الشيطان لا يستطيع أن يركع! شهادة من حياة القديس الأب بيو
الشيطان لا يستطيع أن يركع!
تقول مريم ليسوع المصلوب: “رأيت الكثير من العيوب في السماء إلّا التكبّر. وفي جهنّم رأيت الكثير من الحسنات إلّا التواضع”
التواضع هو الباب الضيّق الذي يؤدّي الى السماء. الله يغفر جميع الخطايا برحمته اللامتناهية. ولكنه لا يجبر أحداً. إن كنت لتكبّري، لا أتزحزح عن خطيئتي، وإن تشبّثت بها ورفضت أن أطلب الغفران، فبذلك أحرم نفسي طوعاً من الرحمة المقدّمة لي وأحكم على نفسي بالعيش من دون الله.
يسرد الأب پيارينو غاليونه في كتابه “شهادة عن الأب پيو” حدثاً جرى في حياة الأب پيو كان هو له شاهد عيان:
“في هذا اليوم أصغى الأب پيو الى الإعترافات في سكرستية الكنيسة القديمة. وكان جالساً في زاوية من جهة اليمين بالقرب من الباب الذي يؤدي الى الكنيسة ويفصل بين الإثنين ستار. كنت أرى الأب پيو من خلال فتحة في الستار.
“كان كل من أن أراد أن يعترف ينتظر دوره في الصف. جلست مكاني أصلّي، وكنت أنظر بين الفينة والأخرى لأرى الأب پيو.
ثم دخل رجل من باب الكنيسة الأيمن، عريض المنكبين ذو إطلالة بهيّة. عيناه سوداوان وشعره أبيض نوعاً ما. يرتدي سترة داكنة وسروالاً مقلّماً. لم أرد أن أتشتّت وتابعت صلاتي.
إنما أمرني صوت داخلي : “توقّف وانظر!” فأصغيت وتابعت النظر.
“من دون أن ينتظر الرجل دوره، وبعد أن قام بخطوات ذهاياً وإياباً وقف تماماً أمام الفتحة في الستار. وفي اللحظة التي كان ينهض فيها الشخص الذي كان يعترف، فرض نفسه ووقف أمام الأب بيو بطريقة حجبت عني الرؤية. مرّت بضع دقائق ثم توارى ذلك الرجل فجأة، متباعد الخطوات، مباشرة عبر الطبقة الأرضية.
رأيت في اللحظة نفسها يسوع على الكرسي مكان الأب پيو. كان شاب أشقر وجميل. يتّكئ قليلاً على المتّكأ ونظره مركّز على الرجل المنجذب الى أسفل الأرضية.
“نظرت مجدّداً الى الأب پيو النازل من أعلى، يسترجع مكانه. وامتزجت ملامحه مع ملامح يسوع. ولم أعد أرى إلا الأب پيو الذي ما لبث أن دوّى صوته فوراً: “أسرعوا قليلاً!” لم يرَ أي من المنتظرين دورهم ما جرى واتّخذوا مكانهم.
“في السنة التالية، كنا جالسين على الشرفة نتحدّث. وكنّا نتساءل إن كان ممكناً للشياطين، بعد آلاف السنين وكما يؤكدّه البعض، أن يدخلوا الجنّة. كان الأب پيو يصغي بصمت. لكن توحي تعابير وجهه عن عدم موافقته على ما تقدّم. فسألناه رأيه، فأجاب:
“أتذكّر أنّي قرأت ذات يوم بأن كاهناً دخل السكرستيا ليصغي الى الإعترافات. فدخل رجل عريض الكتفين ذو إطلالة بهيّة. عيناه سوداوان وشعره أبيض نوعاً ما. يلبس سترة داكنة وسروالاً مقلّماً. تقدّم على جميع الذين ينتظرون دورهم ووقف أمام الكاهن ليعترف. فدعاه المعرّف المتواضع ليجثو ولكن أجابه الرجل: “لا أستطيع” .
خاله المعرّف مريضاً فراح يصغي الى اعترافه. ولكن فيما كان يصغي إليه، أدرك أن ذلك الشخص ارتكب خطايا العالم كلّها. فكّر ذلك المعرّف في قرارة نفسه “ثمّة شخص ارتكب خطايا العالم كلّها وشخص آخر حملها كلّها!”
بعد الإصغاء الى الإعتراف، تلا عليه عظة وطلب من جديد من ذلك الرجل الغريب الأطوار أن يجثو أو أقلّه أن يحني رأسه ليمنحه الحلّة. لكن أجابه الرجل بنبرة قاسية ومضطربة بعض الشيء: “لا أستطيع!”
قال له المعرّف حينئذٍ: “يا صديقي، عندما ترتدي سروالك في الصباح تحني رأسك قليلاً أليس كذلك؟”
نظر إليه الرجل نظرة غضب وكره وأجابه بغيظ: “أنا لوسيفورس. وفي مملكتي جهنّم لا ننحني!”
أنهى الأب پيو قصّته: “ما لم ينحنِ الشيطان وأتباعه أمام الله لذا لن يدخلوا مطلقاً ملكوت السماوات!” بعد قليل انسحب الأب پيو الى غرفته فسألته: “أبتِ، هذا الكاهن الذي كنت تتحدّث عنه، هل في الحقيقة هو حضرتك؟ في الواقع هذا ما جرى معك منذ عام في السكرستيا. أنا أيضاً شهِدت ذلك”.
كان الأب پيو حزيناً جداً وأجابني وهو يجهش بالبكاء: “أجل، هذا صحيح. هذا جرى معي، ولكن صحيح أيضاً أنه جرى مع غيري فقد قرأته بنفسي في كتاب آخر!”
أمر مشابه حدث مع القديس مقاريوس الناسك المصري.
ظهر له الشيطان يوماً ، وقال له:
– كل ما تقوم به أنت، أنا أيضاً أقوم به. أنت تصوم وأنا لا آكل البتّة. أنت تسهر وأنا لا أنام أبداً. أمر واحد أنت تستطيع فعله فيما أعجز أنا عن تنفيذه.
فسأله القديس مقاريوس:
– ما هو؟
– أن أتواضع!
تقول السيّدة العذراء في رسالتها الى ميريانا بتاريخ 2/7/2007 :
“أولادي الأحبّة، جئت إليكم في محبّة الله العظمى، لكي أقودكم على طريق التواضع واللطف. المحطّة الأولى على هذا الدرب هي الإعتراف. ضعوا كبرياءكم جانباً واجثوا أمام ابني. تطهّروا واقبلوا اللطف والتواضع. يستطيع ابني أن ينتصر بالقوّة، لكنه اختاره التواضع والحبّ. اتبعوا ابني وأعطوني يدكم لكي نتسلّق معاً الجبل ونُحقّق الإنتصار. شكرا”.