غرار الكهنة، هو يعلم فظاعة المعركة الروحية ويعرف من خبرته أن عدو الجنس البشري يكون سعيداً بتدميره هو وكهنوته، واليوم أكثر من ذي قبل. الكاهن ثمين للغاية في مشروع الله! لذا لا تدعونا العذراء فقط الى الصلاة من أجل رعاتنا بل الى السهر عليهم أيضاً. هل الخراف تسهر على رعاتها؟ أوليس بذلك ينقلب العالم رأساً على عقب؟

سمح لنا الأب روبير أن نكتشف بعضاً مما يعيشه الكاهن والمعاناة التي تواجهه في ممارسة كهنوته والمنحدرات التي يترتب عليه أن يحوطها. إن كان هذا الكاهن الأمريكي المسنّ يحقّق اليوم المعجزات لحجّاج مديوغوريه في كرسي الإعتراف، فهلمّوا نلقي نظرة متطفّلة على ماضيه، بالطبع بعد موافقته، فلندعه هو يخبرنا…

“عندما رُسمت كاهناً، قطعت وعداً للرب بعد موافقة مرشدي الروحي. فالتزمت بأن أضع دائماً طاولة بيني وبين كل شخص يأتي لمقابلتي من أجل نصيحة أو أي شيء آخر، وذلك لكي أحمي ذاتي. ولم يكن هذا الوعد سهلاً البتّة ولكني التزمت به بنعمة من الله، وقد نجّاني.

ذات يوم أتت امرأة بحثاً عني لأنها كانت بحاجة الى أن تتحدّث مع كاهن بشأن وضع عائلي معقّد كثيراً. وما أن وصلَت حتى شعرت بانجذاب كبير إليها. ونظراً الى مشكلتها، كانت تتردّد دائماً لمقابلتي باحثة لديّ عن الراحة التي لا تجدها في أي مكان آخر، على حدّ قولها. وسرعان ما وقعت في حبّها.

كان غراماً حقيقياً! ظهرت علي جميع أعراض الرجل المغروم بامرأة. فبدأت تسكن أفكاري وتسيطر على حواسي وعواطفي كلها، الخ. ولم أقوَ التحكّم بهذا الشعور. فقد كنت أرغب، في كل زيارة لها، في أخذها بين ذراعيّ، لا بل أن أفصح لها عن مشاعري. إنما، كانت بيننا تلك الطاولة… آه! كم كرهت هذه الطاولة! كم مرة أردت أن أقلبها! ولكن لم تبارح الطاولة مكانها.

دام هذا العذاب ثلاث سنوات ثم ذات يوم، أتت هذه المرأة كالعادة – ويا للمفاجأة _ أدركت وأنا أنظر إليها أني لم أعد أكنّ لها شيئاً. كل شعور الغرام نحوها تركني. اختفى بسرعة تماماً كما ظهر! لم أعد أعرف ذاتي. ولم أعد أرى ما الذي جذبني إليها. يا للراحة! تابعت إذاً مساعدة ابنة الرعية بكل ما أوتيت من قوى إنما مع حريّة القلب الكبيرة والرائعة التي يكنّها الأخ لأخت له بالمسيح. وفهمت حينئذٍ أن شعور الغرام ذاك ما هو إلا فخّ نصبه لي العدو ليدمّر كهنوتي. غير أن النعمة التي أغدقها عليّ يسوع خلال سيامتي الكهنوتية، أوحت لي بأن أقطع هذا الوعد – أن أضع الطاولة. وغاب عن مخيّلتي أن هذه الطاولة كانت ستحمي دعوتي الكهنوتية! أو بالحري أن يسوع بذاته، عبر وعدي بأن أبقى متنبّهاً، كان سيحميني من هول الكارثة!”

فيما بعد مارس الأب روبير هبة خاصة تجاه الأشخاص المضطربين. فقد نال هبة أن يرى ما ليس جيداً لديهم وأن يقتلع الشرّ من جذوره من خلال صلواته. كم قلباً ساعد وكم حياة أنقذ بالصلاة والشهادة لرحمة الله؟ كم كارثة كانت لتُصيب الكثير من القلوب لو وقع في الفخّ!

اليوم، هو كاهن سعيد يتحضّر لملاقاة الربّ مفعماً بسعادة جمّة إذ خدم الكنيسة بتواضع، ومكث كاهناً في ظلّ الأمواج العاتية التي هاجمته، فلتتبارك هذه الطاولة المهمّة!

إن نجح الأب روبير في حماية كهنوته منذ سيامته، فنحن أيضاً نستطيع أن نضع “طاولات” لنحافظ على كهنتنا ونجد حلولاً ملموسة لنتجنّب المواقف التي تؤدّي الى سقوطهم. أوليست وسيلة “لنسهر عليهم” كما تطلب العذراء؟

ثمّة أشخاص مضلّلون قد تخصّصوا في “انهيار الكهنة” أحياناً عبر أعمال الشعوذة. ولا يسعنا إلا أن نصوم ونصلّي من أجلهم! “لا تمسّوا مسحائي ولا تؤذوا أنبيائي. يقول الربّ”. (مزمور 15:105). “لا تمسّوا مسحائي ولا تؤذوا أنبيائي. يقول الربّ”. (أخبار 22:16)

سير إيمانويل مايار – مديوغوريه

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق