أخبارمواضيع روحية

الممثل جيمس كافيزيل : “لولا مديوغورييه ما قمت بإداء دور المسيح في فيلم الآلام!”

حين قام جيم برحلة حج سادسة الى مديوغورييه، سافر بعدها الى فيينا حيث أجرى معه كريستيان ستلزر مقابلة لمجلة Oase des Friedens ما يلي أخذ من الترجمة الكراوتية للمقابلة، نشرت في العدد الأخير من مجلة رعية مديوغورييه غلاسنيك ميرا Glasnik mira.

cats
– جيم، هل يمكنك أن تحدّثنا كيف سمعت عن مديوغورييه؟

– قدمت زوجتي الى مديوغورييه حين كنت في إيرلندا أثناء تصوير فيلم الكونت مونتي كريستو الذي قمت فيه بدور البطولة. لم تكن الأمور تجري على ما يرام، وكنت أعمل سبعة أيام في الأسبوع. إتصلت بي زوجتي ، ولاحظت فوراً من صوتها بوجود تغيير. بدأَت الحديث عن مديوغورييه ، وعن حضور أحد الرؤاة – إيفان – قريباً الى إيرلندا. قاطعتها قائلاً :”إسمعي ، هناك أمور جدية عليّ القيام بها، وليست قادراً على القيام بأي أمر يتعلق بالرؤاة”. بالإضافة الى ذلك كنت أومن بأنني ككاثوليكي ليس من الضروري أن أقبل لورد، فاطيما أو مديوغورييه. هذه كانت طريقة تفكيري.
حين قدم الرائي إيفان الى إيرلندا، علمت فوراً أنني لا أملك الوقت لرؤيته، بما أنني أعمل طوال الوقت. في أحد الأيام شعر شريكي بالعمل جيم هاريس بوعكة صحية فحصلت على يوم عطلة، وأصبحت قادراً على حضور الظهور اليومي على إيفان. وقفت قرب رجل مققعد في كرسي متحرك في الجزء الخلفي من الكنيسة، والتي كانت مكتظة بالناس. لم أكن متأكداً مما يحدث. لكن عندما سقط الرجل المقعد على ركبتيه عند بدء الظهور، تأثّرت بشدة. هذا الرجل المعاق، بالرغم من آلامه، يركع على بلاط الكنيسة البارد ، ويصلّي !jim-caviezel-2011-7-24-1-40-19
أُدرك اليوم أن الله وحده قادر أن يعرفني بشكل جيد. ويعلم متى بالتحديد يلمسني ويجذب اهتمامي.
على الرغم من أنه قد يبدو غريباً ، ففي يوم الأحد التالي، حصلت على يوم عطلة آخر، وأستطعت أن أحقق رغبة زوجتي في أن ألتقي شخصياً بإيفان. خلال وقت الظهور ، ركعت بالقرب منه، وقلت في قلبي “حسناً. هاأنذا. أنا مستعد، افعل بي يا رب ما تشاء.” في تلك اللحظة بدأ شعور يغمرني. كان شيئاً بسيطاً ومع ذلك فريد من نوعه. عندما وقفت، كانت الدموع تنهمر على وجهي. وبدأت في البكاء من كل قلبي.
قال لي إيفان “جيم ، المرء يجد دائما الوقت لكل ما يحبّ.. اذا كان هناك رجلاً مشغولاً طوال الوقت ووقع في حبّ فتاة فإنه يجد دائماً الوقت لها. الناس ليس لديهم الوقت لله، لأنهم لا يحبونه. وأردف :”الله يدعوك الى الصلاة من قلبك.”
سألته :كيف لي أن أفعل ذلك؟”                                                                         “بواسطة البدء في الصلاة”، أجابني
في تللك اللحظة انفتحت أبواب قلبي . لم أكن أحلم أن ذلك ممكناً. ذهبنا معاً الى مطعم، وعليّ أن أعترف أن الطعام لم يكن أبداً لذيذا كما كان في تلك الليلة بالذات.
بدأ شيئاً يتغيّر في داخلي. أرادت زوجتي في مناسبات عديدة سابقة، أن تعلّمني كيف أصلّي المسبحة الوردية، لكنني كنت أرفض. الآن أريد أن أصليها، لكني لم أعرف كيف. فقط شعرت أن قلبي مفتوحاً. في صباح أحد الأيام كنت في طريقي الى العمل، قلت للسائق الذي يأخذني كل يوم الى موقع التصوير “لا أعرف كيف ممكن أن تشعر،لكنني أريد ان أبدأ تلاوة الوردية.” لدهشتي أجاب “حسناً. دعنا نصلّي.”
في دفء نور الحبّ الذي شعرته بداخلي ، كنت قادراً على إدراك المكان الذي كنت به، كم من الإغراءات واجهت، وما هي مشاعري، الى اي درجة وصل ضعفي وكيف كنت أحكم على الناس بتدقيق.

جيمس كافيزيل وزوجته في مديوغورييه
جيمس كافيزيل وزوجته في مديوغورييه

– متى زرت مديوغورييه للمرة الأولى؟

بعد انتهائي من العمل على فيلم مونتي كريستو، قمنا بتصوير المشاهد الأخيرة في مالطا. من هناك قررت الذهاب الى مديوغورييه.
عندما كان عمري 20 سنة، صوت بداخلي كان يقول لي أنني يجب أن أصبح ممثلاً. حينما تحدّثت الى والدي بالأمر قال لي ” إذا أراد الله منك شيئاً فهو أن تصبح كاهناً . لماذا يريد منك أن تكون ممثلاً؟ انا أيضاً مثله لم أفهم حينها.
مرة أخرى سألت نفسي هذا السؤال، هل حقاً يريد الله مني أن أصبح ممثلاً، وأن اجني المال الوفير وأكون ثرياً؟ كنت واعياً لعدم التوازن بين اولئك الذين لديهم أكثر مما يحتاجون وأولئك الذين بالكاد لديهم ما يكفي من أجل البقاء على قيد الحياة. وكنت أعرف أنها ليست إرادة الله.
في ذلك الوقت، ذكّرتني مديوغورييه ببيت لحم، وفكّرت كما وُلد الرب يسوع في مكان صغير وفقير ، هكذا في نفس الطريقة تأتي أم الله الى قرية فقيرة بين التلال. تلك الأيام الأربعة التي قضيتها في مديوغورييه، كانت نقطة تحوّل بالنسبة لي. منذ البداية كنت مندهشاً من كمية الناس التي تصلّي في مديوغورييه. كنت اعتقد ان الصلاة هو أمراً نفعله مرة واحدة في اليوم. شعرت باضطراب داخلي ، لأنني لم أكن أصلي كثيراً، سألت الله أن يساعدني. في نهاية الأربعة أيام، كان الشيء الوحيد الذي أردت فعله هو أن أصلّي. كلما صلّيت ، شعرت أني متّحد مع الله. إنها تجربة أتمنى لكل كاثوليكي أن يشعر بها.
استمرت هذه التجربة عند عودتي الى البيت. في عائلتي نعيش الأسرار المقدسة معاً. نصلّي المسبحة في السيارة ونحن نوصل الأولاد الى مدرستهم. في بعض الأحيان عندما نتأخر في الصلاة. يبدأ فيها ابني.

جيمس في تلة الظهورات
جيمس في تلة الظهورات

عندما قدمت الى مديوغورييه في المرة الثانية، توقّعت ان تعاودني نفس التجربة الداخلية، لكن الأمر كان مختلفاً. في أحد الأيام دعاني بعض الحجّاج الى الذهاب معهم لزيارة الأب يوزو زوفكو Fr. Jozo Zovko في سيروكي بريجيك Siroki Brijeg. وكانت تلك أيضاً رغبة زوجتي. كنت قد سمعت عنه فذهبت. التقيت به، وضع يديه على كتفيّ، فوضعت يداي على كتفيه. وضع يديه على رأسي، فوضعت يداي على رأسه. في تلك اللحظة شعرت بكلمات في داخلي”أحبّك يا اخي. هذا الرجل يحبّ الله”. التفت الأب يوزو الى المترجمة وسألها عمّن أكون. ثم قالت لي أنه يريد أن يتحدّث اليّ. كانت تلك بداية صداقة دائمة. كان ذلك مباشرة بعد الإنتهاء من تصوير فيلم الآلام . حينها كنت قادراً على مواجهة كل القوى المتصارعة في داخلي بخصوص هذا الفيلم.
هل يمكنك أن تشرح لنا لماذا شعرت هكذا، وماذا كانت العلاقة بين هذا الفيلم ومديوغورييه؟
ربما تعرف التعبير – اتخذ قراراً لا رجعة فيه – اي انك تصل الى نقطة اللاعودة. فيلم “آلام المسيح”، “the passion of the christ” كان هكذا بالنسبة لي. عندما بدأنا بتصوير الفيلم كان عمري 33 عاماً، تماماً كما كان عمر يسوع.
كنت أتساءل باستمرار إذا كنت أهلاً أن أمثّل دور المسيح. إيفان شجّعني وقال لي أن الله لا يختار بالضرورة الأفضل ،وهو شيء يراه في حالته أيضاً.

لولا مديوغورييه، لم اكن أوافق على قبول هذا العمل. لأنه في مديوغورييه انفتح قلبي الى الصلاة والى الأسرار المقدسة. أن كنت اريد أن أقوم بدور المسيح فعليّ أن أكون قريباً منه. كنت أذهب الى الإعتراف كل يوم، وأشارك في ساعة السجود للقربان الأقدس. ميل غيبسون كان أيضاً يحضر للمشاركة في القداس، مع العلم أن القداس كان باللغة اللاتينية وذلك جيداً لأنني في تلك الطريقة تعلّمت اللاتينية.
كانت هناك إغراءات كثيرة كنت بحاجة للدفاع عن نفسي منها، وفي تلك المعارك الداخلية كنت أشعر بسلام كبير. على سبيل المثال، في مشهد حيث تقترب مني أمّ الله وأقول لها “أمّاه، أنظري، إنني أفعل كل شيء من جديد”. لم يكن ميل غيبسون راضياً عن نتيجة التصوير فأعدنا تصوير  المشهد أربع مرات، وفي كل مرة كنت أشعر أنني في الصدارة وكل الأعين عليّ. عندها ضرب أحدهم الصليب سهواً فانخلع كتفي من مكانه. بسبب الألم الحاد والمفاجئ ، فقدت توازني ووقعت تحت ثِقل الصليب. ضربتُ الأرض المتربة بوجهي وتدفّق الدم من أنفي وفمي. كرّرت العبارة مرة خامسة “أمّاه، أنظري ، إنني أفعل كل شيء من جديد”. كان المشهد حقيقي فلم يعاد تصويره بعد ذلك. كنت أشعر بألم شديد لا يُحتمل في كتفي عندما حملت الصليب مجدّداً، فشعرت كم هو ثمين. في تلك اللحظة توقّفتُ عن التمثيل وتمكّنت فقط من مشاهدة يسوع. لقد تقدّم هو وانا تراجعت. لقد استجاب لصلاتي”أريد الناس أن يروكَ انت يا يسوع، وليس انا!”

2
بفضل تلاوة الوردية المستمرة – لا أستطيع أن أقول لك كم من الورديات تلونا طوال فترة التصوير- أختبرت نعمة خاصة. كنت أعلم أنه لا يمكنني استخدام لغة بذيئة ولا أن أكون وقحاً مع الطاقم والعاملين. معظمهم لم يكن يعرف شيئاً عن مديوغورييه. كانوا جميعهم ممثّلين عظماء، وكنت محظوظاً بالعمل معهم. لكن كيف لي أن أجلب مديوغورييه اليهم، إن لم يكن بواسطة حياتي؟ بالنسبة لي، مديوغورييه هي أن أعيش الأسرار المقدسة وأن أكون متّحداً مع الكنيسة.
بفضل مديوغورييه، بدأت أومن بوجود يسوع المسيح في الإفخارستيا وأنه يغفر لي خطاياي. من خلال مديوغورييه، اختبرت كيف أن المسبحة الوردية هي صلاة قويّة وكم عظيمة هي الهديّة التي نحصل عليها عندما نحضر القداس يومياً.

– كيف يمكن أن تساعد الآخرين في مضاعفة إيمانهم بيسوع؟jim-caviezel-pasion-cristo
أدركت أنّ ذلك ممكناً فقط في حضور الرب يسوع من بواسطة سر الإفخارستيا، حتى يرى الناس يسوع من خلال حياتي. عندما كنا نقوم بتصوير مشهد العشاء الأخير، صنعت جيباً داخلياً في ثوبي ووضعت فيها بعض ذخائر القديسين وذخيرة صغيرة من صليب المسيح.
كانت تمتلكني رغبة قويّة في أن يكون الرب يسوع موجود حقيقة معي. لذا طلبت من الكاهن بأن يعرض القربان الأقدس مقابلي. في البداية لم يرغب بذلك، لكني أصرّيت على الطلب، إذ كنت متأكدّاً أنّ الناس سوف يميّزون يسوع أكثر إذا كنتُ أنظر إليه. وقف الكاهن وبيديه القربان الأقدس بالقرب من المُصوّر، ومعاً كانا يتقدّمان نحوي. عندما يشاهد الناس الفيلم ويرون بريق في عينيّ، هم لا يعلمون أنهم يرون المسيح حقّاً، وذلك من خلال انعكاس القربان الأقدس في عينيّ.
الشيء ذاته حصل في مشهد الصلب. كان الكاهن موجوداً ويحمل القربان الأقدس، وانا كنت أصلّي طوال الوقت.

-ماذا كان أصعب ما واجهته خلال تصوير الفيلم؟

التحدّي الأكبر في الفيلم لم يكن حفظ جميع النصوص في اللغة الأرامية واللاتينية والعبرية – كما كنت أعتقد – بل هو بالمجهود الجسدي المضني الذي كان يجب أن أتغلّب عليه.
خلال المشهد الأخير التوى كتفي، وكان ينخلع مجدّداً من مكانه في كل مرّة أحدهم يضرب الصليب. 3656b8fa8b74610567e989496be6ef4fبينما كنا نصوّر مشاهد الجلد، تم ضربي مرتين بواسطة تلك السياط، تسبّبت لي بجرح طوله 14 سم في ظهري. رئتاي امتلأتا بالسوائل وعانيت من إلتهاب رئوي حاد. وينبغي إضافة الحرمان المزمن من النوم، بما أنه لمدة أشهر كان عليّ القيام الساعة الثالثة صباحاً، لأن وضع المكياج يستغرق ما يقارب الثماني ساعات.

تحدّي آخر كان الطقس البارد، درجة الحرارة بالكاد فوق الصفر، والذي كان صعباً لغاية تحمّله بالأخص في مشهد الصلب. الزي الوحيد الذي ارتديته كان ثوباً من قطعة واحدة من القماش الخفيف.
بينما كنا نصوّر المشهد الأخير، كانت الغيوم منخفضة جداً فضرب البرق الصليب الذي كنت مربوطاً عليه. فجأة ساد الصمت في كل شيء حولي، وأحسست بشعر رأسي يقف. ما يقارب ال 250 شخص الذين كانوا حولي شاهدوا جسمي كلّه يضيء، وقالوا أنهم رأوا ناراً على جانبيَّ، الأيمن والأيسر. كثيرون صُدموا مما رأوا.
أنا أعلم أنّ فيلم آلام المسيح هو فيلم عن الحبّ، ربما واحد من أعظم الأفلام. يسوع اليوم هو موضوع مثير للجدل، أكثر من أي وقت مضى. هنالك عوامل كثيرة تهدّد هذا العالم، لكن وحده الإيمان بيسوع مصدر الفرح.
وأعتقد أن الله يدعونا بطريقة خاصة في هذا الزمن، وعلينا أن نردّ على تلك الدعوة من كل قلوبنا ونفوسنا.

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق