من هي الطوباوية آن كاثرين إيميريك التي ألهمت رؤاها ميل غيبسون في فيلم آلام المسيح
هي راهبة أوغسطينية ألمانية حاملة سمات المسيح، ومتصوّفة وُلدت في عيد مولد العذراء القديسة في 8 أيلول 1774 في فلامسش، ألمانيا. توفيت في دولمن، 9 شباط 1824.
كان والداها فلاحّان، فقيرين جدا ومتدينين.حظيت منذ طفولتها بظهورات الكثير من القديسين ومرافقة ملاكها الحارس لها حتى مماتها. علمت منذ صغرها بأنها مدعوّة لدخول الدير لكن بسبب فقر والديها لم تتحقّق أمنيتها إلا عندما بلغت الثامنة والعشرين. قبل ذلك بأربع سنوات أي في عام 1798 بينما كانت تصلّي أمام المذبح والقربان الأقدس في الكنيسة، ظهر لها الرب يسوع يحمل في يده اليسرى إكليلاً من الزهور وفي اليمنى إكليل الشوك وسألها أيهما تختار. فاختارت إكليل الشوك الذي حملت أوجاعه الى يومها الأخير.
في عامها الثامن والعشرين دخلت الدير الأوغسطيني في دولمن، هناك كانت راضية بأن تُعامل على أنها الأحقر في الدير.
احتملت غيرة الراهبات اللواتي كنّ في انزعاج وحيرة من قواها الغريبة وصحّتها الضعيفة. وعلى الرعم من انخطافاتها في الكنيسة وفي خليّتها وحتى أثناء العمل، عاملنها بقسوة. وبالرغم من هشاشتها المفرطة، فإنها قامت بواجباتها بأمانة وإخلاص. عندما أغلق بونابرت الدير عام 1812 اضطرت للعثور على ملجأ في منزل أرملة فقيرة.
في 1813 أصبحت طريحة الفراش. وتنبّأت عن سقوط نابليون اثني عشر سنوات قبل حدوثه. حتى في طفولتها كانت الأحداث الخارقة بالنسبة لها أمر عادي جداً. وببساطتها ظنت جميع الأطفال الآخرين يتمتعون بنفس النعم التي تعيشها أي التحدث باعتياد مع الطفل يسوع، وباقي سكان السماء.
بطبيعتها كانت سريعة وحيوية وتتعاطف بسهولة كبيرة مع معاناة الآخرين. هذا الشعور غمر نفسها كلما شاهدت فقير أو مريض. وبالنتيجة جعلت تصلي وتعاني الكثير من أجلهم ومن أجل النفوس في المطهر التي في كثير من الأحيان كانت تزورها، وأيضاً لخلاص الخطأة الذين كانت تعرف بؤسهم. بعد فترة قصيرة من كونها طريحة الفراش أصبح سمات المسيح ظاهرة ، حتى علامات إكليل الشوك. حاولت دون جدوى أن تخفي جروحها كما أخفت لزمن طويل الصلبان التي انطبعت على صدرها.
تبع ذلك ما كانت تخافه، وصول لجنة أسقفية للبحث في أمرها، وحقيقة السمات المطبوعة على جسدها. وكان الفحص صارماً للغاية. النائب الأسقفي العام، أوفيربيرغ الشهير، وثلاثة أطباء ترأسوا التحقيق بعناية فائقة، وأصبحوا مقتنعين بقداسة “بيغين التقية”، كما كانت تسمى، وأصالة الجراحات. في نهاية عام 1818 استجاب الله لصلاتها الملحّة وأخفى السمات فلم تعد ظاهرة. وانغلقت الجروح في يديها وأرجلها، لكن الآخرين بقوا، وفي يوم الجمعة العظيمة كانت كلها تعود وتنفتح.
في عام 1819، أرسلت الحكومة لجنة تحقيق قامت بمضايقتها بشكل وحشي. مريضة حتى الموت ، تم نقلها قسراً إلى غرفة كبيرة في منزل آخر وأبقيت تحت رقابة صارمة ليلاً ونهاراً لمدة ثلاثة أسابيع، بعيدا عن جميع صديقاتها ما عدا معرّفها. في النهاية غادرت اللجنة دون العثور على أي شيء مشبوه.
في هذا الوقت زارها الشاعر الشهير كليمنس بيرنتانو، ولدهشته عرفته وأخبرته أن الله أشار إليه بأنه الرجل الذي سيساعدها على تحقيق أمر الله وهو كتابة رؤاها وما ستكشفه له لخير النفوس.
في عام 1833 ظهرت باكورة عمل بيرنتانو ونُشر للمرة الأولى كتابه الذي أسماه “الآلام المحزنة لربنا يسوع المسيح” وبعد ذلك تم نشر كتاب “حياة الطوباوية مريم العذراء” في عام 1852.
تخوض رؤى الطوباوية آن كاثرين في التفاصيل، في كثير من الأحيان تكون بسيطة، ولكنها تعطي حيوية وتحمل بقوة القارئ على الاهتمام بالمشهد المرسوم بوضوح أمامه كما لو أنه مرئي للعين المجرّدة.
بوصفها الرؤى، كانت آن كاثرين تسمح للحقائق بأن تتحدّث عن نفسها، ببساطة وإيجاز. تُبرز بوضوح وتميّز عجيب ومثير للإهتمام طبيعة المسيح البشرية والإلهية. انتشرت رؤاها بسرعة وهدوء في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها.. ومن الملفت للنظر بأنه الوحيدة تقريباً التي لم تُنتج جدلاً بين اللاهوتيين بل يتحدّث الجميع عن عظمة وروعة العمل.
توافق الكنيسة على نشر هذه الرؤى تعتبر وصفها للأحداث الإنجيلية صحيحة ولا يوجد فيها ما يعارض الإيمان والتعليم الكنسي.