مواضيع روحية

إثنان حُبِل بهما دون الخطيئة الأصلية وشخص ثالث وُلد دونها. هل تعلم من هم؟

تقضي العقيدة المسيحية والتقليد أنّ آدم وحواء، جلبا الخطيئة والموت إلى هذا العالم، بعصيانهما أمر الله بعدم أكل ثمرة شجرة معرفة الخير والشر (سفر التكوين 2،3). وأنّ خطية آدم قد انتقلت من جيل إلى جيل. فطبيعتنا البشرية قد أُفسِدت بطريقة تجعل الحياة بدون خطيئة مستحيلة. هذا الفساد بطبيعتنا المنتقل من الأب إلى الإبن هو ما نسميه الخطيئة الأصلية.

كيف يمكن أن يولد شخص ما دون الخطيئة الأصلية ؟

تُعلّمنا العقيدة الكاثوليكية وتقاليدها أنّ ثلاثة أشخاص قد وُلدوا بدون الخطيئة الأصلية. ومع ذلك، إذا تم نقل الخطيئة الأصلية فعليًا من جيل إلى جيل، فكيف يكون ذلك؟ الجواب مختلف في كل حالة من الحالات الثلاث.

1- يسوع المسيح: حُبل به بلا خطيئة أصلية

وُلد يسوع المسيح بدون خطيئة أصلية لأنه حُبل به بدون خطيئة أصلية. ابن السيدة العذراء مريم، يسوع المسيح هو أيضًا ابن الله. في التقليد المسيحي، تنتقل الخطيئة الأصلية، كما ذكر أعلاه، من الأب إلى الإبن؛ انتقال يحدث من خلال الفعل الجنسي. بما أن أبا المسيح هو الله نفسه، فلم يكن هناك إنتقال موروث للخطيئة الأصلية. فالمسيح الذي صوّره الروح القدس في أحشاء العذراء القديسة الطاهرة عند البشارة، لم يكن خاضعًا لخطيئة آدم أو لتأثيرها.

2- مريم العذراء حُبل بها بلا دنس

تعلّمنا الكنيسة الكاثوليكية أن السيدة العذراء وُلدت من دون خطيئة أصلية لأنها أيضًا حُبل بها بدون خطيئة أصلية. لذا ندعوها الحبل بلا دنس.

مريم، مع ذلك، حفظها الله من الخطيئة الأصلية بطريقة مختلفة عن المسيح. في حين أن المسيح هو ابن الله، كان والد مريم، القديس يواكيم، رجلاً، وحيث أن جميع الرجال انحدروا من آدم، فقد كان خاضعًا للخطيئة الأصلية. في ظل الظروف العادية، كان المفروض أن ينقل يواكيم تلك الخطية إلى مريم من خلال تصوّرها في رحم القديسة حنة.

لكن خطة االله لمريم كانت مختلفة. فكما أقرّ البابا بيوس التاسع في إعلان عقيدة الحبل بلا دنس سنة 1854 إن مريم العذراء، منذ اللحظة الأولى بالحمل بها، وبموجب خصائص المسيح الفادي، حفظها الله من الخطيئة الأصلية التي يوصم بها جميع البشر جراء مخالفة آدم، من خلال نعمة وامتياز فريدين منحهما الله القادر على كل شيء. وذلك في سبيل تحضير أكمل أم لابنه. البراءة البابوية “الله الفائق الوصف” (Ineffabilis Deus)

تلك “النعمة والامتياز” التي منحها الله لمريم لعلمه المسبق بأنها ستوافق بإرادتها الحرة، في البشارة، على أن تكون والدة ابنه.
حفاظ الله لمريم من وصمة الخطيئة الأصلية كان فعل محبّة. المسيح افتدى مريم. ولكن فداءها قد تمّ من قبل الله في لحظة الحبل بها، استباقًا لفداء البشرية الذي أتمّه المسيح بموته على الصليب.

3- يوحنا المعمدان: وُلد بدون خطيئة أصلية

يفاجأ الكثير اليوم عندما يعلموا أن التقليد الكاثوليكي يرى أن شخصًا ثالثًا قد وُلد بدون خطيئة أصلية. هناك فرق بين ولادة القديس يوحنا المعمدان بدون الخطيئة الأصلية والحبل بالمسيح ومريم: على عكس الرب يسوع والسيدة العذراء، لقد حُبل بيوحنا المعمدان مع الخطيئة الأصلية، ومع ذلك وُلد بدونها. كيف يمكن لذلك ان يحدث؟

كان والد يوحنا زكريا، مثل والد مريم، يواكيم ، خاضعًا للخطيئة الأصلية. لكن الله لم يحفظ يوحنا المعمدان من وصمة الخطيئة الأصلية في الحبل به. لذلك يوحنا، مثلنا جميعًا، كان خاضعًا للخطيئة الأصلية. ولكن بعد ذلك تم حدَث عجيب. مريم، بعد أن أخبرها الملاك جبرائيل في البشارة، أن نسيبتها أليصابات، والدة يوحنا المعمدان، كانت حاملاً في كبر سنها (لوقا 1: 36-37) ، فأسرعت لزيارتها.

الزيارة، تروي الكثير عن الحالة الروحية لمريم ويوحنا المعمدان.

أعلن الملاك جبرائيل في البشارة أن مريم «مباركة بين النساء». وتكرّر أليصابات، المليئة بالروح القدس، تحية الملاك وتوسّعها: «مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك».(لوقا 42:1).

«ارتكض الجنين في بطنها».

تقليديا ينظر إلى “ارتكض” على أنه اعتراف يوحنا بحضور المسيح؛ يوحنا في رحم والدته، التي كانت مليئة بالروح القدس، كان هو أيضًا ممتلئًا بالروح، وتمثل “ارتكض” نوعًا من المعمودية. كما تفسّر الموسوعة الكاثوليكية في دخولها إلى القديس يوحنا المعمدان:

«فلما سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها، وامتلأت أليصابات من الروح القدس». كما لو كان يعترف بحضور ربّه. ثم أنجز الكلام النبوي للملاك بأن الطفل “يجب أن يمتلئ بالروح القدس حتى من رحم أمه”. الآن، بما أن وجود أي خطيئة، يتعارض مع سكن الروح القدس في النفس، يتبع ذلك أنه تم في هذه اللحظة تطهير يوحنا من وصمة الخطيئة الأصلية».

لذا فإن يوحنا، على عكس المسيح ومريم، قد صُوّر بالخطيئة الأصلية؛ ولكن ثلاثة أشهر قبل ولادته، تم تطهيره من الخطيئة الأصلية وامتلأ بالروح القدس، وبالتالي وُلد دون الخطيئة الأصلية.

لكن على خلاف المسيح والسيدة العذراء، التعليم الكاثوليكي لا يعتبر أن يوحنا المعمدان بقي متحرراً من الخطيئة طوال حياته؛ في الواقع، فإن احتمال قيامه بذلك بعيد تمامًا. على الرغم من الظروف الخاصة لتطهيره من الخطيئة الأصلية، بقي يوحنا المعمدان، مثل باقي البشر، تحت ظل الخطيئة والموت الذي تلقيه الخطيئة الأصلية على الإنسان.

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق