رسالة إلى الكهنة والمؤمنين: حان الوقت لإيقاف التعدّيات والاستخفاف المهين بالأسرار المقدّسة
هل نسينا أهميّة الأسرار المقدّسة وضرورتها في حياة المسيحي؟
إذا لم تكن الأسرار المقدّسة أهم شيء وفوق كل اعتبار في حياة المؤمن فعلى ماذا يرتكز إيماننا. أليست الأسرار هي حياة المسيحي؟
بالنسبة لملايين المسيحيين لم تكن المعمودية ولا المناولة ولا الاعتراف ولا الزواج ولا التثبيت ولا مسحة المرضى أو أي من المراسيم المقدّسة متاحة لهم منذ شهور. وبعضها لا يزال معلّقًا إلى أجلٍ غير معروف.
تذكّروا كيف أنّ المسيحيين الأوائل بذلوا حياتهم في سبيل إيمانهم بالمسيح يسوع. لم يحسبوا أي شيء في هذا العالم الفاني أثمن من اتباع يسوع وإصرارهم حتى الشهادة على عدم التنازل عن أمانتهم نحوه. أين نحن من هذا الإيمان؟ كيف نجرؤ أن نقول “حياتي مُلك للمسيح” بينما أضع رفاهيّتي وسلامتي الشخصية في مرتبة عليا قبل أمانتي للمسيح، حتى إن عنى ذلك تدنيس وعدم احترام وإكرام جسد الرب والتنازل عن التزاماتي كمسيحي.
إن رسائل وبيانات بعض أساقفة وكهنة الكنيسة جعلت الكثيرين من المؤمنين يشكّون في طبيعة الأسرار الأساسية وحتى في القدّاس.
إن كان الله لا يفرض علينا ممارسة الأسرار لماذا نهتم إذن بقبولها؟
هناك كهنة وأساقفة، على سبيل المثال، سعداء بقدرتهم على بث القداديس إلى المنازل.
كم أود أن أشاركهم تفاؤلهم هذا، لكني أخشى أن يكونوا قد وضعوا حجر عثرة في حياة المسيحي الروحية – مما يعني أن المؤمنين قد لا يرون أي فرق جوهري بين حضور القدّاس شخصيًا ومشاهدة “القداس الافتراضي” على شاشاتهم. لكن الفرق واضح ليس فقط على الأساس الليتورجي، ولكن على المستوى المادي والفائق الطبيعة أيضًا.
بمشاهدة قداديس البث المباشر أثناء المحنة التي نعيشها، لا نفي بالتزاماتنا الليتورجية؛ بل بالحقيقة قد تم إلغاء هذا الالتزام. هذا هو الفرق الأساسي الذي يجب على الكهنة والأساقفة أن يوضّحوه بجديّة للمؤمنين.
تعليم البابا بيوس الثاني عشر
إن مشاهدة القداس في المنزل قد يشكّل صلاة، ولكنه لا يشكّل “حضور” القداس، كما يوضح البابا بيوس الثاني عشر في منشوره البابوي “الوسيط “Mediator Dei:
«يجب أن تكون العبادة التي تقدمها الكنيسة لله بكاملها، داخلية وخارجية. إنها خارجية لأن طبيعة الإنسان المُركّب جسدًا وروحًا تتطلب ذلك.… بالإضافة إلى ذلك، كل نبضة في قلب الإنسان، تعبّر عن نفسها بشكل طبيعي من خلال الحواس. وعبادة الله، كونها ليست اهتمام الأفراد فحسب، بل اهتمام المجتمع البشري بأسره، يجب أن تكون اجتماعية أيضًا.
أخيرًا، تكشف العبادة الخارجية وتؤكد وحدة الجسد السرّي، وتغذّي بوقود جديد حماسه المقدس، وتُقوّي طاقته، وتكثّف نشاطه يومًا بعد يوم …».
يجب على المؤمنين فهم الأهمية المركزية لسر الإفخارستيا. قام الكثير من المؤمنين بالتناول الروحي خلال هذا الزمن، لكن المناولة الروحية تعبّر فقط عن الرغبة في استقبال يسوع بشكل سرّي. وهو لا يعني أبدًا قبول يسوع سرّيًّا. هذا فرق ميتافيزيقي (فائق الطبيعة).
مع ذلك، على الرغم من كل هذا، هناك من يُصرّون على القول أنّ حضور القداس وهم في المنزل يجعل بيوتهم كنائس، وأنهم “يشعرون بفيض من الروحانية” في بيوتهم. يجب أن نتوقّف عن خداع أنفسنا! الصلاة في بيوتنا واجبة ومحبّذة لكنها لا تغنينا عن الكنيسة، عن مذبح الرب، عن بيت القربان، عن القدّاس وسرّ الإفخارستيا. لا وألف لا!
فشل بعض من هم في أعلى مناصب السلطة الكنسية في تعليم أهمية الأسرار المركزية والأساسية. وقد أبرز التعامل مع الوضع خلال هذه المحنة، هذا الإغفال الصارخ المسيء إلى الرب. ونشأت عنه صيحات جديدة وأساليب تدنيسية مهينة لجسد الربّ.
ماذا تقول الكنيسة؟
قد يسارع البعض للإشارة إلى أن محبة الله ورحمته لا تقتصر على الأسرار. في الواقع ، يقول التعليم المسيحي: “لقد ربط الله الخلاص بسر المعمودية، لكنه هو نفسه غير مُلزَم بأسراره”. أي نحن مُلزَمين. إنه لأمر محزن أن نصل إلى هذه الدرجة من التساهل والتنازل. يحاولون إقناعنا أننا لسنا مُلزمين بالمشاركة الفعلية في الذبيحة الإلهية، وأننا حماية ووقاية يجب أن نتناول في اليد، وأن المناولة الروحية تُغني عن المناولة السريّة أو تعادلها، وغيرها…
إعلموا أيها المؤمنون، أنّ الكنيسة لا تُجبركم على تناول جسد المسيح في اليد بل تترك لكم الخيار. إنّ الكاهن الذي يرفض أن يُناول المؤمن في فمه يرتكب ذنبًا. لا يستطيع أحد إجباركم على المناولة في اليد إن كان ذلك يتعارض مع إيمانكم وقناعتكم. الكاردينال سارا رئيس مجمع العبادة الإلهية والأسرار (اي السلطة العليا فيما يتعلّق بأمور الأسرار) صرّح بكل وضوح:
«الإفخارستيا هبة نتلقّاها من الله ويجب أن ننالها بالاحترام الواجب نحن لسنا في سوبرماركت. لا أحد لديه الحقّ والصلاحية بمنع كاهن من الاستماع للاعترافات ومنح المناولة. هناك قرار ويجب احترام ذلك: يُترك للمؤمن الحريّة في الحصول على المناولة في الفم أو في اليد. إنها قضيّة إيمانية، وقلب المشكلة يكمن في أزمة الإيمان بالكهنوت. القداس المصوّر مُضلّل للكهنة أيضًا: يجب أن ينظروا إلى الله لا إلى الكاميرا».
أخيرًا أتوجّه إلى الكهنة الذين خدموا ببطولة خلال هذه الأزمة، نحن نقدّر كل ما قمتم به. ولكن نرجوكم إعلموا هذا: لقد جُعنا وعطشنا للأسرار، نحن نتوق بشوق عظيم للإفخارستيا المقدّسة. نحتاج أن تذكّرونا نحن المؤمنين من خلال كلماتكم وأفعالكم أنه لا يوجد شيء أكثر أهمية من الأسرار المقدّسة! كفانا حرمانًا وأعيدوا لنا كنيستنا ومسيحنا وكهنتنا الأمناء.
تصريح الكاردينال سارا الكامل في هذا الرابط:
صرخة مدويّة إلى الكهنة يطلقها الكاردينال سارا رئيس مجمع العبادة الإلهية والأسرار: ما يجري هو جنون تام!