أربع نقاط عن الجمعة العظيمة والصليب نحن في حاجة للتأمّل بها خاصة في هذا الزمن الصعب
كأتباع ليسوع، علينا أن نحتضن الجمعة العظيمة، وذلك كأننا نقول علينا أن نحتضن العذاب والموت.
قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟» (متى 16)
فيما يلي أربع نقاط للتأمّل في الجمعة العظيمة:
1. الجمعة هو الطريق إلى الأحد.
يوم الجمعة العظيمة هو اليوم الذي نحيي فيه ذكرى صلب وموت يسوع، ولكنه أكثر من مجرّد التذكّر. هو دعوة إلى الصليب. نريد أن نحتضن القيامة، ولكن يسوع يدعونا إلى الصليب أيضا. كثيراً ما نسمع المقولة: «إنه يوم الجمعة، ولكن يوم الأحد قادم!» او «وراء كل جمعة حزينة هناك أحد القيامة». إذاً يوم الجمعة هو الطريق إلى يوم الأحد. لا يوجد أحد الفصح بدون الجمعة الحزينة أو جمعة الآلام. لا توجد قيامة بدون الصليب. فعلينا أن نُدرك ونحتضن الفكرة بأن هناك جمعة حزينة لنا جميعاً، وفي نهايتها هناك فرح ومجد القيامة.
2. كل إنسان لديه مشكلة مع الصليب.
إن فكرة الجمعة العظيمة هي التي تثير قلقنا. والمشكلة هي أن كل من قوّة المسيح وسلطانه وحكمته قادوه إلى الصليب، الذي هو إنكار وحشي لكل خير وصلاح فعله من قبل.
تساءل أولئك الذين رأوا سلطانه لماذا بدا عاجزاً في أعظم ساعات حاجته. وأولئك الذين رأوا حكمته تساءلوا كيف شخص حكيم للغاية يمكن أن يساء تقديره بهذا الشكل السيئ للغاية. هؤلاء الفريقين فاتهم ما قاله يسوع: «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ». (يوحنا24:12). لم تكن كلمات يسوع فقط هي بالأمثال، بل حياته كلها كانت مَثَل.
لم يكن الشعب في أيام يسوع وحده الذي لديه مشكلة مع الصليب. لشعب المسيح اليوم أيضاً مشكلة مع الصليب. بعض المسيحيين يريد المعجزات والسلطة. والمفكّرين والعلماء يريدون الحكمة والحقيقة.
«أول ما يقدمه الله لنا جميعاً هو الصليب. المؤمنون الأوائل سمّوا الصليب «حكمة الله وقوة الله». (I كورنثوس 1: 23-24). وهذا حجر عثرة أمامنا للنظر فيه اليوم: أن قوته وحكمته أدت به إلى الصليب.
علينا أن ندرك الحقيقة التي يوصلنا اليها الصليب: قوّتنا وحكمتنا غير كافية، وأن نكتشف حاجتنا الى الإعتماد فقط على وعد الله الآب.
3. يوم الجمعة يعني بداية التغيير.
يوم الجمعة العظيمة يتيح الفرصة لإعلان: «ما أن تصل إلى الصليب، فسيتغيّر كل شيء». العثرات والغباء تتحول إلى سلطان وحكمة. الصليب يُغيّر كل شيء. إذا لم يتغير شيء، فربما لم تصل بعد إلى الصليب.
عيد الفصح هو في الواقع عن القبر الفارغ. ولكن أولاً، هو عن الصليب.
الصليب قد لا ينسجم مع فكرتنا لكيف يجب أن تكون الأمور. فإنه لم يصلح في فكر أي شخص في زمن يسوع أيضاً. لكن الجمعة هو الطريق إلى الأحد. كان هو الطريق الذي سار عليه الرب يسوع وعلى هذا الطريق علينا نحن أيضاً أن نسير.
4. يسوع يبرهن لنا أن الإيمان أقوى من الظروف.
وعدنا الله بأنه لن يتركنا أبداً. لكننا لا نشعر بوجوده قربنا دائماً. أليس كذلك؟
على الصليب قال يسوع عبارتين: «إلهي، إلهي لماذا تركتني؟» «أبت، في يديك أستودع روحي».
كيف يمكن لهاتين العبارتين أن تتّفقا معاً؟ حتى عند موته أظهر لنا يسوع كيف نثق في الآب السماوي بالرغم من الظروف.
لقد تنبّأ يسوع مراراً عن موته وقيامته. التنبؤ شيء والذهاب الى الصليب عن رضى وبإرادة تامة شيء مختلف. لقد أخبر تلاميذه عن موته ثلاث مرات على الأقل. وقد احتضن هذا المصير بإيمان. كان يعرف ويثق بوعد الآب بالقيامة، مع ذلك، لا يزال هناك الموت الذي ينتظره. الموت هو الموت، حتى بالنسبة الى يسوع المسيح. كانت ثقته في وعد الآب هي التي جعلته يرهن ويخاطر بكل ما يملك، حياته!… كإنسان، أعطانا يسوع مثالاً في كيفية الثقة بالآب السماوي.
نسجد لك أيها المسيح ونباركك، لأنك بصليبك المقدس فديت العالم!