عبادة القلب الأقدس

قلب يسوع الأقدس – قصّة، تأمّل وصلاة (2)

قلب يسوع الأقدس – قصّة، تأمّل وصلاة (2)

قصّة

أُرسِل كاهن شاب كنائب خوري الرعيّة، إلى قرية كبيرة في محافظة بيمونتيه في شمال إيطاليا. ولكي يُشجّع أهلها على قبول سرَّي التوبة والقربان، بدأ يعظ عن عبادة قلب يسوع الأقدس، متحدّثًا عن “الوعد الكبير”. فبارك الله غيرته، حتى كان بعد ثلاثة أشهر، كان نحو ثلاثمئة شخص يتناولون أول يوم جمعة من الشهر.

في فترة عيد الفصح، حثّ الكاهن رجلًا ربّ عائلة على الانضمام إليهم، فأجاب:
“أعدك أني متى انقضت أشهر الصيف التي لا تحتمل فيها الأعمال الحقلية تأجيلًا، فسأبدأ في تناولاتي التسعة أول جمعة من تشرين الأول. كُن على يقين أني لا أمزح. فوعدي وعد جدّي. لأنّ الإقبال على هذه العبادة السهلة، مما يستحقّ الحهد لضمان الخلاص”.

واصل الرجل عمله في الحقول، وهو ممتلئ صحّة ونشاطًا، إلى يوم الثامن من شهر آب.
في اليوم التالي – وكان يوم الأحد – اضطرّ أن يلزم الفراش لأمر تافه في الظاهر. ولكنه نحو الساعة التاسعة مساءً، شعر برغبة قويّة في الاعتراف والتناول، فطلب استدعاء الكاهن بالرغم من عدم ظهور أي خطر يهدّد حياته.

تعجّب أفراد عائلته وحاولوا إقناعه بتأجيل الاعتراف إلى الغد، لأنّ حالته غير خطرة، وقد يكون في ذلك إزعاج للكاهن. أمّا المريض فقد ألحّ وبالغ في إلحاحه. تأثّرت أمّه العجوز وأقلقها قلبها الحنون، فقصدت إلى الخورنية تطلب نائب الكاهن، واعتذرت إليه عن إزعاجه في تلك الساعة وأعلمته بطلب ابنها المريض.

أسرع الكاهن الشاب برفقتها، فاستقبله المريض بابتسامة سرور وشكر وقال له:
“أتذكر أني وعدتك بمباشرة رياضة التسع جُمع إكرامًا لقلب يسوع الأقدس ولضمان الخلاص الأبدي؟ ولكن أقول لك الآن إني لا أستطيع أن أفي بوعدي. فقد قال لي قلب يسوع أن أرسل من يأتيني بحضرتك، ولأقبل في الحال الأسرار الأخيرة، لأني مُدنِف ومشرف على الموت”.

أقبل الكاهن عليه بمزيد العطف والحكمة، يُعزّيه ويُشجّعه على الثقة بقلب يسوع الأقدس. ثم سمع اعترافه وناوله الزاد الأخير. وفي الساعة الرابعة صباحًا عاد الكاهن إلى المريض، وكان لسانه قد اعتُقل بعد منتصف الليل وبقي مُعتقلًا.
ثم قبِل مسحة المرضى بورع وخشوع. ونحو الساعة الثانية بعد الظهر، انتقل إلى السماء ليُشيد بمراحم قلب يسوع.

كافأه يسوع على رغبته الصادقة في التناول أول يوم جمعة، بأن يسّر له موتًا سعيدًا. عند رؤيتهم ذلك، رغب أبو المتوفى وأمّه وزوحته وأخوه في تناول التسعة تناولات، لضمان خلاص نفوسهم الأبدي.

تأمّل

الله محبّة! والمحبّة هي الإتحاف. فالله قد أتحفنا بكل ما لنا:هوذا الخَلق!
المحبّة هي التعبير عن خواطر النفس. فالله قد تكلّم بالأنبياء وبابنه الإلهي عينه: هوذا الوحي!
المحبّة هي التشبّه بالمحبوب. فالله صار أخانا: هوذا التجسّد!
المحبّة هي التألّم في سبيل المحبوب. فالله ضحّى بنفسه على الصليب لأجلنا: هوذا الفداء!
المحبّة هي الإقامة الدائمة بالقرب من المحبوب. فالله معنا دائمًا: هوذا سرّ الإفخارستيا!
المحبّة هي الاتّحاد بالمحبوب اتّحادًا جوهريًّا – فالله يأتي إلى قلوبنا: هوذا التناول!
المحبّة هي إشراك المحبوب في ما يتمتّع به من سعادة: هوذا الفردوس!

يستحيل علينا أن ندرك مدى محبّة الله لنا. فلنتأمّل ما صنعه يسوع المسيح في سبيلنا:
كُنّا عبيدًا للشيطان، فجعلنا أبناء الله.
كُنّا مستوجبين جهنّم، ففتح لنا باب السماء
كُنّا كثيري الخطايا، فغسلها بدمه الثمين.

من أجلنا تخلّى عن سعادة الفردوس ومجده فتجسّد وتألّم ومات من أجلنا وقد جعل أمّه أمًّا لنا. لكن حبّه لم يقف عند هذا الحدّ. ولمّا لم يطاوعه قلبه في أن يتركنا يتامى على هذه الأرض، فإنه صنع أعظم معجزاته بإعطائنا نفسه في سرّ القربان.

إذا شئنا أن نقول بكلمة واحدة من هو يسوع، نعيد ما أجابت به يومًا إحدى الراهبات الساجدات للقربان الأقدس عندما سُئلت: “من هو يسوع؟” – “يسوع هو الحبّ!”

صلاة

يا يسوع، إني أومن بحبّك لي! فلك عليّ الفضل في كلّ ما لي وكل ما أنا عليه! حُبّك هو الذي أخرجني من العدم. حبّك هو الذي يحفظني بمعجزة متّصلة. حبّك هو الذي قرّب نفسه ذبيحة لأجلي على الجلجلة، ولم ينفكّ يُقرِّب نفسه كل يوم على مذابحنا.
حبّك هو الذي غسل مرارًا كثيرة جراحات نفسي، وغذّاني مرارًا كثيرة في القربان الأقدس، وأعدَّ لي جائزة مجد خالد في السماء.
أيها الحب غير المحدود الحيّ في قلب يسوع، عرِّف بك البشر، ليُحبّوك المحبّة التي ترغبها. آمين

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق