من هو قائد المئة الذي طعن قلب يسوع على الصليب وأين هي الحربة المقدسة اليوم؟
يقول التقليد أن الجندي الذي طعن جنب يسوع المسيح بالحربة اسمه لونجينوس. أما الحربة المقدسة فتختلف الآراء حولها.
في روما القديمة، كان الصلب يعتبر وسيلة إعدام استخدمها الرومان ضد العبيد والخونة والمجرمين من الشعوب غير الرومان. أما المواطن الروماني فلم يُحكم عليه بالصلب فقد اخترعها الرومان لإذلال وتعذيب مواطني البلاد التي سيطرت عليها الامبراطورية. تتراوح المدة الزمنية لموت المجرم المصلوب من ساعات وحتى بضعة أيام، تبعاً لحالة الشخص وطريقة صلبه. لتعجيل الموت والتأكّد من أنّ الصلبان تكون فارغة قبل دخول السبت، اعتاد الجنود تحطيم وسحق عظام ساقَيّ المصلوب بقضيب حديدي. هذا الإجراء الوحشي يمنع الشخص المصلوب من استعمال ساقيه لرفع جسده حتى يقدر على التنفّس فيموت مختنقاً.
عندما تقدّم الجندي لونجينوس من صليب يسوع المسيح، لاحظ أنه قد مات، فرفض سحق عظام ساقيه. لقد أنارته نعمة الله، ليشعر بالتعاطف مع أم يسوع والنساء القديسات اللواتي كن حاضرات عند أقدام الصليب، ويتألمن من التفكير بأن يسوع لا يزال حياً يعاني من آلام رهيبة. أراد لونجينوس أن يريهم، أن يسوع قد مات بالفعل، لكي يهدأوا، ويخفف عنهنّ قليلاً. ولكي يُثبت لجميع الحاضرين أنه قد مات طعن جانبه بحربة مما تسبّب بتدفّق الدم والماء من الجرح تحقيقاً لنبوءة زكريا “في ذلك اليوم يكون ينبوع مفتوحًا لبيت داود ولسكان أورشليم للخطية وللنجاسة”. دون أن يدرك ذلك، كان لونجينوس أداة لتحقيق نبوءة. بحث عن الرمح الذي كان ملقى بالقرب ورفعه بكلتا يديه ، وطعن جنب ربنا يسوع المسيح. فأخترق الرمح قلبه الى أن وصل الى الجانب الأيسر.
رؤيا الطوباوية آن كاثرين إيميرك عن الحربة المقدسة
في العقود الأخيرة، تشهد الكنيسة ازدياد بعدد النفوس المضحّية، في جميع انحاء العالم. هم أشخاص يقدّمون حياتهم لله من أجل التعويض والتكفير عن خطايا العالم. يقبلون الخضوع لمعاناة وآلام هائلة محبّة بالرب ولخلاص النفوس. لأنه مع تصاعد الشرور والظلام في البشر، هناك حاجة ملحّة وكبيرة لنعمة الله.
ذكرت الطوباوية أن اسم الجندي لونجينوس، وهو قائد مئة، وشاب يبلغ نحو الخامسة والعشرين. ضعيف البنية وعصبي، وكان يعاني من مشاكل خطيرة في عينيه. كان متهوراً بشكل مفرط في كل ما فعل، ويعتبر نفسه ذو أهمية كبيرة، كان يحدّق بعينين نصف مغمضتين بسبب ضعف بصره، وكثيرا ما كان الجنود يسخرون منه، لضعف رؤيته وصحّته.
قالت الطوباوية آن إيميرك: “حينما اقتادوا الرب يسوع الى الجلجلة وهو حاملاً صليبه، كان لونجينوس يتبعه عن كثب، بحسب أمر بيلاطس. في الطريق رمقه الرب يسوع بنظرة لمست قلبه. بعدئذٍ رأيته على الجلجلة مع الجنود. كان يعتلي حصاناً ويحمل حربة. ثم رأيته مجدّداً في قصر بيلاطس، بعد موت الرب يسوع، قائلاً إنّه لا يجب أن تُكسر ساقَي يسوع لأنه قد مات. وعاد حالاً الى الجلجلة. كانت الحربة المقدسة مصنوعة من عدة قطع مركّبة معاً، بحيث يمكنه عند استعمالها أن يُطيلها بثلاثة أضعاف الطول الأصلي، عن طريق سحبها. فقام بفعل ذلك حالما وصل الى قراره الفجائي بطعن قلب فادينا المصلوب. ففاض من قلب يسوع الدم والماء فوقع منه في عينَيّ لونجينوس فشُفي للحال”.
وبحسب التراث كُلف لونجينوس واثنين آخرين بحراسة القبر وقد شهدوا على الأحداث التي سبقت وتلت القيامة. ولما أراد اليهود رشوتهم تركوا الجندية وهربوا إلى بلاد الكبادوك مسقط رأس لونجينوس بعد أن اعتمدوا على يد الرسل.
استشهد لونجينوس بقطع رأسه بحسب أمر بيلاطس بعد أن خضع لطلب رؤساء الكهنة الذين خافوا أن يفضحهم. تُعيد له الكنيسة في 15 آذار بعد أن أعلنت قداسته. (يُعتبر قديساً شهيداً في الكنيستين الكاثوليكية والأورثوذكسية).
أين هي الحربة المقدسة اليوم؟
هناك عدة كنائس تدّعي احتواءها الى الحربة. يعتقد البعض أنها في كنيسة في أنطاكيا مسقط رأس القديس لونجينوس. وهناك كنيسة في النمسا تعرض حربة على أنها الحربة المقدسة. وآخرون يقولون أنها في أرمينيا. والمكان الأخير هو الفاتيكان، حيث يُعتقد أن الحربة المقدسة محفوظة في روما داخل قبة كاتدرائية القديس بطرس ، على الرغم من أن الكنيسة الكاثوليكية لا تدعي صحتها و لم تنفِ وجود الحربة بين ذخائرها.