“رابي” رجل دين يهودي قادني الى أحضان الكنيسة الكاثوليكية والى فهم دور مريم العذراء في حياتنا
قسّ بروتستانتي يروي كيف ارتدّ الى الكنيسة الكاثوليكية من خلال حديثه مع "رابي"
كاهن ورابي دخلا مستشفى… قد تبدو كأنها بداية نكتة، لكن تلك اللحظة تمثّل بداية رحلتي نحو الإيمان الكاثوليكي. لدي أنا وزوجتي ثمانية أولاد وكنت قد رُسمت مؤخراً قسًّا أسقفياً (إحدى شيَع البروتستانتية)، وقد أعطاني قس الرعية أول مهمة لي كقسّ في كنيسته: أن أزور مريضة على وشك الخضوع لعملية جراحية في المستشفى المحلي. لم أكن أتصوّر أنه في هذا اليوم سألتقي بيهودي “رابي” وأن هذا اللقاء سيغيّر حياتي.
هل هناك خطأ؟
قدت سيارتي متوجّهاً نحو المستشفى، وبحوزتي كتاب الصلاة. حالما وصلت صعدت الى الطابق العلوي حيث غرف العمليات. كانت غرفة الانتظار مليئة بالناس. ذهبت الى الممرضة الجالسة عند مكتب الاستقبال، حييتها مبتسماً وقلت: “اسمي القسّ تايلور مارشال. وأنا هنا لرؤية السيدة جوانا سميث قبل أن تدخل غرفة العمليات.
“ممتاز. يمكنك الدخول من هناك ” وأشارت بيدها الى بابين مغلقين. “فقط ادخل الى هناك. طبيب التخدير موجود مع السيدة سميث الآن”.
كان واضح أنها تعتقد انني قد قمت بهذا العمل من قبل، لكن كانت المرة الأولى. ضغطت على الزر الذي فتح لي الباب ومشيت، وأغلقت الباب خلفي. لم يوقفني أحد. الطوق الأبيض الذي أضعه حول عنقي (الطوق الكهنوتي) فتح لي الأبواب!
أكملت طريقي إلى الغرفة التي يوضع فيها المريض في انتطار الجراحة. كانت غرفة كبيرة فيها ثمانية أسرّة. ابتسمت لي الممرضة المسؤولة وقالت:
“عفواً. هل يمكنني مساعدتك؟”
“نعم، أنا هنا لرؤية السيدة جوانا سميث”
“هي هناك، في السرير الأول. الطبيب المخدّر كان عندها منذ قليل. قد تكون نائمة”.
“لا بأس. أرغب بالصلاة من أجلها على أي حال”.
“ولكن أنا يهودية!”
مشيت بهدوء الى سرير المريضة، ورأيت أنها نائمة بالفعل. فتحت كتاب الصلاة على الفصل الخاص بالصلوات عند زيارة المرضى. ثم وضعت بدي بلطف على ذراع المرأة المريضة. فجأة فتحت عينيها والخوف ظاهر على وجهها. “من أنت!” يبدو أن التخدير لم يبدأ عمله بعد.
تفاجأت أنا أيضاً وأبعدت يدي عن ذراعها قائلاً: “إسمي الأب تايلور أنا هنا لأصلي معك قبل إجراء العملية لك”
ألقت نظرة واحدة على طوقي الكهنوتي وصرخت، “ولكن أنا يهودية!”
“أوه، أنا آسف، لا بد أنني أخطأت بالسرير ، كنت أبحث عن سيدة تدعى جوانا سميث”.
“أنا جوانا سميث”.
فكرت في نفسي: هل هذا نوعاً من المزاح التي يلعبها الكهنة الأكبر سناً على الكهنة الجدد؟ القس يرسلني في أول خدمة لي إلى المستشفى مع الكثير النصائح، ولكن يتجاهل أن يقول لي أن السيدة يهودية! اعتذرت مجدّداً وهممت بالانصراف.
“انتظر، أنا أعرفك”، قالت السيدة. “كنتُ في كنيسة القديس أندراوس مع زوجي قبل بضعة أسابيع، أنت ألقيت خطبة عن خلق آدم من التراب – وكيف يجب أن يكون الناس متواضعين لأننا جُبلنا من تراب الأرض، لقد أحببت عظتك”.
تذكرت العظة. كونها يهودية وجدت الجزء عن آدم مثيرة للاهتمام بشكل خاص وليس بالضرورة كلامي عن المسيح. ومع ذلك، أعادت إليّ مجاملتها ثقتي.
فسألتها: “حسنا، هل تريديني أن أصلي من أجلك قبل أن تذهبي إلى الجراحة؟”.
“أوه، أحب ذلك. شكراً جزيلا.”
وضعت يدي اليمنى مرة أخرى على ذراعها وصليت أن تبقى آمنة أثناء إجراء عمليتها. تركتها وقد أصبحت عينيها ثقيلتان وسقطت في نوم عميق.
“اذهب من خلال تلك الأبواب واتبع المدخل إلى اليسار إنها في السرير رقم واحد، وهي على وشك أن تذهب الى الجراحة”.
فكر الزوج للحظة. “امم، لا أعرف لماذا تسأل؟”
“حسنًا، كنت سأسأل جوانا عن اسم والدتها، لكنها كانت نائمة في الوقت الذي وجدتها”.
“لماذا تحتاج إلى معرفة اسم والدتها؟” سأل زوجها.
شفاعة الأمّ
أدركت على الفور المعنى الضمني للأمر: مريم مهمة لأنها حقّاً والدة ربنا يسوع المسيح وبالتالي أمّ الله. اختار الله هذه الإنسانة كي تكون الإناء البتولي الطاهر الذي سيحوي ابنه المتجسّد.
إن كنّا نؤمن أن شفاعة الأم لأولادها تجعل الله أكثر كرماً بالإستجابة، أفليس بالأحرى التوسّل لمريم والتشفّع بها أوجب ومستحق الإجابة أكثر؟
مريم ليست أمّ عادية. هي المخلوق الوحيد الذي يقدر أن يتحدّث الى الله الآب عن ابنهما. هنا صعقتني الحقيقة. تعبّد الكاثوليك لمريم العذراء لا تستند فقط على البراهين الكريستولوجية. التعبّد المريمي ليس مجرد عبادة تقوية للمسيحيين الأوائل. الكنيسة توقّر وتتشفّع بالأمّ السماوية لأنها ورثت التقليد اليهودي الذي يُظهر تبجيل وتوقير عميق لدور الأمّ الروحي في أسرتها.
مرحلة القبول
هذه التجربة فتحت أمامي طريق جديد لتقييم وتقدير المسيحية الكاثوليكية. سرعان ما تعلّمت أن اليهود يصلون من أجل الموتى. كذلك يفعل الكاثوليك. اليهود لديهم تابوت خاص في كنيسهم لإيواء كلمة الله. والكاثوليك لديهم بيت خاص في كنائسهم لإيواء كلمة الله المتحوّل الى جسد ودم في سرّ الإفخارستيا. جميع العناصر الرائعة من العهد القديم – الليتورجيات، الأيام المقدسة، الأواني، والمصابيح، والنذور، والطقوس، كلها تم الحفاظ عليها أو ملاءمتها في الكنيسة الكاثوليكية وأسرارها المقدسة.
في السنة التالية، بعد قدر كبير الدراسة والكثير من الصلاة والاستشارة، تخليّت عن خدمتي الكهنوتية التي كنت قد تلقيتها في الكنيسة الأسقفية. أدركت بقناعة أن الانقسام الانجليكاني في القرن 16، والإصلاح البروتستانتي بشكل عام، لا يعكس المسار الأصلي للعهد الجديد.
في المقام الأول، رأيت أن الكنيسة هي جسد المسيح وهيكل شعب الله. في العهد القديم، لم يكن شعب إسرائيل حرًّا في إنشاء “إسرائيل جديدة” أو تشكيل طائفة جديدة من “الإسرائيليين المصلحين”. وبغض النظر عن كيفية فساد الكهنة وكبار الكهنة وملوك يهوذا، فإن عهد الله ظل ساري المفعول. رأيت أن الإصلاح لم يكن سوى رفضاً تاماً لكنيسة موحّدة وواضحة، وأنا لا أريد أن أكون من أتباع من يرفضونها.
وفي منتصف العام، قبلتني الكنيسة الكاثوليكية انا وعائلتي في عداد أبنائها، لأنني أدركت أن وحدها الكنيسة الكاثوليكية يمكن تتبّع عقيدتها وطقوسها وتقليدها وأخلاقها إلى أصولها، الى “رابي” يدعى يسوع كان يجوب الأرض المقدسة مع مجموعة من التلاميذ اليهود يبشّر بالخلاص.