أشعلوا المنارة من جديد، فالمسيحية لم تمت!
استسلم ! كل شيء قد فُقد. اذهب واختبئ. لقد هُزمنا. المسيحية انتهت. عصرنا انتهى . أي شخص لديه عيون ترى سيوافق على ذلك. أعظم من الموجات، بل تسونامي يرتفع ضد الحياة، ضد المنطق، ضد الحرية وضد البراءة! رؤية مدّ الإجهاض القرمزي . مدّ الإسلام الأخضر . مدّ الشذوذ الوردي. مدّ الإباحية الأسود . والمزيج القاتل من جميع المذكورين، المدّ المتلألئ للصواب السياسي.
آتية بسرعة علينا، تلك الموجات الشريرة، مثل جحافل قوية من راكبي الأمواج، احتلّ العدو برلماناتنا، محاكمنا، جامعاتنا، مستشفياتنا، اتصالاتنا، مدارسنا وأعمالنا وحتى منازلنا. وماذا عن كنائسنا؟.. ليس هناك من يحمينا. شهداءنا رحلوا منذ زمن. معلّمينا وأطباءنا بكماء. عذارانا يستهزء بهنّ. قُداتنا خجلون او غير واثقون. ونحن… نحن ضعفاء. نحن أنانيون. نحن كسالى. نحن خائفون!
نرى رعايانا قد أهملت، كنائسنا تغلق وتُهدم ، معاهدنا الدينية والأديرة فارغة، مدارسنا الكاثوليكية فقدت هويّتها. انسحبنا بهدوء. تُركنا لنموت. دعونا نضمحل بطريقة نبيلة، بينما يبتسم لنا العالم:”وداعا، ايها البؤساء، وبئس المصير” وهكذا، ألا ينبغي لنا أن نيأس؟ ألا يجب أن نستسلم؟
لا! تلك هي الرؤية السطحية، وليست الرؤية السامية. إنه ما يقول لنا الجسد – وليس الإيمان. سنرى ما غاب عن أعيننا اللحمية ولكن ليس عن الروحيّة – وهذا ما سوف نراه:
سوف نرى بأننا ننتمى الى ذلك الذي ربح المعركة بالنيابة عنا، غلب يوم الجمعة العظيمة على جبل الجلجلة. هو رأسنا ونحن جسده السرّي، الكنيسة. هو رأسنا وباللاتينية ‘caput’ اي قبطان. وقبطاننا سوف يرجع قريباً بشكل مرئي. نهاية الأزمنة قريبة بالنسبة له فالألف سنة عنده كيوم واحد.
نحن ننتمي الى كنيسته، المنتشرة عبر الزمان حتى بقوة أعظم من عبر الفضاء. نحن على الأرض بالكاد نرى أطراف جيش المجاهدين والمؤمنين من كنيسته مع مجرّد 1.2 مليار من الأحياء . لكن أعداد أكثر بكثير هم النفوس في المطهر، الذين هم بالفعل قديسون وسيشفعون فينا حين ينتهي تطهيرهم. وفي السماء الآن، دون انقطاع مليارات القديسين وتريليونات الملائكة يتضرّعون امام الثالوث الأقدس تتقدّم جميعهم في الشفاعة أمّ الله الطاهرة الكليّة القداسة.
معهم، نحن جيش المسيح المقدّس. لا نزال على الأرض، نعم. ولكننا غير منسيين: نحن مُرسلون… لسنا متلكّئين في الخلف، نحن كشّافة مستطلعون… لسنا مؤخرّة الجيش، نحن طليعته! نحن جواسيس الله اللطفاء الودعاء!
جواسيس؟ بالفعل! تذكر كيف في العهد القديم، بعد 40 سنة من التيه في الصحراء، أرسل يشوع جواسيساً ليستطلعوا أرض الميعاد، أمام الجيش العبري، الذي بقي في شرقي نهر الأردن: “فأرسل يشوع بن نون من شطيم رجلين جاسوسين سرا، قائلا: «اذهبا انظرا الأرض وأريحا». فذهبا ودخلا بيت امرأة زانية اسمها راحاب واضطجعا هناك”. (يشوع 1:2)
كما وجد الجاسوسان ملجأ في بيت رحاب الزانية، التي حُفظت من أجل إيمانها حين وقعت أريحا، في المقابل نحن ننشر البشارة بين الجموع الغريبة.
نحن نميّز الذين لديهم النوايا الحسنة ونضع عليهم علامة الله، كي يخلصون، متى جاءت جيوشنا لتستولي على الأرض. نحن مبعوثي القوّات المحرِّرة. لدينا فقط القليل من الوقت للعمل على أن ينخرط أكبر عدد من الذين سوف يؤمنون بكلمة من أرسلنا، والذي يقودنا يومياً.
من نحن؟
لسنا وكلاء الخراب، لأن الشرّ هو فوضى والسلام الذي نجلبه هو هدوء النظام… نحن جواسيس الحبّ، تحت أنف الكراهية…
نحن جواسيس الحبّ، تحت أنف الكراهية…
نحن الذين نعمل على تهريب الرحمة… نحن الذين نحيك مؤامرة الحرّية… نحن من ننشر النعمة… قد نبدو ضعفاء وقلّة، لكننا نعتمد على دعم السماء. الملائكة والقديسون يسمعون لنا، نحن الذين في وادي الدموع.
حين تلمس ركابنا الأرض في سجود، ملايين الأيادي في الأعالي تنضّم معنا في الدعاء… حين تجتمع أيادينا في صلاة، مليارات الأجنحة تنتشر فوقنا لحمايتنا…
هكذا هي شركة القديسين. وكل المعمَّدين يحصلون على هذه القوّة العجائبية. جميعنا جواسيس للملك الأعظم في العلى، نُعدّ شعبه للتحرير الآتي. هذه هي وكالتنا المشتركة وبهذا فُوِّضنا من خلال المعمودية المقدّسة. وهذا هو عزّنا وشرفنا وفخرنا الأخوي!
فأضيئوا تألّقوا وأشعلوا نوركم حتى السماء! نحن نور العالم! ايّ ظلام سيغشى الأرض كلّها إن خفتت أنوار المسيحيّة.
نعم أشعلوا المنارة من جديد، فالمسيحية لم تمت!